اغلق القائمة

الجمعة 2024-05-03

القاهره 02:20 م

فاطمة ناعوت

رسالة إلى شيخ الأزهر من مصرى مسيحى «2»

بقلم - فاطمة ناعوت الأحد، 29 يناير 2017 10:00 ص

نشرتُ هنا يومَ الأحد الماضى، فى نافذتى الأسبوعية، بجريدة «اليوم السابع»، الجزءَ الأول من الرسالة التى أرسلها لى طبيبٌ مصرىًّ يعيش فى كندا، من أجل أن أرسلها بدورى إلى فضيلة شيخ الأزهر، الدكتور أحمد الطيب. ولأن ما على الرسول إلا البلاغ، فإننى أقوم بدورى كاملًا غير منقوص فى نقل الرسالة يدًا بيد، دون أدنى تدخّل منى فى مضمونها لا بالزيادة ولا بالنقصان، طامحةً فى أن يقرأها مَن أُرسلت إليه، ومَن يعنيه الأمر. واللهُ، وإفشاءُ السلام والمحبةُ، من وراء القصد.
 
فى الأسبوع الماضى، وصلنا إلى الملاحظة رقم «3» من الرسالة، التى خلُصت إلى نتيجة تقول إن «النصرانية» تختلف كُليًّا عن «المسيحية»، وإن القرآن الكريم يرفضُ ويُحرّم هرطقاتٍ يرفضها المسيحيون أنفسُهم، مثلما يرفضها الإيمانُ المسيحىّ ولم ينادِ بها مطلقًا، والعهدةُ دائمًا على كاتب الرسالة ومرسلها لى: الدكتور هانى شنودة/ كندا. وإليكم الجزء الثانى:
 
4 - استنكر القرآنُ الكريم أن يكون لله ولدٌ كما جاء فى الآيتين: “بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ أَنَّى يَكُونُ لَهُ وَلَدٌ وَلَمْ تَكُن لَّهُ صَاحِبَةٌ وَخَلَقَ كُلَّ شَىْءٍ وَهُوَ بِكُلِّ شَىْءٍ عَلِيمٌ»، الأنعام 101، «أَنَّهُ تَعَالَى جَدُّ رَبِّنَا مَا اتَّخَذَ صَاحِبَةً وَلا وَلَدًا». 
 
الجن 3. تفسير الآية الأولى دليلٌ ساطعٌ واضحٌ قاطعٌ حاسم على أن البنوّة التى يستنكرها القرآن هى بنوة تناسلية. يقول الطبرى: «الولدُ يكون من الذكر والأنثى». ويقول الزمخشرى: «الولادة من صفات الأجسام». ويقول ابنُ كثير: «الولد يكون متولّدًا بين شيئين متناسبين». ويقول البيضاوى: «الولد ما يتوّلد من ذكر وأنثى متجانسين». والله سبحانه وتعالى مُنزهٌ عن الُمجانسة. إذن فالقرآنُ الكريم يستنكر بُنوةً تناسلية لا تعرفها المسيحية، وإنما كانت تعرفها هرطقةٌ كانت موجودة فى الجزيرة العربية فى القرن السابع الميلادى، سمّاها القرآن: «النصرانية». من ناحية أخرى يتضح من التعبير: «اتخذ»، وجود الولد قبل اتخاذه. أى أن المسيح عليه السلام كان موجودًا بالجسد قبل أن يتخذه الُله ولدًا له. وهذا لا تقول به المسيحيةُ على الإطلاق. ومرة أخرى، يشير هذا بجلاء إلى أن القرآن الكريم يتحدث هنا أيضًا ومن جديد عن «الهرطقة» التى دُعى أصحابُها بالنصارى ولا يتحدث عن الرسالة المسيحية كما يعرفها المسيحيون.
 
5 - القرآنُ الكريمُ يستنكر تثليثًا غريبًا على المسيحية، لم تقله ولم تُقرّ به. جاء هذا فى سورة المائدة: «وَإِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِى وَأُمِّىَ إِلَهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ قَالَ سُبْحَانَكَ مَا يَكُونُ لِى أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِى بِحَقٍّ إِنْ كُنْتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ تَعْلَمُ مَا فِى نَفْسِى وَلَا أَعْلَمُ مَا فِى نَفْسِكَ إِنَّكَ أَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ». المائدة 116.
 
وليس هناك أدنى شكّ فى أن الأمهات من كتب التفسير فى تناولها لهذه الآية تتكلم عن آلهةٍ ثلاثة، هم: الله- المسيح- مريم. وهى بدعةٌ نُصرانية، وليست مسيحية، وُجدت فى الجزيرة العربية وقت ظهور الإسلام، قبل 1400 عام، وليس للمسيحية أدنى علاقة بها، من قريب أو من بعيد. فالقولُ فى الآية بالغ الوضوح: «إلهين من دون الله»، أى أن هناك «ثلاثةَ» آلهة، أو إلهين إلى جوار الله! حاشاه الواحد الأحد. وهذا ما لا يقوله أى مسيحىِّ على الإطلاق، ولا يُقرُّ به الإيمانُ المسيحىّ. إن القرآن يتكلم عن تثليث لا تعرفه المسيحية.
وللرسالة بقية.