اغلق القائمة

الإثنين 2024-05-06

القاهره 01:09 ص

سعيد الشحات

خلط الأوراق فى نقد الأزهر - «1»

بقلم سعيد الشحات الإثنين، 17 أبريل 2017 07:00 ص

أثناء زيارتى إلى سنغافورة الشهر الماضى، سمعت من السفير محمد أبوالخير سفيرنا النشط هناك، أن المسؤولين فى سنغافورة يتمنون زيارة شيخ الأزهر الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب إلى بلدهم، لأنهم يحترمون الأزهر ويجلونه ويرون فيه رمزا للاعتدال الإسلامى، ويثقون فيه كمؤسسة تعليمية دينية يفد إليه طلاب العلم من المسلمين فى هذه البلد التى يسكنها نحو خمسة ملايين ونصف مليون نسمة، منهم حوالى 15 من المسلمين.
 
أعيد ذكر هذا الكلام بمناسبة ارتفاع حرارة الهجوم على الأزهر هذه الأيام، والمفارقة أنه بينما يحظى الأزهر بهذه المكانة الرفيعة فى الخارج، ينفجر الهجوم ضده بتحميله مسؤولية الإرهاب والتطرف، واختلط الغث بالثمين فى وجهات النظر التى قيلت فى ذلك، وبدلا من طرح آراء بناءة تستهدف تطويره تطويرا حقيقيا، وجدنا من يستخف بدوره تاريخيا وكأنه لم يقدم شيئا له قيمة طوال تاريخه، وكأن كل ما يفعله هو تخريج دفعات متتالية من الإرهابيين والتكفيريين الذين يعبثون بمقدرات كل شبر من أرض مصر، وكأنه هو أيضا المسؤول عن الإرهابيين الذين يتخرجون من الجامعات المصرية الأخرى ودرسوا فى كليات القمة كالطب والهندسة، وكأنه هو المسؤول عن الإرهابيين الذين يحملون مؤهلات متوسطة.
 
سيقول البعض بأن على الأزهر، أن يشيع ثقافة التسامح فى الإسلام، ويشيع ثقافة الاعتدال ووسطية الإسلام، وهذا صحيح، ولكن هل هو وحده يتحمل مسؤولية الخروج عن هذا المسار؟ هل وحده مسؤول عن كل التخاريف التى يطلقها البعض ممن لم يدرسوا فيه، وكل مؤهلاتهم إطلاق لحاهم وحفظ عدة كتب من التراث وامتلاك القدرة على الحفظ والتحدث؟ هل يتحمل هو مسئولية إطلاق هؤلاء فى القنوات الفضائية لبث سمومهم؟
 
هل يتحمل مسؤولية إدخال الكتب إلى مصر بأبخث الأثمان منذ سبعينيات القرن الماضى وتواصلت فى السنوات التالية، وتدعو إلى التشدد والتطرف؟
 
ومن يريد أن يعرف حجم هذه الجريمة وحدها فليعود إلى قراءة مذكرات الدكتور عبدالمنعم أبوالفتوح ليعرف منها، كيف كانت هذه الكتب تأتى مجانا، ويتم توزيعها على نطاق واسع أثناء وجوده فى اتحاد طلاب كلية طب قصر العينى عضوا فرئيسا له ورئيسا لاتحاد طلاب جامعة القاهرة عام 1977، كانت لهذه الكتب تأثير بالغ على البنيان الفكرى لأجيال عديدة، وهناك من يؤكد بأن إدارة الأزهر وقتئذ كان لها دور بطريقة ما فى نشر هذه الكتب، غير أن ذلك كان يتم بتشجيع من القيادة السياسية وقتئذ للقضاء على الفكر اليسارى وسحب قواعده الجماهيرية.
 
فى سياق أسئلتى أيضا: أقول هل يتحمل الأزهر مسؤولية سيطرة تيارات متشددة وتكفيرية على عشرات المساجد والزوايا فى القرى والنجوع والمدن لسنوات طويلة؟ فمنذ سبعينيات القرن الماضى والسنوات التى تلت، كان من السهل الإشارة إلى المسجد الفلانى فى المكان الفلانى كمكان لسيطرة السلفيين، ومسجد آخر لسيطرة الإخوان، ومسجد آخر لسيطرة الجماعة الإسلامية، ومسجد لسيطرة الجهاد، والمسؤولية هنا كانت تقع على الحكومة التى تواطأت لتمرير كل ذلك، مما ترتب عليها تجهيز العقول للإرهاب فى المستقبل، فلا الأزهر كان بوسعه السيطرة على هذه المساجد، ولا هو مسؤول عن عدالة الأحوال خارج المساجد بما يؤدى إلى سيادة ثقافة الوسطية التى يتميز بها ديننا الإسلامى.
 
نعم يحتاج الأزهر إلى تطوير، ولكن النظرة إليه بمعزل عن المناخ السياسى العام هو استخفاف بالغ.. وغدا نتابع.