اغلق القائمة

الثلاثاء 2024-04-30

القاهره 09:06 م

اليوم السابع داخل قرية بحر البقر

"الدرس انتهى.. لموا الكراريس" 47 عاما على مذبحة بحر البقر والدماء لم تجف". أمهات الشهداء يروين الذكريات الدامية.. الأهالى: دخلنا التاريخ من باب الكوارث.. والفلاحين نقلوا الأطفال فى جرارات إلى المستشفى

الشرقية- فتحية الديب - إبراهيم سعيد - تصوير ماهر إسكندر السبت، 08 أبريل 2017 01:06 ص

  محمد عبد المعطى: فضلت 22 يوم فى غيبوبة والرئيس عبد الناصر جاب لى حقنة من ألمانيا وأرسل لى 5 جنيهات فى جواب ميرى

 
 

 والدة الشهيد ممدوح: إبنى طلب ساندوتش قولت له تعالى فى الفسحة ولم يعد

 
 

 "رفعة مجاور": إبنى رفض أخد مصروفه ساغ قال لما ارجع ياماما ومارجعش تاني

 

"الدرس انتهى لموا الكراريس.. بالدم اللى على ورقهم سال.. فى قصر الأمم المتحدة.. مسابقة لرسوم الأطـفال.. إيه رأيك فى البقع الحمـرا.. يا ضمير العالم يا عزيزى.. دى لطفلة مصرية وسمرا.. كانت من أشطر تلاميذي"، ما زالت كلمات صلاح جاهين محفورة فى الأذهان، تذكر العالم بمذبحة تلاميذ مدرسة "بحر البقر" بمركز الحسينية بمحافظة الشرقية.

 

حيث لم نعرف أخبارهم إلا كضحايا للوحشية الإسرائيلية، التى قصفت طائراتها مدرستهم عام 1970 بخمس قنابل وصاروخين، حملتها طائرات الفانتوم الأمريكية لتمزق أجسادهم، فامتزجت أشلاؤهم ودماؤهم بالكراريس والكتب وساندوتشات قليلة فقيرة لم يمهلهم القدر لتناولها قبل المجزرة التى راح ضحيتها 30 طفلا شهيدا، بينما تركت بصماتها على أجساد 50 طفلا آخرين قضوا حياتهم بأجساد مشوهة ومعاقة.

 


النصب التذكاري لشهداء مذبحة بحر البقر
 

الحاجة نبيلة نجلي طلب سندوتش قولت له تعالي في الفسحة خده وقاللي مش راجع ياماما

هذا كل ما نعرفه عن مدرسة بحر البقر بالشرقية وعن طلابها الذين كانوا ضحايا للوحشية الصهيونية فى الماضى،"اليوم السابع" عاش يوما كامل داخل القرية وتجول فى أرجاءها ورصد العديد من المشاكل التى يعانى منها أهالى القرية، وتقابل مع أهالى الشهداء ومع المصابين الذين نجوا من ويل المذبحة.

 

فى طريقك للقرية تجد الحقول الخضراء والمزراعين فى أراضيهم منذ الصباح الباكر، يرون المحاصيل ويعزقون الأرض، ويتناولون الطعام فى الحقول، وفى المقابل من ذلك تشم بمجرد دخولك للقرية، رائحة كريهة للغاية هى رائحة مصرف "بحر البقر" الذى يروى منه الأهالى أراضيهم الزراعية، ويعانون من أمراض عديدة.

 

وأثناء تجولنا فى القرية لزيارة النصب التذكارى للشهداء، وجدنا الحاجة" نبيلة على محمد حسن" 74 سنة، والدة الشهيد" ممدوح حسن" 6 سنوات وقت المذبحة، تجلس على مصطبة على بعد 100 متر، من النصب التذكارى، الذى يحمل إسم نجلها الشهيد، وتتذكر تفاصيل المجزرة البشعة، إقتربنا منها، وتحدثت معانا، قائلا: منورين بحر البقر ياحبايبى، قريتنا دخلت التاريخ من باب الحروب والكوارث فقط، والمسئولين يتذكرونا فى ذكرى الضربة اللى شنتها إسرائيل على المدرسة وطول العام، لن نشاهد مسئول فى القرية.

