اغلق القائمة

السبت 2024-05-04

القاهره 06:42 م

أكرم القصاص

نحن نتعارك على تاريخ لم نقرأه.. «صلاح الدين» بين يوسف زيدان وأحمد مظهر

أكرم القصاص السبت، 13 مايو 2017 07:01 ص

فعلا ومن دون أى مجاملة نحن نتناقش على تاريخ لم نقرأه. ومن يقرأه يفضل قراءته بانتقائية وبشكل يتناسب مع آراءه المسبقة. نقول هذا بمناسبة الشتيمة والشتيمة المضادة حول صلاح الدين الأيوبى القائد التاريخى الذى هزم الصليبيين.
 
الدكتور يوسف زيدان كان يتحدث فى برنامج توك شو، وعرج على التاريخ، وأثناء حديثه عن صلاح الدين الأيوبى تناول الفترة التاريخية، وقال إن صلاح الدين الأيوبى منع تناسل الفاطميين. ثم وصفه بأنه «حقير».
 
طبعا قطاع من المعلقين انهالوا شتما مضادا على يوسف زيدان. غضبا من انتقاد صلاح الدين، والبعض ترك الموضوع وانهال على يوسف زيدان وقال إنه اعتاد إطلاق التصريحات الساخنة والخلافية من أجل الشهرة. فعلها مع الإسراء والمعراج أو غيره. ولا أحد ممن يتحدثون عن طلب الشهرة ينكر أن البحث عن الشهرة، إحدى صفات عصر الكاميرات والشاشات. والأعلى للمشاهدة هى الموضوعات الخلافية، التى تتضمن شتيمة أو معركة أو ضيوف يمسكون بتلابيب بعضهم. وربما ليس عيبا أن يبحث يوسف زيدان أو غيره عن طريقة لتسويق أفكاره.
 
مع التحفظ على طريقة يوسف زيدان فى توجيه شتيمة، وهو يتحدث فى موضوع تاريخى، لكن لا مانع من التوقف عند التاريخ، قليلا، البعض رد على زيدان من واقع فيلم صلاح الدين لأحمد مظهر ويوسف شاهين، بل أن قناة فضائية وجدتها فرصة لتعرض الفيلم الشهير. وحققت نسبة مشاهدة معقولة، يعنى استفادت.
 
بعيدا عن الفيلم فنحن نتحدث عن تاريخ يرجع إلى القرن الثانى عشر، وأغلب كتب التاريخ لهذه الفترة تعترف بأن صلاح الدين الأيوبى كان قائدا فذا، وسياسيا مناورا، صاحب ذكاء وحيلة، ونجح فى إزاحة كل العقبات أمام هدفه توحيد الدول القادرة على مواجهة العدوان الصليبى. بل إنه نجح فى خداع الفاطميين، وناور مع الصليبيين أنفسهم قبل أن يتمكن من استعادة وتجميع قواته. كل هذا يشهد بعقلية سياسية واستراتيجية بقوانين زمانها. طبعا لم تكن الدولة الأيوبية سياسيا واقتصاديا بنفس قوة الدولة الفاطمية، وهى التى فتحت الباب للمماليك وما بعدهم. وأيضا كانت هناك إجراءات انتقامية ضد الفاطميين وآثارهم. وتم إغلاق الأزهر لعقود طويلة. وبينما احتفظ المصريون بالكثير من العادات والمواسم والمظاهر الفاطمية، فقد بقيت القلعة أبرز آثار صلاح الدين.
 
التاريخ ليس مباراة، ولا يفترض أن نتعامل معه على طريقة الألتراس، أبيض أو أسود. ونحن لم نقرأ تاريخنا من قبل، ولا أحد منشغل إلا قليلا بقراءة التاريخ، وأغلب الشائع مصدره السينما أو الحكايات الشفوية. والتاريخ يكتبه المنتصرون غالبا، ويحتفظ الناس بصورة واحدة للقائد فهم إما يحبوه ويرفعوه إلى أعلى درجات العظمة، أو يخسفون به الأرض وينكرون عليه أى ميزة. بينما الطبيعى أن يتعامل الناس مع الزعيم بصفته إنسان له ميزات وعيوب، قرارات سليمة وأخرى خاطئة أو أن يكون قائدا عسكريا خطيرا وسياسيا فاشلا، والعكس. لكن اللافت فى كل هذا أننا نتعارك على تاريخ من عدة قرون، ولهذا ليس عجيبا أن نختلف حول التاريخ الحديث والقريب. ونعرف أن التاريخ لا يناقش بشتيمة يوسف زيدان، وأيضا ليس بفيلم أحمد مظهر.