اغلق القائمة

الجمعة 2024-05-10

القاهره 12:26 م

عمرو خالد

الوجه الإنسانى للقرآن

عمرو خالد الثلاثاء، 06 سبتمبر 2016 11:00 م

نظلم القرآن كتاب رب العالمين حين نتعامل معه على أنه كتاب حصرى للمسلمين وحدهم، لأن ذلك يتنافى مع عالميته، فهو موجه إلى العالمين.. جميع البشر على اختلافهم، وحاشاه سبحانه أن يخاطب بكتاب «لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ»، فئة بعينها ويتجاهل أخرى، فمن خصائص الإسلام أنه جاء لكل الناس، وليس مقتصرًا على العرب وحدهم، والله أرسل النبى للعالمين «وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ»، فيجب أن يكون منطقيًا كتابًا للعالمين. ومن خصائص القرآن العظيم، أنه كتاب نور وهداية ورحمة وشفاء، آياته مليئة بالكثير من الكنوز الثمينة، والمضامين ذات الأهداف الإنسانية، وليس كما أصبح البعض يتعامل معه الآن على أنه كتاب للبركة يقرأ على الأموات.. فالقرآن مثل ما قال النبى صلى الله عليه وسلم: «لاتقضى عجائبه «فوائده» ولايبلى «يقدم» من كثرة القراءة».
 
ولو بدأنا نستخرج هدف كل سورة سنجد القرآن واضحًا أمامنا تمامًا.. فكل سورة من سوره، لها هدف، كل الآيات تخدمه، واسم السورة مستمد منه هذا الهدف، وقصة أى نبى فى السورة جزء من تحقيقه، وآخر السورة ملخص للهدف.. والأعظم أن كل أهداف سور القرآن، أهداف إنسانية للبشر كلهم وليس للمسلمين فقط.
عندما نقرأ القرآن ليس لمجرد سرد الآيات، سنتمكن من استخراج أهداف إنسانية وحكم قرآنية نعيش بها.. فالقرآن ممتلئ بالحكم «يس. وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ» التى لو تأملتها ستحيى حياتك، وتفتح عقلك وتغذيه..
 
«إِنْ أَحْسَنتُمْ أَحْسَنتُمْ لِأَنفُسِكُمْ».. الخير يدور ويعود إليك والشر كذلك فاختر ما شئت
«وَمَا أَصَابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ».. لا تعلق أخطاءك على شماعة الآخرين، فكل إنسان مسؤول عن نجاحه وفشله.
 
«فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ».. سر تقدم الأمم: احترام أهل الذكر أى أهل التخصص فى كل مجال.. فاترك العشوائية واحترم التخصص فى كل مجالات الحياة، «فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِى فِى الصُّدُور»، ما الجدوى فى أن ترى الحقيقة بعينيك ولا تراها بقلبك؟!
«وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ.. اختر كلماتك فأحيانًا تكون الكلمة أشد حدة من السيف»
 
«وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ»..إذا كانت الحياة ضدك اليوم فستكون معك غدًا، فلا تحزن وامتلئ بالأمل.
«وَلَا تَسْتَوِى الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ۚ ادْفَعْ بِالَّتِى هِى أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِى بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِى حَمِيمٌ»، جرب أن تحسن لمن أساء إليك فإن رد الإساءة بالإحسان يحول عدوك إلى صديق.
 
«مَا جَعَلَ اللَّهُ لِرَجُلٍ مِنْ قَلْبَيْنِ فِى جَوْفِه».. ركز على حلمك ولا تخدع نفسك بكثرة الأمنيات فإن الله جعل لك قلبا واحدًا فقط، «وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا».. ضاعف الكرم لمن أكرمك ومن أهداك زهرة أهدِ له بستانًا.. 
 
كيف تعيش بالأهداف الإنسانية للقرآن؟
القرآن ليس كتابًا للبركة، لكنه مرجع يومى يفتح لك آفاق النجاح والسعادة والتوفيق لتتخذ قرارات صحيحة فى حياتك اليومية، لذا عندما تقرأ القرآن بتركيز وبتأمل، قم باستخراج الهدف والحكم من بين آياته وسوره فستجد كنوزًا من حكم الحياة، تفتح عقلك وتجعلك منفتحًا على الإنسانية. 
فالأهداف الإنسانية تفعيل للقرآن فى حياة كل فرد منا، وهى ليست خاصة بالمسلمين وحدهم، فكل إنسان أيًا كان دينه أو جنسه أو عرقه سيجد فى تلك الأهداف قيمًا وحكمًا يعيش بها فى الحياة، سأعمر الأرض، سأتحرك لن أحجر على عقلى، سأنطلق نحو الهدف الذى أعيش من أجله.
وقراءة القرآن بهذا الشكل تقدم فهمًا إنسانيًا معاصرا يحمى من التطرف الفكرى، والتفسير المتشدد لكتاب الله الأعظم.