اغلق القائمة

السبت 2024-04-27

القاهره 10:00 م

عبد الفتاح عبد المنعم

هل تحرير الموصل وبنغازى والرقة هو حفلة الوداع الأخيرة لتنظيم داعش؟

بقلم عبدالفتاح عبدالمنعم الأربعاء، 15 نوفمبر 2017 12:00 م

أواصل قراءاتى للدور الأمريكى فى العالم العربى والإسلامى، وذلك استنادًا للدراسة الخطيرة التى تم نشرها من خلال مركز المستقبل وهو مركز سياسى مهتم بالشؤون الدولة والعربية طرحت الدراسة سؤالا جوهريا هو ماذا ينتظر العالم من داعش بعد هزيمته؟ حيث نواصل نشر سيناريوهات ما بعد داعش وتأثر الأمريكان بها السيناريو الرابع: اختفاء التنظيم.
 
ماذا يحدث لو قرر المقاتلون فى صفوف داعش التخلى عن التنظيم، أو الانتقال والتحرك لخلايا إرهابية بعيدة، ويصدق البعض أن فكرة الدفاع عن الخلافة المزعومة يؤدى إلى اتجاه معاكس عن الهدف المحدد للتنظيم، ليتعرض داعش لضربات عدة فى أكثر من جهة، ولا يستطيع مواجهة كل الأهداف، ويعد هذا السيناريو واردا، لاعتماده على رصد تعاملات الحكومات مع مواطنيها الذين انضموا إلى صفوف داعش.
 
السيناريو الخامس: الذئاب المنفردة.
 
هذا السيناريو مرجح الحدوث أيضا، وفى حالة مراجعة كل العمليات الإرهابية المنفردة لـ«الذئاب المنفردة»، نجد أن الأعداد فى تزايد مثل هجمات كاليفورنيا، وسان برناردو التى وقعت دون علم داعش، وأعلن منفّذو الهجمات انضمامهم للتنظيم وقتها، ويتوقع المحللون أن المشهد يصبح كالتالى، انحسار داعش من مناطق السيطرة، مع انخفاض الترويج والدعاية الدائمة للتنظيم، واختفاء اسم التنظيم فترة من الوقت عن وسائل الإعلام، ولكن فى الوقت نفسه تستمرّ الذئاب المنفردة فى تنظيم هجمات فردية تثير مخاوف بعض الدول.
 
إن تحرير الموصل وبنغازى والرقة لا يعنى بالضرورة حفلة الوداع الأخيرة للتنظيم، ولا يعنى وأد الإرهاب، فالخشية أن يكون السياق السياسى والأمنى الذى أحيا التطرف وأنعشه وسيّده على مناطق شاسعة، لا يزال هو هو، لا بل يجرى إمداده وتغذيته بكل المقويات والذرائع ليبقى على قيد الحياة، أو ليخرج برداء آخر فور توافر الشروط والمناخات، وهى أصلا لا تزال صالحة وملائمة وما أكثرها، فما الذى تغير فى العراق وسوريا وليبيا وفى الإقليم حتى تسحب من المتطرفين والمتزمتين حججهم والذرائع؟ وهل القوى التى أسهمت بوجود المشكلة يمكن أن تكون هى صاحبة الحل أو أنها ستنقل الصراع من مرحلة إلى أخرى، خدمة لغاياتها؟
 
ولكن هناك من يرى أن هناك أسبابا أخرى لتزايد الوجود العسكرى الأمريكى فى العراق؟
 
حيث يرى الباحث معمر فيصل خولى فى دراسة خطيرة حول أمريكا وداعش أن الجهد الدبلوماسى والعسكرى لإدارة الرئيس الأمريكى دونالد ترامب المنصبّ على العراق، يهدف بالتوازى مع انخراطها بشكل متزايد فى الحرب على داعش فى منعطفها الأخير، لتوفير البيئة المناسبة لمشاركة الولايات المتحدة الأمريكية بشكل فاعل فى ترتيب أوضاعها فى مرحلة عراق ما بعد داعش، وإعادة توزيع خارطة النفوذ داخله باتجاه تحجيم الدور الإيرانى والحدّ من تأثيراته، يشكل العراق أهمية كبيرة فى المدرك الاستراتيجى الأمريكى فهو ببساطة أعظم من أن تتم المخاطرة بفشله. فهو يحوى اليوم رابع أكبر كثافة سكانية فى الشرق الأوسط، فإذا سئمتَ من معاناة 23 مليون مواطن فى سورية، أو إذا كنت تقلق حيال تدفق النازحين ومن الملاذ الآمن للإرهابيين داخل البلاد، فحاول أن تتخيل كم سيكون الوضع أسوأ بكثير لو أضيف 36 مليون عراقى إلى المعادلة، وكاد هذا يحصل عندما سيطر تنظيم داعش على ثلث العراق فى يونيو عام 2014، إلّا أنّه تم تفاديه بشكلٍ أساسى بفضل الهجوم العراقى المعاكس بمساعدةٍ من التحالف الدولى بقيادة الولايات المتحدة، وسوف ينقسم العراق من جديد وسوف يظهر خطر آخر مماثل لـداعش، ما لم تبق الولايات المتحدة منخرطة فى تلك البلاد.
 
ويضم العراق أيضاً خامس أكبر مخزون نفطى فى العالم. فتخيل لو وقعت هذه الثروة فى أيدى نظامٍ مناهض للغرب ومدعوم من إيران التى تملك بدورها رابع أكبر احتياطى نفطى فى العالم، وقد عمدت الإدارة الأمريكية الجديدة إلى توجيه «إنذار» لإيران لدعمها للقوات الوكيلة لها وتوسيع نفوذها اللذين يزعزعان الاستقرار فى جميع أنحاء الشرق الأوسط، وليست هناك أى دولة فى الشرق الأوسط يكون فيه هذا الصراع أكثر إلحاحاً، مما هو عليه فى العراق، فمنذ انسحاب الولايات المتحدة من العراق فى ديسمبر 2011، تفاقم النفوذ الإيرانى فيه بشكلٍ ملحوظ. فالفصائل المسلحة العراقية الشيعية المدعومة من إيران تنفّذ السياسة الخارجية الخاصة بها، وتعمل كجحافل أجنبية إيرانية فى سورية، وقام بعض هؤلاء الوكلاء على غرار كتائب حزب الله وعصائب أهل الحق، بإعادة تسمية أنفسهم كـ«وحدات الحشد الشعبى»، وهى عبارة عن متطوعين فى الحرب ضد داعش، إلا أنّ هدفهم الحقيقى هو استمرار القتال إلى ما بعد تحرير الموصل وتشكيل فرع عراقى دائم لـ«الحرس الثورى الإسلامى» الإيرانى.
 
وإذا تم إضعاف المعتدلين السياسيين فى العراق مثل رئيس الوزراء حيدر العبادى من قبل هؤلاء الوكلاء الإيرانيين، فسيعود العراق وينزلق ببطء فى حربٍ أهلية كتلك التى تشهدها سورية، وسوف يملأ داعش أو خلف له هذا الفراغ، وسيخسر العراق جميع مكاسبه من العامين المنصرمين، وسيدفع الوكلاء الإيرانيون الولايات المتحدة الأمريكية إلى خارج العراق، وبالتالى سيتم فقدان القدرة على المنع بصورة مباشرة إعادة ظهور ملاذ آمن جديد للإرهابيين فى قلب الشرق الأوسط.. يتبع.