اغلق القائمة

الثلاثاء 2024-04-30

القاهره 07:59 م

محمد الدسوقى رشدى

«دببة» إثارة الأزمات فى شوارع مصر

بقلم - محمد الدسوقى رشدى الأحد، 28 أغسطس 2016 09:00 ص

سنتخذ من طريق حسن النوايا ممرًا لقراءة الوضع الحالى، مع الاحتفاظ بحقك كقارئ أن تفتح الباب لقراءة تفاصيله بسوء نية، فى الحالتين ستكون النتيجة واحدة، ولكن أفضل هنا السير فى ممر حسن النوايا لتدرك حجم الفاجعة.
 
بالنوايا الحسنة سنقول إن هواة التطبيل والنفاق والموالسة من مذيعين وكتاب ونواب يفعلون ذلك ظنًا منهم أنهم يدعمون الدولة فى وقت الخطر، وفى ظروف إقليمية ودولية صعبة، بينما النوايا السيئة تخبرنا- وهو الأقرب للصواب- أن بعض هؤلاء المطبلاتية يفعلون ذلك ابتغاءً لمصلحة وطمعًا فى قرب من سلطة هم لم يفهموا بعد أنها لن تمنحهم ماكان يحصل عليه المقربون، أو المطبلاتية فى أزمان أخرى.
 
لا شىء أخطر على صفك الوطنى من أفراد يؤكدون أنهم معك فى نفس الصف كتف بكتف، ولكنهم معدومى الكفاءة، ورصاصهم يخترق ظهرك بدلًا من أن يذهب إلى صدور خصومك، هؤلاء يشبهون الدببة، هم التجسيد الحالى للأسطورة المعروفة شعبيًا باسم «الدبة التى قتلت صاحبها».
 
تراثيًا يعرف المصريون تلك القصة «عابر سبيل مر بأرض قاحلة، عثر على دب أنهكه التعب بعد السقوط فى فخ صياد، وبشهامة فك أسره، وقرر الدب أن يرافقه لحمايته ردًا للجميل، ومن التعب نام الرجل فى ظل شجرة وجلس الدب بجواره يراقبه ويحرسه، ومن بعيد ظهرت «ذبابة» فوق رأس النائم وتقترب منه، انتفض الدب لحماية صاحبه وانتزع حجرًا وألقاه فوق الذبابة دون أن يدرى أنه قبل قتلها قتل صاحبه».
 
ركز فى قائمة الأزمات الأخيرة، وردها إلى أصلها، ستكتشف أن منبعها موجة تطبيل عالية لبعض النواب أو السياسين أو الإعلاميين، بداية من رئيس مجلس النواب الدكتور على عبدالعال، الذى لم يدرك حتى هذه اللحظة جلال كرسى رئاسة البرلمان كرأس للسلطة التشريعية المنوط بها الرقابة على السلطة القضائية والتنفيذية، والتكامل معها بندية من أجل مصلحة الوطن، فانطلق يغازل فئات القضاة والعسكريين القدامى بتصريحات تعلى من شأنهم، وتحط من شأن المواطن العادى، فخلق صورة ذهنية أثارت جدلًا بأن مايحدث نفاق من السلطة التشريعية للسلطتين التنفيذية والقضائية.
 
من بعده وزير التنمية المحلية، أحمد زكى بدر الذى ظن وهو يضلل الصحفيين بتصريح عدم وجود حركة محافظين قريبة، أنه يرفع الحرج عن الدولة، ليعانده القدر بتصريح معاكس لكلماته فى نفس اليوم على لسان رئيس الوزراء، يؤكد فيه أن حركة المحافظين قريبة، ليظهر المشهد وكأن الحكومة تناقض نفسها ومرتبكة، ولا يوجد تنسيق بين رئيس الحكومة ووزرائه، ثم يظهر فى الكادر الكابتن عزمى مجاهد الإعلامى حاليًا وهو يشن هجومًا حادًا على الشعب المصرى ويعايره بالرئيس ويتهمه بأنه شعب لا يستحق حاكمه، ويؤكد أن الشعب هو سبب كل المشاكل، فيظهر المشهد وكأن الدولة تريد أن تجعل من الحكومة شماعة لأخطائها أو تعثرها، رغم أن الدولة منوط بها إدارة مواردها بالشكل الأمثل، وشعب الدولة مورد هام من مواردها، فإن أخطأ فتلك خطيئة الدولة التى فشلت فى إدارة أهم مورد من مواردها.
 
إعلامى آخر هو الأستاذ أحمد موسى، أجرى استطلاعًا للرأى عن الرئيس فجاءت نتائج الاستطلاع مخالفة لتوجهاته، فقرر أن يجعل من الإخوان وقطر شماعة يعلق عليها سوء اختياره فى نوعية سؤال الاستطلاع وتوقيت طرحه، وخرج بمبرر أن صفحته تعرضت للقرصنة، ومثله باقى طقم النواب والإعلاميين الذين يظنون بكلامهم عن ترشيح الرئيس لفترة ثانية فى ذلك التوقيت قبل عامين من انتهاء المدة الأولى أنهم يدعمون الدولة والرئيس، بينما فى الواقع يوحى تشنجهم وتسرعهم أن الدولة المصرية فى خطر، وهذا آخر ما تحتاجه مصر حاليًا تصدير فكرة الارتباك والخطر بدلًا من الاستقرار والأمل.
 
دبة أخرى تحمل لقب محافظ المنيا، وهو اللواء طارق نصر الذى ظل لأيام يخفى معالم الفتنة الطائفية فى المنيا، ظنًا منه أنه يحمى الدولة، بينما كانت نهاية المشهد مؤلمة وتصدر صورة بأن الدولة ممثلة فى المحافظ تتستر على جريمة طائفية، ولم ينتهِ الاحتقان إلا بتدخل الرئيس نفسه لتقديم الحلول وتهدئة الموقف.
 
وزير التموين المقال أو المستقيل أو المجبر على الاستقالة، يمثل نوعًا أخطر من الدببة، كان خالد حنفى أكثر الوزراء إطلاقًا للتصريحات الوردية من نوعية توزيع اللحوم والفراخ على بطاقات التموين، وهو يظن أنه بتصريحاته يقوى فكرة حضور الدولة فى السوق، بينما هو فى الحقيقة كان يورط الدولة بما لاطاقة لها به، ونفس الأمر فعله فى أزمة الإقامة بفندق خمس نجوم، بينما حكومته تدعو للتقشف، ونفس الأمر كرره فى أزمة فساد القمح، حينما نفى فكرة الفساد وعطل عمل لجنة تقصى الحقائق، فظهرت منه الصورة وكأن الحكومة تتستر على فسادها.