اغلق القائمة

الإثنين 2024-04-29

القاهره 10:40 ص

محمود سعد الدين

"الخصومة فى الموت"

بقلم محمود سعد الدين الأربعاء، 06 أبريل 2016 06:00 م

هو فعلا الخلاف بيولد «العمى» والفجر فى الخصومة.. رحل اللواء سامح سيف الليزل عن دنيانا تاركا رصيدا أمنيا وسياسيا وشعبيا، تتفق أو تختلف معه، هو حق أصيل لك، إنما أن تستخدم عددا من العبارات التى يبدو منها أنك سعيد بالموت، ولا تقول حتى «البقاء لله»، فعليك أن تعلم أن «المشكلة فيك» وليس فى الخلاف السياسى فيما تتبناه أنت أو تعتقده، وفيما يعتقده أو يؤمن به أو دعا له اللواء سامح سيف الليزل.

لماذا أقول هذا الكلام، لأن البعض يردد على مواقع التواصل الاجتماعى عبارات خارج حدود اللياقة الأدبية بعد موت الرجل، دون اعتبار لحرمة الموت، مع استخدام بعض البهارات من نوعية أنه لن يتأثر بسيف الحياء ولن يترحم على الرجل، بل وسيستبدلها بعبارات عن خروج المظلومين من السجون ودوام العدل فى البلاد، وتوقف عمليات السرقة من «الجيوب».

يا حضرة المواطن، حضرتك المشكلة، وليس الخلاف السياسى، أنا مختلف تماما مع جماعة الإخوان، ولكن كنت شديد الحزن على وفاة فريد إسماعيل فى السجن، وترحمت عليه، وكنت أشد حزنا على وفاة ناصر الحافى وترحمت عليه، وكان مشهد وفاة أسماء البلتاجى هو الأسوأ فى حياتى.. لماذا؟، لأن الإنسانيات بعيدة عن أى موقف سياسى، لأن الرحيل من الدنيا ليس له علاقة بمدى قربى أو بعدى عن أفكارك وأهوائك السياسية أو حتى انتماءاتك الأيديولوجية.

الخلط فى الأمور من قبل أصدقائنا من جيل المعارضة الجديدة يضعهم فى خندق، فلا هم نجحوا فى التعبير عن آرائهم السياسية بوعى وحكمة ولا هم حازوا على ثقة شباب آخرين فيما يطرحونه من أفكار، وبنموذج ما حدث مع سامح سيف الليزل، يجعل المسافة بينهم وبين الواقع كبيرة، حتى لو كانت أمانيهم وتطلعاتهم واسعة.

على الجانب الآخر، مع اختلافى لمواقف اللواء سيف الليزل، وسبق أن كتبت مقالا فى منتصف 2014 عن «الخبير الاستراتيجى»، وكنت أنتقده بالأساس، غير أننى اليوم لا أجد نفسى إلا مجبرا على الكتابة عن محاسن الرجل الذى شارك فى حرب 1973 ضمن الفرقة 14 مدرع، وبعدها انتقل للمخابرات الحربية ومنها للمخابرات العامة ولعب وقتها دورا فى قضية رأفت الهجان، حيث كان ضابط المخابرات الذى جسد شخصيته الفنان محمد وفيق، فضلا عن أعمال أخرى سرية انتهت بخروجه من الجهاز وظهوره للمشهد العام، حيث لعب دورا بارزا فى تحليل عدد من القضايا الأمنية فى البرامج الفضائية، كما ترأس مركز الجمهورية للدراسات.

وفى أعقاب ثورة يونيو لعب دورا بارزا فى تأسيس ائتلاف حب مصر- بعيدا عن موقفك من الائتلاف- وهو الائتلاف الحاصل على أكبر عدد من الأصوات فى القطاعات الأربعة على مستوى الجمهورية، ومن بعدها تغير اسمه إلى ائتلاف دعم مصر، ومن الائتلاف خرج رئيس البرلمان الدكتور على عبدالعال، ولعب سيف الليزل دورا فى التأسيس للبرلمان قبل انعقاده واكتمال تكوين أركانه وصولا إلى حياة برلمانية قوية، حتى اشتد عليه المرض فى الأيام الأخيرة، وحجز فى المستشفى حتى فارق الحياة، وشارك فى جنازته اليوم رئيس مجلس النواب على عبدالعال وقيادات البرلمان ودعم مصر وعدد كبير من الشخصيات العامة.

رحل الرجل تاركا وقائع خلفه، سيقيمها التاريخ سلبا وإيجابا.. رحمة الله عليه.