اغلق القائمة

السبت 2024-05-04

القاهره 06:36 م

القضاء يحسم مصير الخطبة الموحدة

القضاء يحسم مصير الخطبة الموحدة.. رفض دعوى 80 مواطنا لإلغاء قرار وزير الأوقاف بتوحيد الخطبة.. الحيثيات: القرار مصلحة معتبرة وضرورة لمواجهة التطرف.. المساجد لذكر الله وليس للتحزب.. ومصر تؤرخ لدور عالمى

البحيرة - جمال أبو الفضل الإثنين، 19 سبتمبر 2016 02:00 م

قضت محكمة القضاء الإدارى بالإسكندرية، الدائرة الأولى بالبحيرة، برئاسة المستشار الدكتور محمد عبد الوهاب خفاجى نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية المستشارين صالح كشك ووائل المغاورى نائبى رئيس مجلس الدولة، بتأييد قرار وزير الاوقاف رقم 215 لسنة 2016 بشأن القواعد المنظمة لأداء خطبة الجمعة بالمساجد والزوايا الخاضعة لاشراف الوزارة الصادر بتاريخ 23/8/2016 .
 
وقالت محكمة القضاء الادارى إن الخطبة الموحدة من المصالح المعتبرة، وضرورة لتوحيد مصر والبلاد العربية والإسلامية لمواجهة الفكر المنحرف عن صحيح الدين، وإلقاء الخطبة الموحدة إرشادية شفاهة وارتجالا أو مكتوبة مقروءة وللخطباء التجديد والإبداع فى ذات موضوع الخطبة بما لا يحيد عنها وان الخطبة لا تكون طويلة مملة أو قصيرة مخلة، وتقصيرها علامة على فقه الخطيب فلا يطيل فينسى الناس بآخر كلامه أوله، وهذا هو هدى النبى صلى الله عليه وسلم فى خطبه الراتبة.
 

الأزهر والقضاء والأوقاف يخدمون الإسلام الوسطى

 
 وأكدت المحكمة على أن ثمة منظومة ثلاثية بين الأزهر والمحكمة الدستورية ووزارة الأوقاف لخدمة الإسلام الوسطى المستنير، فالازهر الشريف هيئة إسلامية علمية تعد المرجع الأساسى فى العلوم الدينية والشئون الإسلامية والمحكمة الدستورية العليا المرجع فى تفسير مبادئ الشريعة، ووزارة الأوقاف السلطة الفعلية القائمة على إدارة مرفق المساجد والزوايا، وكل له مجاله المرسوم له دستوريا وقانونيا .
 
المسجد لذكر الله وإرشاد الناس وليس للتحزب
 
 وذكرت المحكمة فى حيثياتها أن المسجد لذكر لله وإرشاد الناس ووعظهم وليس مصدرا للتحزب والاختلاف الفكرى والمذهبى، وأنه طبقا للمادة الأولى من الدستور فإن الشعب المصرى جزء من الأمة العربية، يعمل على تكاملها ووحدتها، ومصر جزء من العالم الإسلامى تنتمى إلى القارة الافريقية وتعتز بامتدادها الآسيوى، وتسهم فى بناء الحضارة الإنسانية، وأن مصر تؤرخ لدور عالميا وليس إقليميا، وتواجه بقوة وثبات وتضحية دعاة الإرهاب والتطرف لحماية الإنسانية جمعاء.
 
 

المحكمة تقر القواعد المنظمة لخطبة الجمعة

 
وأيدت المحكمة قرار وزير الأوقاف رقم 215 لسنة 2016 بشأن القواعد المنظمة لاداء خطبة الجمعة بالمساجد والزوايا الخاضعة لإشراف وزارة الأوقاف الصادر بتاريخ 23/8/2016 فيما تضمنته كل من المادة الأولى من تشكيل لجنة قوامها عشرة أعضاء، تضم كافة تخصصات العلوم الشرعية وبعض المتخصصين فى علم النفس وعلم الاجتماع تكون مهمتها وضع خطة سنوية لخطب الجمع واختيار واعداد خطبة الجمعة الموحدة.
 

