اغلق القائمة

الأحد 2024-04-28

القاهره 04:28 ص

كرم جبر

بلير كذاب وكان يعلم.. فلماذا يعتذر الآن؟

بقلم - كرم جبر الأحد، 10 يوليو 2016 09:00 م

رئيس الوزراء البريطانى الأسبق، تونى بلير، كذاب، لأنه كان يعلم قبل غزو العراق أن صدام حسين لا يمتلك كيماويا ولا نوويا، ولا يشكل تهديدا على إسرائيل أو أمريكا أو الغرب، والدليل على ذلك أن شريكه فى جريمة العصر، الرئيس الأمريكى الأسبق بوش الابن، عندما اطلع على تقارير الكونجرس والمخابرات الأمريكية، بعدم امتلاك صدام لتلك الأسلحة، قال بوقاحة وغطرسة: «حتى لو كنت أعلم ذلك، كنت سأغزو العراق».

دموع التماسيح التى يذرفها بلير الآن تمثيلية حقيرة، للإفلات من لعنة الإرهاب الذى صنعوه، ويهاجمهم الآن فى عقر دارهم بضراوة، وهو يعلم جيدا أن العفريت الذى حضروه ليس فى استطاعتهم أن يصرفوه، وكما صنعت أمريكا تنظيم القاعدة فى أفغانستان، فانقلب عليها فى برجى التجارة، يعيش الغرب هواجس 11 سبتمبر جديدة فى أوروبا، وتصاب حكوماتهم وشعوبهم بالهلع والذعر، إزاء التقارير المخابراتية الغربية، التى تحذر من موجات مقبلة من الإرهاب تجتاح أوروبا، ويظن بلير أنه يبرئ ذمته أمام شعبه، بالاعتراف بالخطأ، الذى لا ينفع معه اعتذار، لأن جريمة الغزو لا تزال توابعها تغرق المنطقة فى الدماء حتى الآن.

بلير كذاب، لأنه كان يعلم جيدا أن صدام والعراق لم يكونا الهدف من الغزو، وإنما المنطقة كلها، وهدمها وإعادة تركيبها فى إطار مسخرة الشرق الأوسط الكبير، وتوافقت خبرات بريطانيا الاستعمارية القديمة فى الشرق الأوسط، مع عنصرية بوش الابن وحكام البيت الأبيض، واستخدموا سلاح الحروب الدينية، كأفضل أسلوب لتفكيك دول المنطقة وتشتيت شعوبها، وهو ما عبر عنه أحد الساسة الأمريكيين بقوله: «لماذا نقتلهم ما داموا يقتلون بعضهم؟»، وخدعوا العالم بأكذوبة الديمقراطية، التى سوف تهب على دول وشعوب المنطقة من العراق، بعد القضاء على صدام وهدم مؤسسات الدولة العراقية.

بلير كذاب ولا يشعر بالذنب ولا تأنيب الضمير، واعتذاره موجه للغرب وليس للعراق ولا للشعوب العربية، لأنه يعلم جيدا أنه لن يحاسب أو يحاكم، وأن ردود الأفعال العربية لمحاكمته كمجرم حرب، مجرد شجب وإدانة وضجيج فارغ، وأنه يتمتع بحماية أمريكا، والمجرم الأكبر بوش الابن، الذى أصدرت حكومته قانونا يحصنه ضد أى مساءلة إزاء الجرائم التى ارتكبها.

بلير كذاب وجاء اعترافه متأخرا سنوات طويلة وليس جديدا، بعد أن أقرت لجان التحقيق التى شكلها الكونجرس ورئيس لجنة التفتيش الدولية هانز بيلكس، بأنه لم يثبت امتلاك صدام لأى أسلحة محظورة، وبعد أن أكدت تقارير المخابرات الأمريكية أن صدام لم يكن له أى دور فى 11 سبتمبر، ولم يلتق محمد عطا ولا أى من المتهمين العشرين فى أحداث برجى التجارة، وأن الجاسوس الخائن عميل أمريكا أحمد الجبلى، هو الذى دس عليهم هذه المعلومات، ورغم ذلك أقدم بوش على الغزو بقلب ميت.

بلير وبوش الابن لم يدمرا العراق فقط، بل امتدت جريمتهم إلى سوريا وليبيا وتونس واليمن، بنفس سيناريو إشعال الحروب الدينية، وهدم مؤسسات تلك الدول، وترك شعوبها فى حالة من الفوضى العارمة، والفارق الوحيد أنهم غزوا العراق بجيوشهم، وتركوا دول الجحيم العربى للاشتعال الذاتى، وتصوروا أن بوسعهم يدوسوا على أزرار فيوقفوا الحروب الأهلية عندما يشاءون، ولما فشلوا وغرقوا فى المستنقع السورى، يحاولون الخروج من المنطقة بأقل قدر من الخسائر، وهو ما أفصح عنه أوباما بأن أمريكا ستترك المنطقة فى يد قوتين إقليميتين هما السعودية وإيران، وستتجه نحو العالم الجديد الصاعد فى جنوب شرق آسيا. الله يلعنكم ويلعن من يثق فيكم ويتحالف معكم ويراهن عليكم، فبعد هدم دولة من أعرق دول التاريخ، وقتل أطفالها ونسائها وإيقاظ حروب السنة والشيعة، التى لم تجف دماؤها، منذ مقتل الإمام على كرم الله وجهه، فى صلاة الفجر على يد السفاح بن ملجم، يجىء السفاح بلير ويقول: آسف ضحكوا عليا.. خسئت.