اغلق القائمة

الأربعاء 2024-05-08

القاهره 12:36 م

إيمان رفعت المحجوب

ليس بصغار السن وحدهم

د. إيمان رفعت المحجوب الأحد، 05 فبراير 2017 11:00 م

قلتها مرارا؛ فأنا طبعا من المؤمنين بأن العمر لا ينتقص من الإنسان بل يزيده خبرة وفطنة، كياسةً وحكمة ما دام يتمتع بصحة جيدة؛ ويجب إعطاء كلٍ فى ذلك حقه من التقدير والمرجعية كى لا نكون نحن الخاسرين، ولا نكون بذلك نهدر طاقات وخبرات سنين لا تعوض ونحن فى ذلك أولى بالاستفادة منها، سأضرب مثلا أرى أنه ربما من حق الناس معرفته؛ شهادة عين أسجلها للتاريخ.
 
فقد كنت أرى والدى حتى بعد أن جاوز الستين ببضع سنوات فى كامل عافيته ونشاطه وحيويته لاسيما طاقته البدنية، وليس الذهنية فقط فقد كان يتفوق على كثيرين ممن كانوا يصغرونه سنا، وعلىّ أنا نفسى وأنا شابة فى عشريناتى؛ ولا أعنى فى ذلك ذهنيته الحاضرة الرهيبة وثقافته الواسعة، فهذا طبعا لا ينتظر منى شهادةً ولا هو موضع شك أو نقاش؛ ولكن كان يتفوق علىّ حتى بدنيا، وما كان يبهرنى أكثر ذاكرته الحاضرة وذهنه المتقد وطاقته الجبارة على الحفظ؛ ولم أك أنا أبدا بليدة أو كسولة، فقد كنت من المتفوقين الأوائل؛ ولكنه كان يتفوق على الكل، لم يكن ينس شيئا يقرأه أو واقعة يحضرها أو حضرها أو وجها رآه فى حياته، ولو لمرة، كان حاد الذكاء شديد الملاحظة سريع البديهة.
 
وكانت له ملكة القيام بعدة أعمال فى نفس الوقت، مرَّس على ذلك نفسه فكان بإمكانه أن يكتب شيئا أو يقرأ ويتابع حديث من حوله ويشارك فيه فى آن واحد، فلم يكن مُسْتَغْرباً بالنسبة لى أداء عصام الحضرى؛ وهو أكبر اللاعبين سنا على الإطلاق؛ وقد أنقذ المنتخب وانتصر لمصر فى لعبة تحتاج لياقة بدنية جِد عالية وليس فقط خبرة وتمرس، أقول هذا لمَّا رأيتنا فى هذه الأيام كثيرى النقد فى شأن السن، كثيرى الحديث عن الشباب دائمى المطالبة بإشراك الأصغر سناً دائمى جمعهم والإشادة بهم، والأخذ برأيهم فى كل وأى شىء أو عمل، معتبرين أنهم الأفضل باخثين الأكبر حقهم.
 
أنا لا أريد تجنيبهم أو إهمالهم ولا أبخثهم حقهم ولا قدرهم، ولكن لا يجب أيضا أن يحدث العكس، تخيل لو أننا أهدرنا قيمة فى جراحة القلب كدكتور مجدى يعقوب! أو لم نكن نسمع للأستاذ "هيكل" رحمه الله فى السياسة! انظر أين هو كيسينجر من كل الإدارات الأمريكية بلا استثناء، فيا ليت ما حدث فى لعبة الكرة يجعلنا نراجع أنفسنا فيما ترسخ فى أذهاننا من بعد ثورة يناير فى لعبة الحياة، ولتكن فرصة لنراجع الطريقة التى درج عليها الصغار منذ ذلك الحين فى تجاوز الحديث عن الكبار، قامات وخبرات تذخر بها مصر تراهم يتطاولون عليها يتهكمون ويسخرون منها، ولا يرجون لها وقارا، ولو شاؤوا بدلاً من هذا لاتخذوا منها مقاعد للسمع والدرس بل والطاعة، ولكن أخذتهم العزة بالإثم وتفاخروا على أصحاب الخبرة بالشباب، واستجبنا لذلك وهمشنا ولجأنا لمن دونهم فى الخبرة والتمرس فقط بدافع السن، بزعم أن هذا العصر عصر الشباب وكل ما يعنينا أن يقال إننا نستعين بالأصغر سنا ولا يعنينا أننا ضاربون بالخبرة والكفاءة عرض الحائط !!
عذراً فتلك نظرة سطحية جدا للتقييم ولن تقيم تقدماً ..