موضوع الخطبة استرشادى ولا تزيد على 20 دقيقة

 
 وأيدت ما جاء فى المادة الثانية بشأن كون موضوع الخطبة استرشاديا وطريقة أداء الموضوع شفاهة وارتجالا أو مكتوبة مقروءة أمرا اختياريا للخطيب، فى ضوء مايمكنه من أداء رسالته على الوجه الأكمل المنضبط، وبما لا يخرج عن مضمون موضوع الخطبة المحدد ولا عن وقتها المحدد ما بين خمس عشرة إلى عشرين دقيقة على الأكثر، ورفضت الدعوى المقامة من 80 مواطنا بمحافظة البحيرة بشأن إلغاء قرار الوزير وألزمتهم المصروفات .
 

الخطباء اتخذوا المنابر لتحقيق أهداف سياسية

 
وقالت المحكمة عن الضابط الأول فى قرار وزير الأوقاف المطعون فيه المتعلق بتوحيد موضوع خطبة الجمعة، إن الواقع المصرى كشف بعد ثورتى الشعب فى 25 يناير 2011 و30 يونيه 2013 ، أن بعض خطباء الجمعة استخدموا المنابر لتحقيق أهدافا سياسية، متخذين من الدين ستارا لهم بعيدا عن واقع المجتمع وجنوحهم نحو أحاديث لا تليق بخطيب الجمعة، بل أن بعض الخطباء حولوا موضوع خطبة الجمعة إلى تحقيق اغراض حزبية وسياسية، والسعى لأفكار حزبية وأخرى تحريضية وشق الصف عبر المنابر، بما يخدع البسطاء بقدسية المكان، على الرغم من أن الجمعة شرعت فى الأصل لتكون جرعات إيمانية أسبوعية تعالج قضايا وهموم المجتمع وتعطى للمسلم طوق النجاة من الوقوع فى المعاصى والآثام،  ومن ثم أصبح توحيد موضوع الخطبة ضرورة لمواجهة المخاطر التى تواجه الأمة الإسلامية والعربية، كما أن توحيد موضوع الخطبة سيعزز الوحدة الوطنية، وتستطيع الدولة أن ترسخ قيم المواطنة والإسلام الحقيقى والتسامح عبرالخطبة الموحدة مما يؤدى إلى الاستقرار , فيصبح المسجد ذكرا لله لتقرب العبد إلى ربه، وليس مصدرا للتحزب والاختلاف الفكرى والمذهبى .
 

ليس من حق الخطيب أن يوجه الناس إلى ما يشتهى

 
وأضافت المحكمة أنه ليس من حق الخطيب وهو المؤتمن، أن يوجه الناس على ما يشتهى أو يصبو إليه، ويملى عليهم قناعاته الشخصية فى المجالات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية، فتشتد الخطورة من فوق منابر الجمعة بما يوهم عامة الناس أن هذا هو الحق المبين، مما يؤدى إلى الاحتقان الشعبى فى البلدان الإسلامية والعربية، لذا فان توحيد موضوع الخطبة يؤدى إلى توحيد المجتمع المصرى والعربى والإسلامى تجاه الأزمات التى تهدد استقراره.
 

الأزهر الشريف يختص دون غيره بالقيام على شئون الدين

 
وأشارت المحكمة أن المشرع الدستورى من ناحية أولى، نص على أن الإسلام دين الدولة واللغة العربية لغتها الرسمية , ومبادئ الشريعة الاسلامية المصدر الرئيسى للتشريع وجعل من الأزهر الشريف هيئة إسلامية علمية مستقلة , يختص دون غيره بالقيام على كافة شئونه , وهو المرجع الأساسى فى العلوم الدينية والشئون الاسلامية , ويتولى مسئولية الدعوة ونشر علوم الدين واللغة العربية فى مصر و العالم .
 
 
وقالت المحكمة فى حيثياتها: " تسود المنظومة المتكاملة بين الأطراف الثلاثة المذكورة الأزهر الشريف باعتباره هيئة إسلامية علمية مستقلة تعد المرجع الأساسى فى العلوم الدينية والشئون الاسلامية، والمحكمة الدستورية العليا المرجع فى تفسير مبادئ الشريعة الإسلامية، ووزارة الاوقاف السلطة الفعلية القائمة على إدارة المساجد والزوايا والتزام الخطباء بالمكافأة او المتطوعين بالعمل وفق خطة وزارة الأوقاف الدعوية واحتياجاتها وتوزيعها للخطباء على المساجد , فكل فى مجاله المرسوم له دستوريا وقانونيا فى خدمة الاسلام الوسطى المستنير" .
 