أم الشهيد أعطيت نجلي صاغ مصروفه المدرسي رجعه لي وقال مش عايزه خاليه


النصب التذكاري بمدخل قرية 2 بحر البقر

وبالرغم من مرور 47 عاما على المذبحة البشعة، إلا أنها ذاكرة هذه السيدة المسنة لم تمحى منها صوت التدمير، فقالت والدة الشهيد "ممدوح" وحياة كتاب الله، صوت التدمير بتاع طائرات الفانتوم لن ننساه أبدا ولن يروح من ذكرتى، فزوجى توفى قبل المذبحة بأربعة سنوات، وترك لى 4 أطفال، ويوم المذبحة، جهزت الساندوتشات لأطفالى، لأنهم يذهبون لمدرسة بعيدة عن القرية، وقمت للقيام بأعمال الخبيز فى الصباح، وممدوح ياكبدى قالى "ياماما عايز ساندوتش أخده المدرسة" قولت له هخبز عبش وأجهز لك ساندوتش تعالى فى الفسحة خده، قالى مش راجع فى الفسحة، ومرجعش للأبد"

 

 وتابعت الحاجة "نبيلة":فجأة سمعت صوت غارة قوية،أسفرت عن تهشم نوافذ المنزل،من صوت الانفجار،وخرجت مسرعة لكى أبحث عن أطفالى،وعندما شاهدتهم حضنتهم، وحمدت الله أنهم بخير،ولكنها سرعان ما تذكرت، أن "ممدوح" كان بالمدرسة، فهرعت حافية إليه وجدته جثة وأحد الأهالى يحتضنه وسلمه لها، وأسرعت بيه على أمل أن الروح فيه، وفى الطريق حاول أحد الأهالى ايقاف سيارة سائق كان يعمل مع المروحوم زوجى، لكى تركب معه.

 

الحاجة نبيلة تقبل النصب التذكاري

وأضافت الحاجة نبيلة،: أخذت مع أطفالى الثلاثة الأيتام بالعربية، وبعد ما صعدت العربية "ربع نقل "شاهدت على الكرسى أطفال مصابين وأشلاء المجزرة، والسيارة بيها لحم ميت، بيقول "أه أه " وينازع  ويتألم، فخفت ونزلت من هول المنظر مع أبنائى، وأخذت إلى قرية المناجاة مسقط رأس والده ودفنته.

 

شقيقه أحد شهداء المجزرة: أخى عاد للمنزل ليأخذ "شلن" وفى طريقه للمدرسة وقع الانفجار

قالت الحاجة "سامية أحمد السواح "63 سنة،من أهالى قرية بحر البقر بمحافظة الشرقية،أنها لن تنسى،أصوات طائرات الفانتوم الصهيونية،التى قصفت فى صبيحة يوم الأربعاء 8 أبريل عام 1970، مدرسة بحر البقر الابتدائية،التى كانت تتكون من دور واحد، وتضم‏ ثلاثة‏ فصول، وعدد تلاميذها 130 طفلا، أعمارهم تتراوح من 6 أعوام إلى 12 عاما، ونسفت المدرسة المكونة من 3 فصول بواسطة خمس قنابل وصاروخين

 

وأضافت "سامية ": أنها كانت تبلغ من العمر 15 سنة،واستيقظت فى هذا اليوم، على صوت شقيقها "سعيد " الذى كان عمره وقت الهجوم 9 سنوات وكان بالصف الرابع الابتدائى بمدرسة بحر البقر،الذى عاد للمنزل بعد ذهابه للمدرسة لكى يطلب من والدنا أن يعطيه "شلن" لكى يعطيه للمدرس لكى يزين الفصل، مثل غيره من التلاميذ، وأخذ الشلن وفى طريقه للمدرسة، كان قد وقع الهجوم على المدرسة.

 


الحاجة نبيلة علي محمد والدة الشهيد الطفل ممدوح حسن


تلميذان أثناء زيارتهما للنصب التذكاري

وتابعت "سامية" أنها خرجت من المنزل حافية هى وأسرتها ووالدها، لمعرفة الأمر بعد شدة صوت الإنفجار، وأن والدها هرع إلى المدرسة يبحث عن شقيقها وسط التلاميذ وخاصة أن الصف الرابع بالمدرسة تم مقتل جميع التلاميذ بيه، وأثناء قيامها مع والدها بالبحث عن شقيقها، عثر عليه أحد الأهالى مغشيا عليه على بعد أمتار من المدرسة حيث لما كان فى طريقه للعودة إلى زملاءه بالصف الرابع الابتدائى، لكن القدر كتب له حياة جديدة ويعمل الآن موجه بالتربية والتعليم.

