اغلق القائمة

السبت 2024-04-27

القاهره 08:15 م

حنان شومان

إلى فضيلة المفتى كمان وكمان

بقلم - حنان شومان السبت، 10 سبتمبر 2016 10:00 م

المقال التالى نشرته منذ ثلاثة أعوام، بلا مجيب أو حتى نقاش، ورغم ثقتى فى أنه لا شىء سيتغير، ولن يكلف أحد خاطره للتفكير فى صالح الوطن، وسماحة دين الإسلام الحق، فإننى أعيد نشره لعل وعسى، ولكى يكون شاهدًا على أننى يومًا ما طلبت، وأن يومًا ما لا أحد يريد أن يكون رائدًا فى إعلاء روح الدين الحقيقية، وهى أكبر وأهم من أى طقس من الطقوس.
 
يعد الحج أحد أركان الإسلام الخمسة، وإن كان هو الركن الوحيد الذى قرنه رب العزة فى كتابه بالاستطاعة، أى لمن استطاع إليه سبيلًا، على عكس بقية الأركان الأخرى التى لا يسقط عنها التكليف مهما كانت الأسباب، وقد تكون الاستطاعة بالنسبة للحج صحية أو مادية أو أيًا ما كانت، إذن نحن أمام ركن من أركان الدين، إن لم يتم لعدم الاستطاعة سقط فيه التكليف، ورغم هذا فما أظن أن هناك مسلمًا حقًا إلا وتهفو روحه وقلبه إلى زيارة بيت الله الحرام، والطواف، وزيارة سيد الخلق، وإن كان ذلك القول يسرى على المسلمين قاطبة، فإنه يسرى أكثر ما يكون على المصريين، فحسب تقدير مصلحة الإحصاءات العامة والمعلومات والسعودية، فإن فى موسم الحج لعام 2012 كان عدد الحجاج المصريين 259 ألفًا و736حاجًا، وهو أعلى رقم بين حجاج الدول الأخرى، يأتى بعده الحجاج من باكستان، وعددهم 205 آلاف و686 حاجًا، ثم الهند ثم اليمن وهكذا، إذن المصريون هم الأعلى عددًا بين جنسيات العالم التى تذهب للحج كل عام، اعتمادًا على إحصاءات وتقديرات السلطات السعودية نفسها.
 
وهنا يبرز السؤال التالى: كم ينفق المصريون على الحج؟، وهو السؤال الذى أجاب عنه فى عام 2009 مركز دعم واتخاذ القرار بشكل علمى ومستفيض بأن المصريين ينفقون 1.9 مليار جنيه على الحج، مع الوضع فى الاعتبار أن هذا البحث كان عام 2009، ولم يتم تحديث المعلومات، وبالتالى فالمبلغ الذى ينفقه المصريون أو المقدر أن ينفقوه فى عام 2013 ربما سيزيد بنسبة %30 إلى%40، لو وضعنا فى الاعتبار زيادة الأسعار، وتدنى قيمة الجنيه مقارنة بالدولار، وبالتالى الريال السعودى، وغيره من العملات، إذن نحن نتحدث عن مبلغ يفوق المليار ونصف المليار  من المتوقع أن ينفقه المصريون فى موسم الحج المقبل، وكذلك زيادة فى طلب العملة الأجنبية لمواجهة مصروفات الحج، مما يعنى أن السوق السوداء للعملات ستنتعش أكثر، والجنيه سينخفض أكثر وأكثر. ومما سبق، وفى الحالة التى تعانى منها البلاد، وتطبيقًا لمبدأ «اللى يعوزه البيت يحرم على الجامع»، فهل يا فضيلة مفتى البلاد والعباد تستطيع أن تفتينا فى شأن حج المصريين هذا العام، وتكون قويًا لبلادك، وليسر دينك وحكمته، وتصدر فتوى بمنع الحج هذا العام؟!
 
يا فضيلة مفتى البلاد، أعلم علم اليقين أننى أطالبك بمطلب صعب، وأن المئات والآلاف من مشايخ الفضائيات الذين سقطوا علينا من كل صوب وحدب بفتاواهم المريضة، ونفوسهم التى تحمل كثيرًا من الغرض الذى هو المرض، سيصرخون ويولولون لو أخرجت مثل هذه الفتوى، ولكن من قال إن كلمة الحق سهلة وليست لها أعداء.
 
يا فضيلة مفتى البلاد والعباد، الفتوى حمل ثقيل، ولكن فيها حياة، وحج المصريين وإنفاقهم هذه الأموال فى بلاد الحرمين يحرم مصر فى ظروفها الحالكة من العون. يا فضيلة مفتى البلاد والعباد، الفتوى والقياس فى حاجة إلى الابتكار والتفكير، كما فعل خليفة المسلمين الفاروق عمر الذى أوقف حد السرقة فى عام المجاعة، فإن فعل ذلك عمر رضى الله عنه فى حد مذكور فى القرآن بلا شروط، فكيف لا تفعل أنت وتفتى فيما رخص لنا الله فيه بعدم الاستطاعة وهو الحج؟!
 
يا أيها العلماء الأجلاء الذين تتكون منكم هيئة كبار العلماء، ألا تستحق منكم البلاد أن تجتمعوا وتُعملوا عقولكم وتجدوا لنا مخرجًا من هذا الأمر الجلل؟، يا أيها العلماء الأجلاء، ويا رجالات الأزهر إن الابتلاء من سنن الله التى لا تتبدل ولا تتغير، ومصر فى هذه الأيام فى بلاء، أفلا تتأسون ومفتيكم بنبى الله يوسف، وحكايته مع المصريين والبقرات السبع فى السنين العجاف؟
يا أيها العلماء الأجلاء، ويا رجالات الأزهر، منارة الإسلام، ويا مفتى مصر، ألا تستوجب مصر منكم أن تتدارسوا تأثير الحج هذا العام على الاقتصاد المصرى، وما له وما عليه، وتجتمعوا على كلمة سواء، وتفتونا فيما يعوزه البيت وما يعوزه الجامع؟!