اغلق القائمة

الثلاثاء 2024-05-07

القاهره 10:17 م

سبيل أم عباس

بالفيديو.. "الآثار" غائبة.. يد الإهمال تحول "سبيل أم عباس" إلى "مزبلة"

كتبت: منة الله حمدى الجمعة، 17 مارس 2017 03:27 م

"الإهمال سيد الموقف"يلعب الإهمال دوراً عظيماً فى تدنى مستوى مصر الثقافى والتاريخى بين الأمم، فلا يوجد أثر تاريخى فى مصر أياً كان عهده إلا وطالته يد الإهمال،وكأن الهدف من ذلك اندثار تاريخ مصر وإخفائه للأبد.

يعانى "سبيل أم عباس"الكثير من التعدى عليه وهو صامت لا يشتكى همه إلا لله ،فقد أوشك الأثر على اختفاء معالمه الأثرية من شدة الاتساخ والأتربة التى تكسوه وتختبئ بداخل نقوشاته، لافته الخشبية تأكلت وتكاد أن تسقط من صدأ مساميرها، أما السور الحديدي الذى يحيط بالأثر فقد سرق بعضه،جدرانه لم ترحم حيث مليئت بملصقات الانتخابات البرلمانية التى أخفت بعض الشروخ بها، على أحدى جدرانه توجد ساعة عقاربها تساقت وأرقامها تلاشت من شدة اتساخها،أما البوابات فقلت أغلقت بالأقفال والجنازير وأغلقت معها أعين المسئولين عن ما لحق بالأثر.

لم تمر أى جهة من الجهات المعنية بالحفاظ على أثارنا بـ"سبيل أم عباس"الذى  يبعد عن حى الخليفة ببضع ميترات، ولماذا العجب؟! إذا كان الحى نفسه اتخذ من واجهة السبيل مكاناً لصناديق القمامة، حيث القاصى والدانى يضع فيها وعلى جانبيها قمامته بلا حرج .

يقع السبيل فى حى القلعة بقلب القاهرة عند تقاطع شارع الركبية وشارع السيوفية مع شارع الصليبة المؤدى لميدان القلعة، أنشأته أم عباس لتوزيع مياه الشرب على أهالى القاهرة و المارة وعابرى السبيل، حيث كان عدد كبير من أهالى القاهرة لم يكن يستطع تحمل الأعباء المالية التى تقدم للساقيين لإيصال المياه إلى منازلهم، بالإضافة إلى رفع العناء والمشقة وقسوة صيف القاهرة على الشعب،أنشأته السيدة "بنبى قادن" زوجة الأمير أحمد طوسون باشا ابن محمد على باشا وأم الخديوى عباس حلمى الأول الذى حكم مصر فى الفترة من 1848 وحتى 1854، واستعانت بمهندس تركى لوضع التصميم الخاص بالسبيل، مستخدمة الرخام الأبيض المزخرف بنقوش نباتيه من الطراز الأوربى ككساء للسبيل، كما زين السبيل بعدد من الكتابات ذات خط نسخي، بالإضافة إلى كتابة سوره الفتح كاملة بطريقه إطاريه عليا على الأضلاع الثمانية، والذى قام بكتبتها الخطاط التركى عبد الله بك زهدي، أما بقية النقوش على واجهة السبيل فتحتوى على آيات من القرآن الكريم ذات صلة بوظيفة السبيل.

ويتكون السبيل من مستوين المستوى الأول تحت الأرض وتوجد فيه الصهاريج التى كانت تستخدم فى تخزين المياه، التى تمد السبيل، وكانت تلك الصهاريج تملئ بعرفه ساقيين عن طريق نقلها فى "قرب جلديه" بمياه من أعماق النيل حتى تكون خالية من الشوائب، وكانت تلك المرحلة تتم فى شهر أغسطس من كل عام فى موسم الفيضان حيث تكون الشوائب فى اقل معدلتها .

أما المستوى الثانى كان فى منسوب الطريق العام، وهو عبارة عن حجره ذات ثلاث شبابيك، ويوجد فى صدر هذا السبيل لوحه من الرخام يسمى "الشاذروان" وهو ذات فائدة مزدوجة الأولى تبريد مياه الشرب والثانية تنقيه المياه من الشوائب إن وجدت، والثانى كان يتم تنظيف هذا اللوح الرخامى فى نهاية كل يوم وعقب إغلاق أبواب السبيل بعد صلاه العشاء.

وفيما يخص المياه فقد عرف أن تلك المياه المقدمة فى الأسبلة دائما مخلوطة بمواد عطريه مثل العنبر والورد أو الزهر وذلك للقضاء على أى عطن قد يلحق الماء جراء التخزين السنوى كما أنها تضفى على مياه حلاوة العطر فتنعش الشاربين.

هل لو كانت تعلم "بنبى قادن" زوجة الأمير أحمد طوسون باشا ما سيحدث إلى السبيل كانت أقامته بهذا الشكل الرائع، كيف لنا أن نحول مكاناً للماء الطهور الذى يروى العطش ويذيب حر الأشعة الحارقة إلى مكان مغلق لا يحوى بداخله سوى الأشباح وبخارجة أكوام القمامة.