اغلق القائمة

الجمعة 2024-05-03

القاهره 04:46 م

أكرم القصاص

ليبيا فى نظام دولى مختل

الأربعاء، 21 سبتمبر 2016 07:00 ص

ما يجرى فى ليبيا، يرتبط بتفاصيل وتعقيدات مصالح الدول الكبرى. ولم يعد السياق الإقليمى، أو الدولى مثلما كان فى السابق أيام توازنات الحرب الباردة. بل سياسة قطب واحد مختلة، تسمح بالكثير من التدخلات فى غياب أى قانون للمحاسبة، فى نظام دولى يقوم بشكل واضح على البلطجة والتدخل شبه الاستعمارى لتدمير دول وتفكيكها، ثم الاعتذار من دون أى شعور بالذنب، أو محاولة لتصحيح خطأ. 
 
اعترفت بريطانيا وإيطاليا وألمانيا وفرنسا وأمريكا بأنها قصفت ليبيا بناءً على معلومات خاطئة، وقبلها اعترف الأمريكيون والبريطانيون بأنهم غزوا العراق بناءً على معلومات خاطئة. هذه الدول تعترف بأنها دمرت دولاً وجعلتها تعيش فى فوضى، ولم يحاسب أى من هؤلاء الذين اتخذوا قرارات تتعلق بحياة ملايين البشر فى دول أخرى. أما حديث الدول الغربية عن الديموقراطية والشفافية، فهى أحاديث للاستهلاك الإعلامى.
 
الازدواجية أمر معروف فى السياسات الدولية، ولا يحتاج إلى براهين، وعليه فإن حديث دول مثل أمريكا وبريطانيا وإيطاليا عن مصالح الشعب الليبى أو تأمين النفط، هو استمرار لأحاديث سبق أن اعترفوا بأنها كاذبة. ربما لهذا اكتشف الليبيون أن بيانات الدول الغربية يتم تزيينها بأحاديث عن مصالح الشعب، بينما الهدف هو مصالح هذه الدول. 
 
الليبيون جربوا هذه الأكاذيب، وبالتالى فهم يرون بيانات الدول الغربية بالحديث عن انسحاب الجيش الليبى من مناطق النفط، على أنها استمرار لنفس السياسة التى دمروا بها ليبيا.  وربما يكون الليبيون بحاجة لإعادة بناء العلاقات الليبية، بناءً على خرائط القوة. مصر لعبت دوراً مهماً فى مجلس الأمن، انطلاقاً من إدراك للمصالح الليبية. وطبيعى أن كل استقرار فى ليبيا يؤثر فى استقرار إقليمى وأفريقى. ويساهم فى انحسار تنظيمات إرهابية تخوض حرباً بالوكالة للدول الكبرى. ولايمكن لأى صانع قرار ليبى أن يتجاهل التنسيق مع الصين وروسيا، وقد لعبا مع مصر دوراً فى مواجهة التدخلات الغربية فى مجلس الأمن. 
 
السياسة الدولية تديرها الدول الكبرى بلا أخلاقيات، والعمل داخل منظومة دولية مختلة، يستلزم القدرة على مواجهة المناورات بمثلها. وكما أشرنا حقق الجيش الليبى انتصاراته بدعم الشعب الليبى، ويدرك المشير خليفة حفتر، ومعه المستشار عقيلة صالح، رئيس البرلمان، أن الفوز لايتم فقط عسكرياً وسياسياً، إنما بقدرة على توازن القوى وسط نظام دولى مختل وبلا أخلاق. وتحتاج الكثير من التكتيكات والخطط، والأقطاب فى عالم بلا أقطاب.