 

الحاج"محمد محجوب": نقلت عشرات التلاميذ ينازعون الموت فى جرار زراعى إلى مستشفى الحسينية

وقال الحاج محمد محجوب 61 سنة، الذى شهد المجزرة الإسرئيلية،وسالت دماء الأطفال الطاهرة على ملابسه، إنه بعد مرور 47 سنة على مجزرة بحر البقر، لم يطرأ على القرية جديد، وطالب المسئولين عن المحافظة بردم ترعتين بالقرية خوفا على حياة الأطفال من الغرق، وأن الدولة لم توفر حياة كريمة لأهالى بحر البقر رغم تضحياتهم.

 

وعن ذكرياته مع المجزرة، يضيف أنه يوم 8 أبريل لن يمحى من وجدانه بالرغم من مرور47 سنة على هذا اليوم، ولكنه ما زال يتذكر دماء التلاميذ الطاهرة التى سالت على ملابسه وأغرقتها، وأنه كان من أوائل الأهالى الذين ذهبوا إلى المدرسة وشاهد أثار التدمير بيها وأشلاء التلاميذ وقد تبعثرت فى الشوارع المجاورة للمدرسة، من شدة الصواريخ التى تم تدمير المدرسة بيها.،وأن الأهالى قاموا بوضع التلاميذ فى جرار زراعى لنقلهم إلى مستشفى الحسينية العام، وفى الطريق توفى مايقرب من 20 تلميذ، قبل وصولهم إلى المستشفى وتم نقل المصابين منهم إلى المستشفى.

 

الحاجة"رفعة مجاور" : إبنى رجع مصروفه ساغ قالى خاليه لما أرجع ياماما ومرجعش

وروت الحاجة " رفعة مجاور" 80 سنة ذكريتها مع المذبحة، قائلة: يوم الضربة على المدرسة، إستيقظ نجلى الشهيد" جبر عبد المجيد" 6 سنوات كان تلميذ بالصف الأول الإبتدائى، لكى يذهب للمدرسة، وخرج مسرعا ونسى يأخذ مصروفه اليومى، وكان عبارة عن "ساغ" فهرولت خلفه مسرعه، أعطيه "الساغ" قال خاليه لما أرجع من المدرسة أخده وإشترى حاجة حلوة بيه، ولكنه لم يرجع، حيث أنى تشائمت من ساعة ما رفض يأخد المصروف المدرسى.

 

"

محمد عبد المعطى" 22 يوم غيبوبة.. وحقنة ألمانية وخمس جنيهات من الرئيس عبد الناصر

وروى "محمد عبد المعطى" 65 سنة مزارع،وأحد الناجين من المذبحة، ما حدث له، فقال، عمرى وقت المذبحة كان 15 سنة، وكنت خرجت من التعليم لأساعد أسرتى، وذهبت للتعلم كصبى فى ورشة كهرباء، وقبل الحادث بيومين، قام معلمى بالورشة بضربى بمفك أصابنى فى قدمى، ومكثت يومان بالمنزل، إلى أن ورمت رجلى، ونصحنى أقاربى بالذهاب للمستشفى، وأثناء سيرى على الأقدام، للذهاب للمستشفى، وبالقرب من مدرسة بحر البقر، وقعت الضربة، ولم أشعر بنفسى إلا بعد 22 يوما من الحادث.

 

وتابع"عبد المعطى " قائلا: مكثت بمستشفى الحسينية 22 يوما، فى غيبوبة تامة، وفاقد الحركة، إلى أن أشترى لنا الرئيس عبد الناصر، 3 حقن من دولة ألمانيا لى و2 من المصابون، فأخدت الحقنة وفتحت عنيا فى الحال، وبعدها جاء لزيارة بالمستشفى الفنانين والمشاهير، وبعدها أرسل الرئيس عبد الناصر إلى "جواب ميرى بداخله 5 جنيهات تعويض.

 

وتابع" علاء عبد الدايم" أن قرية بحر البقر تضم أكثر من 20 الف نسمة، وتعانى من مياه الشرب فهى غير صالحة للإستخدام الإدامى، وأهالى القرية يشترون جركن المياه ب2 جنيه،

 

وناشد "عبد العزيز الخليلى" المسئولين، بضم كل قرى بحر البقر فى مركز يحمل إسم شهداء بحر البقر، وضع أسماء الشهداء على مدارس تحمل أسماءهم.

