اغلق القائمة

الأحد 2024-05-05

القاهره 04:07 م

جمال أسعد

ماذا بعد «دسترة» الطائفية؟

الثلاثاء، 27 سبتمبر 2016 11:00 م

جاء فى مقدمة دستور 2014 «نحن الآن نكتب دستوراً يستكمل بناء دولة ديمقراطية حديثة حكومتها مدنية»، وجاء أيضا «نكتب دستوراً يصون حرياتنا ويحمى الوطن من كل ما يهدده أو يهدد وحدته الوطنية». فهل بالفعل الدستور يعنى الدولة الديمقراطية المدنية أم أنه يقصد دولة ديمقراطية وحكومة مدنية، أى يمكن أن تكون دولة دينية وحكومتها مدنية، أى لا يحكمها رجال الدين؟ فقد جاء بالمادة الثالثة  «مبادئ شرائع المصريين من المسيحيين واليهود المصدر الرئيسى للتشريعات المنظمة لأحوالهم الشخصية وشؤونهم الدينية واختيار قياداتهم الروحية»، كما أن المادة السابعة تحدد اختصاصات الأزهر الشريف، وأنه المرجع الأساسى فى العلوم الدينية والإسلامية. فهل ومنذ وجود الكنيسة وإنشاء الأزهر هناك مرجعيات دينية رسمية غير الأزهر والكنيسة؟ 
 
ولكن تحديد مواد دستورية تتحدث عن مسلمين ومسيحيين يعد فى حقيقة الأمر بداية لإرساء قواعد دستورية طائفية، وتمهيداً لأرضية تنبت قسمة وتنتج فرزاً طائفياً، لذا وبناءً على ذلك وجدنا المادة 244 من الأحكام الانتقالية تتحدث عن نسبة مقررة للأقباط كأحد مكونات المجتمع، مع العلم أن المكونات الطبقية تشمل الجميع مسلمين ومسيحيين، ولكن الحديث عن الأقباط يؤسس لقسمة بين مسلمين ومسيحين، ناهيك عما يكون قادماً من نوبيين وبدو. 
 
وإذا كانت الضغوط الكنسية استطاعت الحصول على المادة 3 وحتى يكون هناك فوارق مع دستور الإخوان، ولكن الأهم أن هذه المادة جعلت الكنيسة تتصور أنها تمتلك وصاية ليست دينية فقط على الأقباط، ولكن أصبح الأمر مدسترا لواقع مرفوض كان قبل 25/30 قد رسخ فى الضمير الجمعى أن الأقباط طائفة تابعة للكنيسة، وهى مسؤولة عنهم، بل تمثلهم دينياً وسياسياً. 
وللأسف فإن الواقع أثبت ذلك بالرغم من أن الآمال كانت كبيرة بعد 25/30 وغير ذلك. ووجدنا الكنيسة بلا مواربة تخاطب الأقباط كشعبها «وكأننا أصبحنا شعوبا»، ليخرجوا لاستقبال السيسى فى أمريكا، الشىء الذى حدد الصورة الطائفية، وأكد الفرز بين المصريين، كما أن المادة الثالثة قد أعطت الكنيسة الحق فى أن تسيطر على الأقباط كما تريد كاسرة الدستور، ومسقطة القانون الذى يساوى بين المصريين ويحمى حقوقهم، وكأن الدولة تركت الأقباط للكنيسة تمارس عليهم استبدادها خاصةً فى موضوع الزواج، فوجدنا الأوامر والتعليمات للتحكم والسيطرة فيما يسمى دورات التأهيل للزواج، فمن لم ينجح فى الامتحان بعد هذه الدورات ويحصل على 70٪ لا يحق له الزواج، ويحرم من حق طبيعى ودستورى وقانونى.. «سبحان الله!». 
 
نعم التأهيل يكون من خلال العظات والعمل الروحى وليس بالمحاضرات والامتحانات، فهذه لا ولن تضمن سعادة أو تلغى طلاقا، فالحياة مركبة ومعقدة، فكل إنسان له خصوصيته التى تختلف عن الآخرين. كما أن من يشرع فهم رهبان لا علاقة لهم بالحياة الزوجية، أين الدولة من حماية مواطنيها؟ ولماذا لا تقر الدولة الزواج المدنى لمن يرى؟ أم أنكم تكرسون لدولة دينية؟! فمظاهرها أصبحت متعددة سواء الكنيسة أو السلفيين فالأمثلة كثيرة. 
 
احسموا الموقف.. هل هى دولة دينية أم دولة مدنية حديثة يحكمها الدستور والقانون لشعب عرف الدين وأبدع التدين؟ حتى تكون مصر لكل المصريين.