اغلق القائمة

الإثنين 2024-05-06

القاهره 11:37 ص

تفجير إرهابى

محمد محمود حبيب يكتب: خدعوك فقالوا..جزاء من يفجّر نفسه 72 من الحور العين‎

الخميس، 20 أبريل 2017 10:00 م

لا أدرى ولن أدرى، لماذا يُصر المقلدون من الدعاة والباحثين فضلاً عن أصحاب الكتالوج الرجعى المتشدد على تغليل وتقييد العقول بترويج وتكرار عدة أحاديث وأدلة شرعية منكرة وباطلة ومختلف فى صحتها وثبوتها؟، وأعنى وأكرر وأقصد خارج الصحيحين وبعيداً عن إجماعات العلماء أو ثوابت الدين، فلقد خلا الصحيحين البخارى ومسلم من كثير من الأفكار الهدامة والمثيرة للجدل، فكان الأحرى أن يبدأ بها دعاة التحرر من النصوص، ولكنهم أغرقوا أنفسهم والأمة فى عدة أحاديث قليلة جداً فى البخارى، ومن بين الأحاديث الواردة خارج الصحيحين وغير المجمع على صحتها أحاديث جزاء الشهيد بأن له 72 من الحور العين وأحاديث عودة الخلافة والرايات السود (راية داعش) وهدم الكنائس وعدم ترميمها وتحريم إحداث كنائس جديدة فى البلاد الإسلامية (والتى اغتر بها الفقهاء القدامى فأفتوا بذلك)، وغيرها بسبب الاعتماد على أحاديث باطلة وواردة خارج الصحيحين البخارى ومسلم، (كما أوضحت فى آخر كتبى عن الخطاب الدينى والمصرحة من الأزهر).

ومن بين هذه الأفكار والمسلمات التى يكررها الدعاة المقلدين جزاء الشهيد، علما بأن كل شهداء الوطن الحقيقيين من رجال أمن ومسيحيين أبرياء لم يطلبوا ولم يحلموا بالحور العين، فلماذا يكرر الدعاة هذا الحديث، والذى تم اختلاقه فى فترات العزوف عن الالتحاق بالجندية فى فترات سابقة بعد عصر الصحابة تشجيعاً وتحفيزاً للفارين!، وأعنى الحديث الوارد فى المسألة وهو للشهيد ست خصال... ومنها أن يزوج من 72 من الحور العين، وبه عدة مخالفات واضحة تجعلنا نكرر على بطلانه وهذا هو التجديد الحقيقى والذى يستلزم نسف الحديث حتى لا يحلم به الراغب فى تفجير نفسه ومن هذه المخالفات:

1ـ الحديث غير مسلم بصحته، فلم يأت الحديث فى كتب السنة الصحيحة كالبخارى ومسلم، بل جاء فى كتب أخرى لم تشترط الصحة، وهذا الحديث لم يصححه أحد من العلماء إلا الترمذى ووصفه بالغرابة مع الصحة، والحديث ضعّفه علماء كبار كابن أبى حاتم وكذلك ابن القطان .

 2ـ الأنبياء لم يثبت أن لهم 72 من الحور العين، ولم يُفرق القرآن بين جزاء الشهيد فى الجنة وغيره فقال الله عز وجل " وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَداءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولئِكَ رَفِيقاً ". سورة النساء 69) فكيف يكون أجر الشهيد أعلى من الأنبياء؟

3 ـ وقوع اضطراب فى ألفاظه وعباراته ولعل أوضحها أن الخصال المذكورة فيه سبع وليس ست، والنبى (صلى الله عليه وسلم ) منزه عن هذا الخطأ، وهذا ليس رأيى الشخصى بل هو أمر لفت انتباه علماء قدامى، ففى هذا يقول الإمام القرطبى: " وقع فى جميع نسخ الترمذى وابن ماجة ست وهى فى متن الحديث سبع".

4 ـ ما اشتمل عليه الحديث يخالف جزاء الشهيد المروى فى الصحيح وعدم مطالبته ولا اشتهائه لأى شىء، فقال النبى عليه السلام كما فى صحيح مسلم برقم (1887) عن الشهداء" «أَرْوَاحُهُمْ فِى جَوْفِ طَيْرٍ خُضْرٍ، لَهَا قَنَادِيلُ مُعَلَّقَةٌ بِالْعَرْشِ، تَسْرَحُ مِنَ الْجَنَّةِ حَيْثُ شَاءَتْ، ثُمَّ تَأْوِى إلى تِلْكَ الْقَنَادِيلِ، فَاطَّلَعَ إِلَيْهِمْ رَبُّهُمُ اطِّلَاعَةً»، فَقَالَ: " هَلْ تَشْتَهُونَ شَيْئًا؟ قَالُوا: أَى شَيْءٍ نَشْتَهِى وَنَحْنُ نَسْرَحُ مِنَ الْجَنَّةِ حَيْثُ شِئْنَا، فَفَعَلَ ذَلِكَ بِهِمْ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، فَلَمَّا رَأَوْا أَنَّهُمْ لَنْ يُتْرَكُوا مِنْ أن يُسْأَلُوا، قَالُوا: يَا رَبِّ، نُرِيدُ أن تَرُدَّ أَرْوَاحَنَا فِى أَجْسَادِنَا حَتَّى نُقْتَلَ فِى سَبِيلِكَ مَرَّةً أُخْرَى، فَلَمَّا رَأَى أن لَيْسَ لَهُمْ حَاجَةٌ تُرِكُوا ".

5 ـ الحديث كان مصدره بلاد الشام وهو من قول أحد التابعين وهو مكحول الشامى، وهو ثابت عنه من قوله هو، وليس من قول النبى (صلى الله عليه وسلم) كما فى مصنف ابن أبى شيبة برقم (19467) ونقله عن مكحول بعض الرواة الضعفاء (من منطقة الشام وحمص) وهما إسماعيل بن عياش وبقية بن الوليد وعندهم ضعف وتدليس فنسبوه خطأ للنبى ( صلى الله عليه وسلم) وهو الحديث المشهور.

وأخيراً، فالحور العين (وبغض النظر عن طبيعة وكيفية استمتاع الرجال بهم، والتى لم يأت فيها أى تفاصيل ثابتة) فهى جزاء لكل المؤمنين بدون تخصيص الشهداء بهذا، وقد وعد الله أهل الجنة (بما فيهم المرأة) بأن يحقق لهم كل ما يتمنون، فيقول عز وجل فى سورة الزخرف "ادْخُلُوا الْجَنَّةَ أَنْتُمْ وَأَزْواجُكُمْ تُحْبَرُونَ (70) يُطافُ عَلَيْهِمْ بِصِحافٍ مِنْ ذَهَبٍ وَأَكْوابٍ وَفِيها مَا تَشْتَهِيهِ الْأَنْفُسُ وَتَلَذُّ الْأَعْيُنُ وَأَنْتُمْ فِيها خالِدُونَ (71) " ومن كمال القرآن أنه حافظ على حياء المرأة وعدم جرح مشاعرها، فلم يشر لرغبة المرأة أو لشهوتها، وهذا أعلى تكريم لها وليس تقليلاً من شأنها بل حفاظاً على حيائها.

حفظ الله مصر وشعبها ورئيسها وعلماءها....