اغلق القائمة

الأحد 2024-04-28

القاهره 08:03 ص

أكرم القصاص

«الصناعة» و«المنافسة» و«الفينيش».. والممكن المستحيل

الأحد، 08 يناير 2017 07:03 ص

حتى لو لم يكن الواحد خبيرا فى الاقتصاد، سوف يشعر بتأثيرات أى قرار اقتصادى على حياته، وعلى الأسعار والاستهلاك، ولا يمكن للمواطن أن يشعر بصحة ما يطرحه المسؤول عن تحسن اقتصادى، ما دام لم يشعر بتأثير مباشر على حياته وأسعار السلع. ومنذ بدأ الحديث عن العولمة، كان هناك طرح يشير إلى أن الاقتصاد العالمى كله سيكون قطعة واحدة، والمنافسة لصالح الأكثر قدرة على تسويق منتجاته، والجودة والسعر.
 
لهذا فإن الصراع واضح دائما بين أنصار الاستيراد، وأنصار الإنتاج المحلى، أنصار الاستيراد يطرحون فكرة أن السلعة تأتى عبر البحار وبجودة أفضل وسعر أقل من المحلى، لكن هؤلاء يتجاهلون أن استمرار الاستيراد ينزح الاحتياطى النقدى، ويمول الصناعات عبر البحار، بينما يحرم المنتج المحلى من تمويل يساعد على توسيع الاستثمار.
 
وسادت، خلال عقود، فكرة أن الصناعة ليست مجدية اقتصاديا، ويدللون على ذلك بأن ملابس مستوردة أو لحوما ودجاجا تصل من أقاصى الأرض وبسعر أقل مما هو مطروح محليا، ويضربون مثالا بالملابس المستوردة، التى تباع أرخص من المحلى، المنتجون فى قطاعات الغزل والنسيج يقولون إن تكاليف الصناعة فى مصر أعلى، فضلا عن غياب العمالة الفنية.
 
بالطبع هناك مبالغة فى الأسعار، والدليل أن الملابس الجاهزة من إنتاج شركات المحلة والعامرية، وشركات القطاع العام لاتزال بجودة عالية وأسعار معقولة، وأن قميصا مصريا من القطن أو الكتان يقل بمقدار النصف عن مثيله المستورد، والمشكلة دائما فى التسويق، حيث تفتقد الشركات المصرية التسويق الجيد، فضلا عن بعض العيوب فى التقفيل النهائى «الفينيش»، وهى عيوب بسيطة تحرم السلعة المصرية من المنافسة، بالرغم من تفوق المنتجات القطنية المصرية على مثيلاتها الصينية أو التركية.
 
وما يقال على المنسوجات يطرح فى صناعة الجلود، حيث تغزو الأحذية والشنط الأسواق، بالرغم من عدم جودتها، فنفشل فى المنافسة، أيضا فيما يتعلق بأعلاف الدواجن والثروة الحيوانية، وهى صناعات خاماتها متوفرة لدينا، ومع هذا نعتمد على الاستيراد.
 
وفى ظل العودة إلى التأكيد على الصناعة كمجال حيوى للمنافسة، لا مفر من أن تتضمن خريطة الاستثمارات صناعات يحتاجها السوق، وتستنزف العملات والاحتياطيات، رغم أنها ممكنة، ويمكن أن تدخل ضمن الصناعات المتوسطة والصغيرة، لفتح مجالات للشباب، مع منحهم فرصة التدريب والاطلاع على دراسات وإدارة هذه المشروعات، وهو دور يفترض أن تقوم به الوزارات الاقتصادية والمؤسسات المالية والمصرفية، وسوف تربح وتفتح مجالات للعمل من داخل الصندوق، ليصبح المستحيل ممكنا.