اغلق القائمة

الإثنين 2024-04-29

القاهره 08:14 م

محمد أحمد طنطاوى

من يدافع عن "الحمير" فى مصر؟!

بقلم - محمد أحمد طنطاوى الأربعاء، 10 مايو 2017 09:00 م

اتصالات هاتفية مفاجئة من البلد فى الصباح.. أتردد فى الرد عليها، فغالبا ما تحمل "مصيبة" أو مشكلة كما تعودت من أهلى فى ريف بنى سويف البسيط، الذين يعولون على الصحافة الكثير والكثير.. وهذه المرة كانت مفاجأة، فقدت كانت أمى تتصل، وطبعا لم أتردد فى الرد على أم محمد، التى بادرت بالسلامات والتحيات والاطمئنان على صغارى "رنا وعمر"، ثم  بدأت تسرد تفاصيل أحدث عمليات السرقة التى تتم فى قريتنا الصغيرة "طرشوب"، التابعة لمركز ببا فى محافظة بنى سويف.
 
السرقات فى بنى سويف هذه المرة لم تكن خاصة بالمواشى أو المحاصيل الزراعية، كما تعودنا فى الصغر، عندما كان اللصوص يتسللون ليلا ويسرقون الجاموس والأبقار استغلالا للظلام، الذى كان يسود القرى قبل تطوير شبكة إنارة الطرق، قبل نحو 25 عاما، بل ظهر نوعا جديدا منها على أهلى فى الريف البسيط، فقد جاء من يذبح الحمير ليلا ويسرق جلدها وكبدها والجزء الخلفى منها ويترك الأشلاء لأصحابها فى الصباح ليستيقظوا على المصيبة.
 
من عاش فى الريف أو قضى جزء من حياته فيه، يعرف جيدا معنى أن يفقد الفلاح حماره أو بقرته، فكأنما فقد أحد أفراد عائلته، والبعض يبكى ويولول على فداحة ما فقد.
 
البكاء والصراخ تعالى فى القرية الصغيرة، بعدما فقدت 10 حمير دفعة واحدة على مدار يومين فقط، وطريقة تنفيذ الجريمة واحدة.. فالسارق ينتهز وجود الحمار فى الحقل، بعيدا عن ضجيج المنازل، ليرصده جيدا، ثم يجهز أدواته ووسيلة النقل المناسبة لذبح الحمار وسلخة والخروج به ليلا إلى مكان لم نعلمه حتى الآن!!
 
مازالت أمى تسرد المزيد من التفاصيل، خاصة وأن حمار ابن عمتى، تمت سرقته بنفس الطريقة السابقة، ومنزله يبعد عنا بأمتار قليلة، وقالت: "يابنى بيقولوا الجلود بتاعت الحمير بيصدروها، وبيدفعوا فى الواحد 5 آلاف جنيه، والكبدة بتتباع للمحلات فى مصر.. اوعى يا محمد تاكل حاجة فى المطاعم عندك".. أواجه بساطة أمى بضحكات متوالية، وأتذكر أن شر البلية مايضحك، فقد باتت الحمير هدفا للسرقة من قبل اللصوص، الذين تضاعفت جرائمهم مع زيادة الأسعار وتعويم الجنيه، واتجهوا إلى وسيلة النقل الأشهر والأهم للفلاح المصرى "الحمار".
 
الحمير المذبوحة فى "طرشوب" لا تسمع عنها أجهزة الدولة شئ ولا تعرف بها الشرطة، أو مديرية الأمن والمسئولين عن الضبط والربط، خاصة وأن الفلاح البسيط لا يتجه غالبا إلى قسم الشرطة للإبلاغ عن سرقة حماره، كما أن الخفير النظامى والعمدة، ومشايخ البلد وكل القيادات التقليدية الموجودة فى القرية لا تفزع غالبا لمشاكل الفلاح..!! إلا أننى أرى أن قضية ذبح الحمير وسرقتها فى طرشوب تستحق أن تبرزها وسائل الإعلام وتتابعها بصورة جادة خلال الأيام المقبلة.
 
الرسالة أوجهها إلى مدير أمن بنى سويف، وكل المسئولين عن الأمن فى هذه المحافظة، فعليهم أن ينقذوا قطار الفلاح، ويواجهوا هذه المافيا الجديدة التى تبيع لحوم وجلود الحمير، وتعبث برأس مال البسطاء، الذين لا يملكون من حطام الدنيا سوى حمار أو بقرة، وبضعة قراريط يزرعونها ليعيشوا.