اغلق القائمة

الثلاثاء 2024-04-30

القاهره 04:13 ص

ميريل ستريب

ناهد زيان تكتب: ميريل ستريب الأسطورة الناعمة

الجمعة، 13 يناير 2017 10:00 م

تابعت بمتعة بالغة حفل توزيع جوائز الجولدن جلوب الرابع والسبعين على قناة Dubai One مساء الاثنين 9 يناير 2017. والجولدن جلوب أو الكرة الذهبية هى جائزة رابطة هوليود للصحافة الأجنبية وتحظى باهتمام وشهرة ومكانة مرموقة لدى صناع السينما والمسلسلات الأمريكية. 
متعة بالغة-على الأقل من وجهة نظري- أن تشاهد نجوما كبارا لطالما تابعت أعمالهم باهتمام وشغف وتركيز وهم يصرخون فرحا بفوزهم أو فوز زملائهم بجائزة هى واحدة من أرقى الجوائز الفنية فى هيوليود عاصمة الفن والسينما الأمريكية.
كان الحفل شيقا وممتعا ومليئا بالفكاهة من نجوم السينما الأمريكية الذين تبادلوا فقرات تقديم الحفل بشكل غاية فى الحرفية والسلاسة والبساطة والدقة فى وقت واحد. وإن كان الحفل بجوائزه ونجومه وأضوائه المبهرة ليس ما استوقفنى بقدر ما استوقفتنى ميريل ستريب الممثلة الأمريكية الكبيرة التى تعدت الستين ولا زالت تحصد الجوائز وتقدم أفلاما قوية بأدوار بطولة تترشح من خلالها للأوسكار والجولدن جلوب وغيرهما.
ميريل ستريب كرمت فى حفل الجولدن جلوب الأخير عن مشوارها التى وعن مجمل أعمالها التى برعت فيها وأبدعت بشكل لا يختلف عليه اثنان غير أنها عندما صعدت على خشبة المسرح لتتلقى جائزتها وتلقى كلمة مقتضبة شأن كل الفائزين بجوائز فى تلك الليلة لم تفعل مثلهم فتشكر من شاركوها مشوارها أو ساعدوها على النجاح ولم تتحدث عن مدى شغفها وحبها لهذا الفن الذى تقدمه والأدوار التى تتفنن فى إتقانها وإجادتها حتى لقبت ب"الأسطورة الحية"، بل قامت السيدة باستغلال تلك الفرصة وأنظار العالم موجهة إليها وكل أمريكا تتابعها بكاميراتها وعبر محطاتها التلفزيونية الكثيرة فكان أن وجهت النقد اللاذع لدونالد ترامب الرئيس الأمريكى المنتخب الواقف على أعتاب البيت الأبيض لما صدر منه من تصريحات عدائية ضد الهجرة والمهاجرين للولايات المتحدة.
فبعد أن استعرضت بسرعة وذكاء شديد الأصول المختلفة لأشهر الفنانين الموجودين تلك الليلة معها فى حفل الجولدن جلوب والذين يمتعون الجمهور بفنهم وأدائهم وعاشوا وانسجموا فى المجتمع الأمريكى قالت-وأقتبس من كلمتها-:"إذا هوليود تمضى بالغرباء والأجانب ولو طردناهم جميعا، لن تجدون ما تشاهدونه سوى كرة القدم الأمريكية ولعبة تختلط بها الفنون القتالية، هى ليست بفن"
"كان هناك أداء واحدا أذهلنى خلال هذا العام، غرس خطافه فى قلبى، ليس لأنه جيد، فلا شىء جيد فيه على الإطلاق، لكنه كان مؤثرا وقام بوظيفته وهو إضحاك الجمهور حتى ظهرت أسنانه. كان اللحظة التى قام الشخص الذى يسعى للجلوس على المقعد الأكثر احتراما فى الدولة بتقليد صحفى معاق. شخص ما لا ينافسه فى النفوذ والسلطة والقدرة على الرد. انفطر قلبى تقريبا عند متابعة ذلك، وإلى الآن غير قادرة على محوه من عقلي، لأنه لم يكن فيلما. كان فى الحياة الواقعية، رغبة الإذلال تلك حين تتملك شخصا فى المجال العام، شخصا قويا، فإنها تنعكس على حياة كل شخص، لأنها بشكل ما تعطى تصريحا للآخرين بفعل نفس الشيء". وأضافت ستريب:"عدم الاحترام يجلب عدم الاحترام، والعنف يجلب العنف، وعندما يستخدم القوى مركزه فى الإساءة إلى الآخرين نخسر جميعا. نعم تعايشوا مع ذلك".
كانت ميريل ستريب تتحدث عن قيام ترامب بالسخرية من صحفى معاق فى أحد التجمعات الانتخابية بولاية ساوث كارولاينا الأمر الذى أضحك الجمهور وقتها مما دفعها للتعبير عن ذلك بأنه" الأداء الذى أذهلها خلال عام 2016"" وانه غرس مخلبه فى قلبها" عبرت عن ذلك وهى تبكي!!!
واختتمت ميريل كلمتها بالتأكيد على أهمية الصحافة ودورها "نحتاج إلى صحافة قائمة على المبادئ لتحاسب القوي، لتستدعيه مع كل إساءة. وهذا سبب قيام آبائنا المؤسسين بالنص على الصحافة وحريتها فى الدستور" 
وهكذا وجهت ميريل ستريب رسالة مسموعة واسعة الصدى والتأثير لرئيس دولتها المنتخب دون خوف أو توجس أو تردد بشكل يجب أن يتخذ مثالا وقدوة فى كيفية نبذ العنف والخطاب العنصرى مهما كان نفوذ ومكانة هذا الشخص الذى تحدث بتلك الطريقة الغبية المتهورة.
ميريل ستريب بحق هى من ينطبق عليها مصطلح القوة الناعمة التى لها تأثير وكلمة ورأى تجذب الجمهور لسماعها وتدفعه لتغيير مواقفه أو على الأقل إعادة النظر فيها. 
الأمر الذى يدفعنا لطرح تساؤل هام وملح: متى سنرى ميريل ستريب مصرية أو عربية لا تسير وسط الحشود وتتحدث بلهجة باقى السرب ولا أقول القطيع ؟ امرأة تقوى على مواجهة المخطئ مهما كان موقعه ونفوذه ولومه على قسوته على من هم دونه قوة ونفوذا وسلطة، وتدافع عن الحرية والكرامة ؟؟ مجرد تساؤل حالم ليس إلا.