اغلق القائمة

الأحد 2024-04-28

القاهره 12:32 ص

الانقلاب ضد مصدق وإعادة شاه إيران

ذات يوم.. المخابرات الأمريكية تنفذ خطة الانقلاب ضد مصدق وإعادة شاه إيران

يكتبها - سعيد الشحات الجمعة، 19 أغسطس 2016 09:44 ص

كان الزعيم الإيرانى محمد مصدق خطيبا مفوها يجيد تحريك العواطف، ومثقلاً بأحزان الشيعة، بحسب وصف الكاتب محمد حسنين هيكل فى كتابه «مدافع آية الله» عن «دار الشروق - القاهرة», وينقل فيه كيف رآه شخصيا فى البرلمان الإيرانى وقت زيارته لطهران عام 1950، وكان عمره وقتها 70 عاماً «مواليد 16 يونيو 1882»: «حضرت عدة مناقشات فى المجلس، وأصبحت خصائص أسلوبه الخطابى مألوفة لدى، فعادة ما كان يبدأ بالتحدث إلى النواب عن آلام الشعب الإيرانى، إلى أن يتملكه الثائر من بلاغته شخصيا فينفجر باكيا، ثم يتحول البكاء إلى نوبة سعال، ثم ينهار تماما، فيندفع إليه النواب يقدمون إليه أكواب الماء، والكولونيا، والمنعشات ليشمها، وبعد قليل ينجحون فى إعادته للوقوف على قدميه، ويشرع فى مواصلة خطبته، ليغلبه الثائر بنفس الطريقة مرة أخرى بعد خمس دقائق».
 
يواصل هيكل: «كان الجميع يتعجبون من صدق عواطفه، وبلا شك فقد كان «مصدق» مخلصاً للغاية، وبحلول عام 1950 أصبح تجسيدا لطموحات الشعب الإيرانى، لكنه كان فاشلاً من وجهة النظر العملية كسياسى، إذ لم يكن لديه فكرة قط عن التنظيم والإدارة» وحسب كتاب «التاريخ السرى لتآمر بريطانيا مع الأصوليين» تأليف «مارك كوتيس» ترجمة: كمال السيد «المركز القومى للترجمة - القاهرة»: «كان مصدق يحظى بتأييد شعبى هائل، واستطاع بصفته رئيسا للوزراء أن يحطم قبضة كبار ملاك الأرض والتجار الأثرياء والجيش والإدارة المدنية على الشؤون الإيرانية».
 
كان نائباً فى البرلمان منذ عام 1906، وأسس «الجبهة الوطنية» وأصبح رئيسها عام 1944، وطبقاً لـ«هيكل»: «أصبح رئيساً للوزراء فى 19 إبريل 1951، وأصدر قانون تأميم البترول فى أول مايو 1951»، وكانت شركة النفط «الأنجلو - إيرانية» تستخرج البترول وتصدره إلى بريطانيا، وحسب «كوتيس»: «كانت الشركة ملكية بين الحكومة البريطانية ومواطنين بريطانيين، وأصبحت بحلول عام 1951 إمبراطورية داخل الإمبراطورية فى فارس، وكان دخلها أكبر من دخل الحكومة الإيرانية، ففى عام 1950 ربحت 170 مليون إسترلينى دفعت منها إتاوة هزيلة إلى الحكومة تتراوح بين 10 و12 ٪ من دخلها، فى حين كانت الحكومة البريطانية تحصل على 30 ٪ كضرائب».
 
 كانت أول نتائج التأميم، توقف الشركة عن دفع التزاماتها للخزانة الإيرانية، فتوقفت رواتب العديد من موظفى الحكومة، ويذكر «هيكل»: «فى 26 مايو أقامت الحكومة البريطانية دعوى ضد إيران فى محكمة العدل الدولية فى لاهاى، وأوصت المحكمة يوم 5 يوليو بالعودة إلى إنتاج البترول كما كان الحال، وفى 31 يوليو توقف تكرير البترول كلية، وفى ربيع 1953 تدهور الموقف، حيث زادت البطالة».
 
كان الفقيه الشيعى آية الله كاشانى حليفاً قوياً لـ«مصدق»، وطبقاً «كورتيس»: «كان أهم شخصية دينية فى إيران، وفى عام 1944 أسس «فدائيان إسلام» كفرع إيرانى رسمى للإخوان المسلمين ونفذ هجمات إرهابية ضد الشاه فى أواخر الأربعينيات، وأصبح «كاشانى» رئيسا لمجلس النواب، لكنه اختلف مع مصدق عام 1953، وتفاقم بإقالته من رئاسة البرلمان، ومع الأوضاع الاقتصادية السيئة تهيأت الفرصة لنجاح خطة المخابرات الأمريكية فى الإطاحة بمصدق فى مثل هذا اليوم «19 أغسطس 1953»، وأعدها كيرمت روزفلت بالتنسيق مع ممثلى «شركة البترول الإنجلو إيرانية»، وفى التفاصيل المدهشة وحسب «كورتيس» قامت الخطة على تمزيق جبهة مصدق، بالاستعانة بـ«كاشانى» وقدرته على تنظيم المظاهرات نتيجة ضخامة أتباعه، ودفع بريطانيا لعطايا لكبار التجار وقادة الجيش والشرطة ونواب البرلمان والشيوخ والملالى ومحررى الصحف وقدامى رجال الدولة وقادة الدهماء، كما حرك البريطانيون عملاء داخل حزب «توده الشيوعى» ليعتدوا على الجوامع والشخصيات العامة، بقصد دفع الإيرانيين للاعتقاد بأن هكذا سيكون الوضع حال انتصار مصدق. فى 19 أغسطس 1953 تم الهجوم على بيت «مصدق» ونهبه بعد اشتباكات سابقة أسقطت 300 قتيلاً، وفى اليوم التالى استسلم إلى الجنرال زاهدى الذى عينه الشاه رئيساً للوزراء قبل أن يغادر البلاد إلى العراق فى حالة أقرب إلى مغادرته للحكم، ثم عاد بعد استسلام مصدق الذى قضت المحكمة يوم 21 سبتمبر بإعدامه، وقال يوم صدور الحكم: «الليلة ستعرف الأمة الإيرانية معنى الدستورية».
 
تم تخفيف الحكم إلى السجن، ووفقاً لـ«هيكل» نقلاً عن ابن مصدق: «وضع فى زنزانه تصل المياه فيها إلى وسطها، مما أدى إلى إصابته بروماتيزم حاد، نتج عنه شلل كامل، وظل فى السجن لمدة خمس سنوات، قبل أن يطلق سراحه، ثم مات فى 5 مارس 1967».