على السلطتين التشريعية والتنفيذية تنفيذ نصوص الدستور

 
وأوضحت المحكمة أن ما نص عليه الدستور فى مادته الثانية من أن مبادئ الشريعة الإسلامية هى المصدر الرئيسى للتشريع، إنما يتمخض عن قيد يجب على كل من السلطتين التشريعية والتنفيذية أن تتحراه، وتنزل عليه فى تشريعاتها أو قراراتها اللائحية فلا يجوز لنص تشريعى، أن يناقض الأحكام الشرعية القطعية فى ثبوتها ودلالتها، باعتبار أن هذه الأحكام وحدها هى التى يكون الاجتهاد فيها ممتنعا، لأنها تمثل من الشريعة الإسلامية مبادئها الكلية، وأصولها الثابتة التى لا تحتمل تأويلاً أو تبديلا.
 
 
 وقالت المحكمة فى هذا الشأن : " من غير المتصور بالتالى أن يتغير مفهومها تبعاً لتغير الزمان والمكان، إذ هى عصية على التعديل، ولا يجوز الخروج عليها، أو الالتواء بها عن معناها، ذلك أن المادة الثانية من الدستور تقدم على هذه القواعد أحكام الشريعة الإسلامية فى أصولها ومبادئها الكلية، إذ هى إطارها العام، وركائزها الأصيلة التى تفرض متطلباتها دوماً بما يحول دون إقرار أية قاعدة قانونية على خلافها وإلا اعتبر ذلك تشهيا وإنكاراً لما علم من الدين بالضرورة، ولا كذلك الأحكام الظنية غير المقطوع بثبوتها أو بدلالتها أو بهما معا، ذلك أن دائرة الاجتهاد تنحصر فيها، ولا تمتد لسواها، وهى بطبيعتها متطورة تتغير بتغير الزمان والمكان، لضمان مرونتها وحيويتها، ولمواجهة النوازل على اختلافها، تنظيما لشئون العباد بما يكفل مصالحهم المعتبرة شرعاً، ولا يعطل بالتالى حركتهم فى الحياة، على أن يكون الاجتهاد دوماً واقعا فى إطار الأصول الكلية للشريعة بما لا يجاوزها ملتزما ضوابطها الثابتة، متحريا مناهج الاستدلال على الأحكام العملية، والقواعد الضابطة لفروعها، كافلا صون المقاصد العامة للشريعة، بما تقوم عليه من حفاظ على الدين والنفس والعقل والعرض والمال.
 

المحكمة: الشريعة الإسلامية "مرنة" وإعمال نص العقل فيما لا نص فيه

 
وأكدت المحكمة أن الشريعة الاسلامية شريعة مرنة تتناسب مع كل زمان ومكان وفى مواجهة كل عصر , فإعمال حكم العقل فيما لا نص فيه يعد تطويرا لقواعد عملية تكون فى مضمونها أرفق بالعباد وأحفل بشئونهم، وأكفل لمصالحهم الحقيقية التى تشرع الأحكام لتحقيقها وبما يلائمها , مرده أن شريعة الله جوهرها الحق والعدل، والتقيد بها خير من فساد عريض، وانغلاقها على نفسها ليس مقبولا ولا مطلوبا، ذلك أنها لا تمنح أقوال أحد من الفقهاء فى شأن من شئونها، قدسية تحول دون مراجعتها وإعادة النظر فيها، بل وإبدالها بغيرها.
 
 

لا قداسة فى الإسلام والآراء الاجتهادية مختلف عليها

 
وتابعت : "  وعلى ما سبق فإنه لا قداسة فى الإسلام , فالآراء الاجتهادية فى المسائل المختلف عليها ليس لها فى ذاتها قوة متعدية لغير القائلين بها، ولا يجوز بالتالى اعتبارها شرعا ثابتا متقرراً لا يجوز أن ينقض، وإلا كان ذلك نهيا عن التأمل والتبصر فى دين الله تعالى، وإنكارا لحقيقة أن الخطأ محتمل فى كل اجتهاد. بل أن من الصحابة من تردد فى الفتيا تهيبا".
 

