اغلق القائمة

الإثنين 2024-05-06

القاهره 04:50 ص

سعيد الشحات

تكلموا عن المتهم الحقيقى

الأحد، 25 سبتمبر 2016 07:01 ص

لم يبتلع البحر «أحمد» ابن قرية «الجزيرة الخضراء» وابن الـ17 عاما، لم يمت كما مات 166 شخصا فى غرق مركب «موكب الرسول» أمام سواحل مدينة رشيد يوم الأربعاء الماضى وهو فى طريقه إلى إيطاليا، كان أحمد والموتى قبل لحظات من غرق المركب يعدون أنفاسهم، يحسبون الوقت بالثوانى والدقائق، يوحدهم الهدف والحلم والمعاناة، يعرفون أنهم يركبون مركبا غير آمن، وأنهم فى رحلة غير شرعية تجرمها القوانين من أولها إلى آخرها، ومع ذلك أصروا على ركوب البحر دون الالتفات إلى أى عواقب.
 
حين وقعت كارثة الغرق يوم الأربعاء الماضى، نجا من نجا، ومات من مات، وشاهد أحمد كل المأساة بتفاصيلها، وبالرغم من ذلك يصر على أنه لو جاءت الفرصة سيسافر من جديد، يقول للزميلة «المصرى اليوم» فى عددها الصادر أمس «السبت»: «هسافر تانى لوجاتنى الفرصة من جديد، وإذا فقدت حياتى سأفقدها بشرف، سأكون شهيدا، لأننى هنا دون عمل، والبطالة غول يلتهم أحلامنا».
 
لم يكذب أحمد ولم يبالغ، ولسان حاله هو لسان الذين ماتوا والذين نجوا، فلا أحد يخطط لرحلة ويقدم عليها وهو يعلم أن احتمالات موته فيها كبيرة إلا إذا كان يشعر بأنه حى ميت، ولا أحد يدفع 40 ألف جنيه أو أكثر دون ضمان لنجاح أهدافها إلا إذا كان يشعر أن هذا المبلغ لم يعد له قيمة، ولم يعد خميرة للمستقبل كما يصور البعض.
 
فليقل أى مسؤول أو غيره ما يريد قوله فى أن هؤلاء مجرمون بحكم القانون، وأنه كان من الأولى أن يستثمروا المبالغ التى دفعوها لسمسارة الهجرة غير الشرعية فى أى مشروع يدر عليهم ربحا، لكن على من يقولون ذلك أن يطالبوا بنفس القدر محاكمة الذين لم يوفروا فرصة عمل كريمة لكل شاب يريد العيش بكرامة؟، عليهم أن يطالبوا بمحاكمة الذين يحملون شبابا بريئا إلى أحلام واسعة بأن هذه البلد بلدهم، وحين يبحث الشاب عن حقيقة ما يسمع عنه فى الإعلام لا يجده.
 
«أحمد» الذى يصمم على السفر من جديد لو جاءت له الفرصة، هو نفس تفكير ملايين غيره لا يشعرون بأمل يعيشون من أجله تحت سماء بلدهم.