 

فيما أبدى "أحمد محمد" من أهالى القرية إستيائه من تجاهل وزارة الثقافة لمتحف القرية، وتركه مهملا، حيث يوجد بالمدرسة متحف لشهداء مجزرة بحر البقر ولم تهتم به وزارة الثقافة حتى الآن، رغم أنه يمكن أن يصبح مزارا سياحيا يبين بشاعة العدو الاسرائيلى.

 

قرية بحر البقر بالشرقية دخلت التاريخ من باب الكوارث والحروب

ويذكر أنه فى صباح يوم الأربعاء 8 أبريل 1970م فى الساعة التاسعة وعشرين دقيقة، كانت مدرسة بحر البقر على موعد لتدخل التاريخ من باب الكوارث، حيث قامت 5 طائرات إسرائيلية من طراز إف-4 فانتوم، تزن "1000 رطل" بقصف المدرسة وتدميرها على أجسام التلاميذ الصغار،وأسفرت الهجمات عن استشهاد 30 طفلا وقتها وبلغ عدد المصابين أكثر من 50 فيهم حالات خطيرة، وأصيب ومدرس و11 شخصاً من العاملين بالمدرسة.

 

 أسماء التلاميذ الشهداء

ومن أسماء التلاميذ الشهداء "حسن محمد السيد الشرقاوى"، و"محسن سالم عبدالجليل محمد"، و"بركات سلامة حماد"، و"إيمان الشبراوى طاهر" و"فاروق إبراهيم الدسوقى هلال"، و" محمود محمد عطية عبدالله"، و"جبر عبدالمجيد فايد نايل"، و" عوض محمد متولى الجوهرى"، و" محمد أحمد محرم"، و" نجاة محمد حسن خليل"، و" صلاح محمد إمام قاسم"، و" أحمد عبدالعال السيد"، و" محمد حسن محمد إمام"، و" زينب السيد إبراهيم عوض"، و"محمد السيد إبراهيم عوض" و"محمد صبرى محمد الباهى"، و"عادل جودة رياض كراوية"، و"ممدوح حسنى الصادق محمد".


الحاجة نبيلة تروي أحداث المجزرة التي تعرض لها نجلها

 


مدرسة شهداء بحر البقر الإبتدائية التي تم بناءها مكان المدرسة التي تعرضت لأثار الضربة


والدة الشهيد ممدوح حسن بشم رائحة نجلي في النصب التكاري

الحاجة نبيلة صوت طارئات الفانتوم لن يمحي من أذني حتي الأن

الحاجة رفحة مجاورة


أطفال من القرية

الحاجة رفحة والدة الشهيد جبر عبد المجيد

 


التلاميذ أمام مدرستهم بحر البقر

 


أحد الأطفال يجلس بجوار سور المدرسة

 


جانب من التلاميذ أثناء توجهم للمدرسة

 


التلاميذ يصطحبون بعضهم إلي المدرسة

 


التلاميذ يمزحون مع بعضهم قبل الدخول لفناء المدرسة

 


التلاميذ في طريقهم لمدرستهم

 


التلاميذ داخل المدرسة

 


الإبتسامة علي وجوه عدد من التلاميذ

 


عدد من التلميذات داخل المدرسة

 


التلاميذ أثناءدخولهم المدرسة للوقوف في الطابور المدرسي

 


التلاميذ في الطابور

 


تلاميذ مدرسة بحر البقر يحيون العلم

 


أحد أولياء الأمور يصطحب تلاميذه إلي المدرسة

 


تلاميذ يستعدون للدخول للمدرسة

 


التلاميذ يسرعون خوفا من التأخر علي الطابور المدرسي
 

تلميذ يهرول لدخول المدرسة لحضور الطابور

 


بعض التلاميذ أمام بوابة مدرسة بحر البقر
 

الحاجة رفحة تروي ذكرياتها عن المجزرة الإسرئيلية

 


النصب التذكاري الذي يقصد زوار القرية في ذكري المجزرة
 

مدرسة شهداء بحر البقر الابتدائية

 


صورة أخري لمدرسة بحر البقر

التلاميذ يتسابقون لدخول الفصول

 


التلاميذ أثناء الطابور المدرسي

 


الحاج محمد عبد المعطي أحد مصابي المجزرة.

 


النصب التذكاري لشهداء مذبحة بحر البقر