اغلق القائمة

الثلاثاء 2024-04-30

القاهره 08:23 ص

شهيد

محمد أبو هرجة يكتب : تجربة عـــائد من الجحـــيم

الأربعاء، 06 ديسمبر 2017 10:00 م

ما بين قتيل وجريح مواطن أعزل ومجند جيش أو شرطة رأينا عشرات الضحايا تقع ويتساقط الشهداء من مختلف الأعمار على أرض مصر الطيبة كان آخرها استشهاد أكثر من ثلاثمائة مواطن فى مسجد الروضة بالعريش فى مشهد دامى مُرعب أصابنا بالحزن العميق من غدر هؤلاء القتلة الفجرة . هذه الدماء الطاهرة التى سالت على أيدى الإرهاب الأسود الذى لا يعرف الإنسانية. أصحاب الرايات السوداء الذين ليس لهم ملة ولا دين فمن يدمر الكنائس والمساجد ويعتدى على الإنسانية لا يمت للإنسانية بصلة فحتى الحيوان قد تجد فى تصرفاته الكثير من الرحمة.
تمويل دولى وصراعات على الهيمنة تتخذ الشرق الأوسط مسرحا للعمليات وتدعم بكل قوة الجماعات المتطرفة السوداء . صراع خفى أصاب المنطقة بالخراب والدمار وجعل رائحة الجثث تنتشر فى كل مكان حيث تُعلن حالة الحداد وتُنكس الاعلام .
تعانى الانسانية من الارهاب على مدار التاريخ فكما قلت أن الارهاب ليس له ديانة ولا يجوز أن تلصقه وسائل الإعلام الغربية والعالمية بالإسلام . فنتذكر معا إضطهاد المسيحيين وما تعرضوا له فى عصر الإمبراطورية الرومانية على يد دقلديانوس من أجل أجبارهم على العودة للوثنية ودفعوا الثمن بمئات الآلاف من الشهداء حيث سُمى هذا العصر بعصر الشهداء . 
وتمر الأيام وبعد دخول الإسلام نفسه و بعد وفاة الرسول عليه أفضل الصلاة والسلام وما حدث من فتن بدأت حتى فى عهد الصحابة وكيف كان قتل سيدنا عمر رضى الله عنه وسيدنا على رضى الله عنه و أيضا قتل سيدنا عثمان رضى الله عنه و أحداث الفتنة الكبرى .فلم يسلم حتى الصحابة من القتل وبيد من يعتقد أنه على صواب وغيره على خطأ .
ومرورا بسنوات طويلة تطور الإرهاب و تطورت أيضا الادوات والأسلحة وتكنولوجيا الاتصالات التى يعتمد عليها و التى تمتلكها الدول العظمى حيث تجد التحالفات واستغلال الأحداث وتحويل المنطقة إلى بؤرة ارهاب بعد مرحلة الثورات وسقوط أنظمة الحكم فكانت التنظيمات الارهابية فى إنتظار هذه الفرصة لتتوغل بكل قوة وعنف .
وكان من المهم أن نجد كتابا يتحدث عن الإرهاب بأسلوب جديد نسبيا مختصرا شيقا يخاطب الشباب بكل بساطة وبدون تعقيد أو ألفاظ ثقيلة عليه يصعب فهمها . كتاب يفضح أسلوب هذه الجماعات وكيفية غسل العقول الصغيرة و التى تتسم بالتسرع وقلة الخبرة والثقافة فيسهل تجنيدهم ليفقدوا مستقبلهم وصدر حديثا كتاب ( كنت معهم ) للكاتب صابر حسين خليل - الصادر عن دار ديير للنشر - من هذه النوعية التى تحدثت عنها بطريقة بسيطة وشيقة ومفيدة.
يتجول الكتاب مستعرضا حقبة هامة فى تاريخ مصر حينما ضرب الارهاب مصر بصورة عنيفة لم يسبق لها مثيل وتم التعامل معه أمنيا بنجاح ولكن لم يتم التعامل معه فكريا فلم نكن نسمع وقتها عن عبارة تجديد الخطاب الدينى التى نسمعها الآن وتنقية مناهج الأزهر وتفسير الآيات الجهادية تفسيرا سليما يبعدها عن شبهات التكفير أوإستغلالها من قبل الجماعات الارهابية لمصالحهم . وبمرور السنوات ودخول اللاعب الجديد وهو الانترنت ووسائل الاتصالات الحديثة أصبحت الأمور أكثر تعقيدا فى السيطرة على سلوك الشباب من الإنحراف إلى التشدد والتطرف فيناقش الكتاب هذه المرحلة بالتفصيل و كيف إستطاع هذا الشاب الخروج من هذه الدائرة الشيطانية الجهنمية . وكيف تمكن أن يُخرج من عقله هذه الافكار السوداء التى كادت أن تُنهى حياته وتدمر مستقبله . وكيف تُصنع الفتنة وكيف يتم الترويج لها . وكيف أن الجهل والفقر هما البيئة الخصبة التى تجعل الشباب يرتمى فى أحضان هذه الجماعات السوداء التى أقل ما يوصف أنها جماعات إجرامية إراهبية تريد الخراب والدمار وليس لها هدف آخر.