اجتهاد أحد الفقهاء ليس أحق باتباع رأى غيره

 
واستطرد القاضى فى حيثيات حكمه : "ومن ثم صح القول بأن اجتهاد أحد من الفقهاء ليس أحق بالإتباع من اجتهاد غيره، وربما كان أضعف الآراء سندا، أكثرها ملاءمة للأوضاع المتغيرة، ولو كان مخالفا لآراء استقر عليها العمل حينا من الدهر , وتلك هى الشريعة الإسلامية فى أصولها ومنابتها، متطورة بالضرورة، نابذة للجمود، لا يتقيد الاجتهاد فيها - وفيما لا نص عليه - بغير ضوابطها الكلية، وبما لا يعطل مقاصدها التى ينافيها أن يتقيد ولى الأمر فى شأن الأحكام الفرعية والعملية المستجيبة بطبيعتها للتطور، لآراء بذاتها لا يريم عنها، أو أن يقعد باجتهاده عند لحظة زمنية معينة تكون المصالح المعتبرة شرعا قد جاوزتها.
 

دور الدولة حماية الشباب من الفكر المتطرف

 
وأوضحت المحكمة أن الدولة إدراكا منها لرسالتها فى دعم التوجيه الدينى فى البلاد على وجه محكم، وتأكيدا لمسئولياتها فى التعليم والإرشاد وحماية للشباب من الفكر المتطرف الذى يستغله دعاة التشدد وما يتطلبه ذلك من وضع مبادئ عامة بتوحيد موضوع الخطبة لجميع المساجد والزوايا فى المدن والقرى، تستهدف نقاء المادة العلمية وسلامة الوجهة التى يعمل بها الخطباء، بما يحفظ للتوجيه الدينى أثره، ويبقى للمساجد الثقة فى رسالتها، وقد لوحظ أن عددا كبيراً من المساجد كان يسيطر عليها الارتجال ويترك شأنها للظروف ولا يوجد بها من يحمل مسئولية التعليم والإرشاد من المتخصصين فى علوم الدين.
 

غلق الطريق أمام البدع والخرافات

 
وتابعت : " لما كان بقاء هذه الحال قد ينقص من قيمة التوجيه الدينى ويضعف الثقة برسالة المساجد، ويفسح الطريق لشتى البدع والخرافات التى تمس كيان الوطن واستقراره، خصوصاً وأن ما يقال فوق منابر المساجد إنما يقال باسم الله، لذلك فإن الأمر يقتضى وضع نظام لتوحيد موضوع الخطبة على منابر المساجد بحيث يكفل تحقيق الأغراض العليا من التعليم الدينى العام وتوجيه النشئ وحمايتهم من كل تفكير دخيل أو جهيل، ومن ثم فالقصد منه حماية النشء ممن أسلم نفسه للتشدد منجرفا أو عجز عن مقاومة التطرف فجاراه فصار فى مجراه , لما يلقن به بمفاهيم مغلوطة عن صحيح الدين الاسلامى الوسطى، ما يمس كيان الوطن واستقراه , خاصة أن وثيقة الدستور المصرى وضعت من بين غايات إصداره حماية الوطن من كل ما يهدده أو يهدد وحدته الوطنية، وهو ما يتفق مع المقاصد الشرعية والمصالح المرعية فى صحيح مفهوم مبادئ الشريعة الإسلامية .
 

المحكمة: قرار الأوقاف يترك للخطيب حرية إظهار موهبته

 
وقالت المحكمة عن الضابط الثانى بقرار وزير الأقاف المطعون فيه المتعلق بطريقة أداء موضوع الخطبة الموحدة، إن هذا الأمر من شأنه أن يترك لكل خطيب قدر من إبراز ملكاته ومواهبه فى إيصال موضوع الخطبة الموحدة لجمهور المصلين بالأداء الذى يمكنه من الوصول إلى عقولهم وقلوبهم .
 

يجب ألا تكون الخطبة طويلة مملة او قصيرة مخلة

 
وقالت المحكمة عن الضابط الثالث بقرار وزير الأوقاف المطعون فيه من وضع قيد زمنى لموضوع الخطبة وبما لا يخرج عن وقتها المحدد ما بين خمس عشرة إلى عشرين دقيقة على الأكثر , فإنه يجب ألا تكون الخطبة طويلة مملة أو قصيرة مخلة، حيث تسبق أنوارهم أقوالهم فتنجذب القلوب وتؤهلها للسماع المطلوب فكل كلام يبرز وعليه كسوة من نور القلب الذى خرج منه .
 

قرار وزير الأوقاف المطعون عليه يحقق المصلحة

 
واختتمت المحكمة أنه على هدى مما تقدم، ووفقا لما تقدم بيانه، يكون قرار وزير الأوقاف المطعون فيه بجميع ضوابطه الثلاثة، محققا لمصلحة معتبرة متفقاَ وحكم الدستور والقانون .