اغلق القائمة

الجمعة 2024-05-03

القاهره 06:43 ص

د. رشا الجندى

لا تعاتب المضغوط

بقلم - د. رشا الجندى الجمعة، 28 أبريل 2017 02:00 م

تتنوع ضغوط الحياة ما بين العاطفية، والمادية، والوظيفية، والوطنية، والصحية، وتحقيق الطموح ....الخ. فقد لا يجد أحدهم تشبعا عاطفيا من المحيطين، يفتقد أحدهم الأموال المطلوبة للحياة، يظل أحدهم دون وظيفة أو فى وظيفة لا تشبع ميوله واهتماماته واحتياجاته من التقدير المادى والمعنوي، وقد ينقص أحدهم الوطن أو الصحة أو الوصول لطموحه. وقد وقد وقد ولكن ، ماذا عن شعور الانسان فى مثل هذه الأوقات ؟ وهل يتحول الإنسان من شخصية إلى أخرى أم يظل كما هو عليه إن كان هاديء الطباع أو عصبى، إن كان كثير العطاء أو قليل ، ان كان محب للحياة او لا ، إن كان منظما فى منزله أو سيارته او وقته ؟ ماذا يحتاج من الآخرين فى مثل هذه الأوقات بالتحديد؟ كل ما سبق كانت تساؤلات كثيراً ما أثارت شغف علم النفس فى البحث والتعمق والتأمل والاكتشاف للحقيقة..
 
الإنسان فى الأوقات السابق ذكرها يسمى ( مضغوط ) . والضغط يعنى تراكم ما لا يرضى النفس بداخلها، تتصارع هذه التراكمات وتؤثر بالسلب الشديد على الصحة النفسية اذا افتقدت النفس ومن يهمها امرها من المحيطين بها لطريقة التعامل الصحيحة معها..
 
ولذا تم كتابة هذا المقال لعل القراء يتجهون بأذهانهم لمثل هذا الأمر الخطير..
 
عزيزى القاريء إن كثرت عليك الضغوط مهما كان نوعها فعليك اولاً بعدم كتمان ما تشعر به، لأن الكتمان يزيد من التأثير السلبى لهذه الضغوط على صحتك النفسية وبالتالى يفقدك الطاقة بالتدريج فيصيبك الاستسلام . أما التعبير عما بداخلك بالكلام او الكتابة او الرسم او الموسيقى او التمثيل او الرياضة.....الخ فهذا يعينك على كيفية التعامل الصحيح مع هذه الضغوط. 
 
بعد التعبير عما بداخلك عليك بتوطيد العلاقة الروحانية بينك وبين الخالق لان ما اصابك قد يكون احد أقداره عز وجل . وقد وجهنا لكيفية التعامل مع القدر غير المرغوب بالرضا والدعاء، فالدعاء يصارع القدر.. بعد ذلك عليك بأخذ اجازة قصيرة من مصدر الضغط ان كان بإمكانك والتواجد بقدر الإمكان مع من تهوى نفسك وترتاح بجواره ان استطعت ذلك..
 
أما المحيطون بالمضغوط فبسهولة يمكنهم التعرف على حالته من سلوكياته. فقد يكون من طابع الانسان انه هاديء ولكنه يتحول الى إنسان عصبى بشكل ملحوظ ومتكرر. وقد يكون من طباعه انه يسأل عن الآخرين وودود معهم ويتحول الى شخص منعزل. او يتحول من مبتسم ومتكلم الى صامت او من كثير الحركة الى فاقد للطاقة....الخ. فجميعها علامات تدل على ان هذه النفس ليست على ما يرام .. اذن فى هذه الحالة ان كنت حقاً إنسان وان كان يهمك امر هذه النفس، فعليك بعدم عتابها على ما هى فيه.. لان العتاب لم يجدى لك بشيء سوى بعدها عنك واستمرار سوء حالتها. وليس العتاب فقط ولكن الاهمال، السخرية، والنقد أيضاً ..
فلا تعاتب المضغوط فما عاد يمتلك امر تصرفاته.. وتأكد انه فى حالة ازالة الضغوط من حوله، سيعود الى افضل ما كان عليه..