اغلق القائمة

الأحد 2024-04-28

القاهره 10:36 م

عنف زوجى - أرشيفية

عماد عبد الحى الأطير يكتب: المرأة بين سطوة الرجل وظلم المجتمع

الخميس، 02 فبراير 2017 08:00 م

لا تزال المرأة تعيش سجينة بين جدران الزوج فى بعض المجتمعات العربية، فلقد ذاقت المرأة الكثير من التجاهل فهى لا تخرج للعمل فى تلك المجتمعات باعتبارها تمثل خطرا على الرجل، بحجة أنها مصدر الفتنة التى يحرك شهوة الرجل، لذا كان لابد من تغطيتها تغطية كاملة من رأسها إلى قدمها، ولا يظهر من المرأة أى شىء لأن هذا يثير الرجل ويعتبرها الكثير من الرجال لعبة فى يده يحركها كما يريد.

 

فهو ينظر إلى المرأة على أنها خلقت لكى تشبع رغباته فقط دون النظر إلى رغباتها، ولابد أن تكون تحت أمره فى كل وقت وتحت أى ظرف، دون النظر إلى ظروفها، كما يهتم الرجل بنفسه وبإشباع رغباته فى العلاقات الحميمية دون النظر إليها، بينما الدين الإسلامى لم يقل ذلك بل على العكس الدين الإسلامى هو أول من اعترف بحقوق المرأة العاطفية من خلال أحاديث الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم، الذى أخبر العالم بأكمله من خلال أحاديثه أن للمرأة الحق فى الإشباع الجسدى ويجب ألا يقع الزوج على زوجته كالبهيمة بل يداعبها ويلاعبها ويلاطفها.

 

إن المرأة تعرضت للظلم فى بعض المجتمعات العربية كثيراً منذ بداية نشأتها وهى طفلة من خلال عملية الختان الذى يسلب منها شيئاً ثميناً بحجة تقليل الشهوة لديها، وكأنه ليس من حقها أن تنعم بحقها الشرعى فى المتعة، وكأن الرجل يقول لها ليس من حقك أن تشعرين باللذة مثلنا نحن معشر الرجال.

 

فكانت جميع الرسائل من الرجل إلى المرأة تشير إلى أن النساء ما هن إلا ألعاب نلعب بها، حتى مرورها بالزواج ومرحلة الأمومة فهى مسلوب حقها فى كل شىء، ويعتبرها البعض ناقصة عقل ودين، فالبعض يبحث عن العذراء فى الزواج التى لم يسبق لها خوض تجربة الزواج، وذلك خوفاً من المقارنات لأن المرأة المطلقة تستطيع أن تحكم على الرجل، لذلك فهم يبحثون عن العذراء التى لم يسبق لها الزواج لأنها لا تعلم شيئاً.

 

وكأن المرأة المطلقة لم يعد لها قيمة فى المجتمع وليس من حقها أن تنعم بالحياة، وارتبط اسم المطلقة بالمرأة سيئة السمعة، وتختلف نظرة المجتمع لها عن نظرة العذراء والزوجات التى تعيش فى بيوت أزواجهن وقد تجد الكثير من المطلقات أكثر احتراما من غيرهن، لكن هذه هى نظرة المجتمع، وهذا عكس ما جاء به الإسلام ولننظر إلى رسولنا الكريم الذى تزوج جميع زوجاته من النساء الثيبات ما عدا عائشة فهى كانت بكراً.

 

فلو نتبع سنة نبينا فعلاً علينا ألا نفرق بين المطلقة والعذراء، فالمهم هو أخلاقها وأدبها وفكرها وهل تصلح أن تكون زوجة وأم للأبناء أم لا، حتى الزوجة العذراء فى بعض البلدان والمجتمعات تعامل بغير آدمية من خلال ما يسمى بغشاء البكارة والقماشة البيضاء التى تخرج إلى الناس وعليها قطرات الدم التى تدل على طهارة الزوجة، فهل الغشاء هو الأساس فى طهارة المرأة، وهل قيمتها فى المجتمع العربى ينحصر فى هذا الغشاء، فالمجتمع الذكورى يحط من قيمة المرأة وينظر إليها على أنها خلقت من أجل أن يتلذذون بها، وحتى فى البلدان التى تشعر فيها ببعض الانفتاح لكن هو انفتاح فى اتجاه واحد وهو اتجاه الفسق وليس فى اتجاه يرفع من قيمة وعقل المرأة، فلا توجد نساء يتقلدن وظائف جوهرية فى تلك المجتمعات وليس لهن دور فى الرأى والنصيحة وهذا عكس ما كان ينادى به الرسول فكانت السيدة عائشة رضى الله عنها تشاركه الرأى وتراجعه فى بعض الأمور، وكان لها دور سياسى فى الحياة آنذاك وأفكار مضيئة.

 

يجب أن نعطى للمرأة حقوقها المسلوبة وأن تُعامل معاملة حسنة وأن نفسح لها المجال لكى تخوض مجال العمل وتُثبت نجاحها وذكاءها، ولا نعاملها من جانب الشهوة فقط، فنحن الذين ننظر لها نظرة دنية بينما لو تعاملنا معها على إنها شريكة فى المجتمع، ومن حقها أن تعيش بحرية وبدون مضايقات فستختلف النظرة إليها وسنقضى على ظاهرة التحرش المستفزة لحرية وكرامة المرأة.

 

لكن أعتقد أن هذا لن يحدث بسهولة لوجود أفكار وتراكمات كثيرة تحتاج إلى تغيير، لأن الأغلبية من مجتمعنا العربى أصبحت تهتم بالجزء السفلى أكثر من العلوى، وبالتالى أصبح الاهتمام منصب على الشهوة والمرأة.

 

إن المرأة فى حاجة إلى ثورة تحررها من قيود وسطوة الرجل ومن نظرات الشهوات التى تخترق أجسادها فى الشوارع وفى وسائل المواصلات، وأن يكون لها الحق فى أن تعيش بحرية وتتقلد الوظائف مثل الرجل وتكون شريكة فى العمل وفى الحياة وليس مجرد شعارات ورقية ليس لها أساس من الصحة فى الواقع الذى نعيشه.

 

أخيراً أنا لا أدعو إلى التبرج والتبجح للمرأة لكن أدعو إلى تغيير النظرة إلى المرأة، وأنها ليست شهوة أو فتنة أو شيطان رجيم يستحق الرجم، فهى الأم والبنت والأخت وهى نصف المجتمع وهى الجزء غير المستغل فى تطوير وتنمية المجتمعات.