اغلق القائمة

السبت 2024-04-27

القاهره 04:20 م

أحمد جمعة

سيحاسب السيسى على الشباب

أحمد جمعة الجمعة، 28 أكتوبر 2016 03:00 م

تم دعوتى للمشاركة فى المؤتمر الوطنى الأول للشباب فى مدينة شرم الشيخ بمشاركة ما يقرب من 3 آلاف شاب مصرى من كل حدب وصوب، جاءوا إلى مدينة السلام مفعمين بالأمل والحماس لعرض أفكارهم ورؤيتهم للمشكلات التى تواجه مصر الكنانة التى تعانى فى ظل وضع إقليمى صعب ويشكل خطرا على مستقبل المنطقة.
 
كان أول سؤال دار فى ذهنى هل فعلا سيستمع الرئيس السيسى لأفكار الشباب ورؤيتهم فى التعاطى مع الأزمات الراهنة التى تضرب مصر؟ هل جاء الرئيس كى يستمع إلينا وينصت أم جئنا للاستماع إليه؟ استيقظت صباح أول يوم المؤتمر استعدادا لحضور حفل الافتتاح والورش المتخصصة فى كافة المجالات وعلى رأسها الاقتصادى والسياسى والثقافى، منذ أن وطأت قدمى قاعة المؤتمرات فى شرم الشيخ وجدت وجوها متباينة ما بين مؤيد ومعارض ما بين وزراء ومحافظين، كان الحضور الطاغى من الشباب الذين رأيت فى أعينهم نظرة الخوف والترقب للمستقبل الغامض ومدى قدرة أبناء جيلنا على تخطى الصعاب والخروج بمصر إلى بر الأمان.
 
وجدت أول تجمع وطنى حقيقى منذ ثورة 30 يونيو التى وحدت صفوف الشعب المصرى تحت راية واحدة، سعيت للبحث عن الشباب المشارك فى المؤتمر لمعرفة أى شريحة أو منطقة جغرافية يستهدفها المؤتمر، فوجدت المؤتمر يضم كافة الشرائح الشبابية فى كل المجالات من مختلف ربوع مصر من محافظات أسوان ومطروح والدلتا، جلسنا جميعا نتشارك حول هدف وحلم واحد نسعى لتحقيقه وهو "بناء وطن".
 
حضرت ورشة حول الاقتصاد الوطنى وسبل النهوض به واستعمت لآراء شباب البرنامج الرئاسى ورؤيتهم لحل أزمات مصر الاقتصادية فى حضور عدد من المسئولين والمتخصصين والوزراء الذين استمعوا لآراء وأفكار شبابنا المشاركين فى كل محافظات مصر، كان يجلس على يسارى شاب مصرى من مطروح وعلى يمينى آخر من سيناء، وبالرغم من الألم الذى حمله هؤلاء الشباب الذين تناقشت معهم حول المشكلات الراهنة فى مصر وجدتهم يحملون وجهات نظر متباينة ما بين مؤيد ومعارض ولكنهم اتفقوا جميعا على مصر وكيفية النهوض باقتصادها فى المستقبل.
 
من خلال انتقالى للمشاركة فى ورش العمل ولاسيما التى تتناول المشاركة السياسية للشباب وجدت أن شبابنا وأحزابنا على قدر كبير من الضعف وعدم تمتعهم بالوعى السياسى الكاف وهو ما يثبت فشل تلك الأحزاب فى إثراء الحياة السياسية، جاء غالبيتهم محملا بأفكار مواقع التواصل الاجتماعى دون أن يفكر فى المغزى والهدف من تلك الأفكار الهدامة التى لا تبنى أوطانا، وجدت فى الورش الثقافية مدى حالة الاضمحلال اللغوى التى طالت عدد كبير من شبابنا الذى يقفز للمصطلحات الأجنبية فى كلمة جملة مع ضعف أسلوبه فى العرض ونقل وجهة نظره، وهو ما فند بداخلى نظرية أن الشباب المصرى قادر على قيادة المرحلة فى ظل افتقاده للعديد من المهارات الضرورية والهامة لقيادة شعب، وخلال حضورى لورشة مشاركة الشباب المصرى فى المحليات تيقنت أن صراعا خفيا يدور فى الأروقة بين الأحزاب السياسية للدفع بشبابها للمحليات بالرغم من عدم امتلاك غالبيتهم لرؤية واضحة للنهوض بالمحليات وانتشالها من مستنقع الفساد.
 
فى المقابل شباب يشبهنا فى الطباع والملامح التى يبدو عليها الشقاء لكنهم محملين بالعلم والإرادة والأمل، تحدثت معهم فى عدة قضايا ولاسيما الوضع الإقليمى والدولى فوجدته يمتلك قراءة تحليلية أكثر ممتازة للأوضاع الجارية فى المنطقة، أكدوا لى أنهم مجموعة من الشباب الذين يسعون لبناء وطنهم وقيادة سفينة الوطن فى المستقبل لكن ذلك يحتاج لـتأهيل وتدريب كاف لذلك وهو ما وفره لهم "البرنامج الرئاسى لتأهيل الشباب للقيادة".
 
وأعتب على الشباب الذى قاطع المؤتمر ووجه له الطعنات لأنه كان يمثل فرصة جيدة لنقل أفكاره ورؤيته للوضع الحالى بل وتوجيه النقد للرئيس نفسه الذى كان منصتا لكل ما قيل، ليس الحل أن تكون مقاطعا أو سبابا وشتًاما لكن الحل يكمن فى الحوار للوصول لنقطة تلاقى تحمى وتحفظ مصر من الانهيار.
 
للحق أقول، نحن بحاجة لعشرات الورش المتخصصة فى كافة المجالات على مدار العام فى مراكز الشباب والأندية لتبادل الأفكار والرؤى ووضع حلول مشتركة وورقة توصيات يتم رفعها للقيادة السياسية للبت فيها واتخاذ قرارات حاسمة بشأنها، وأتمنى أن تهتم مؤسسة الرئاسة بحالة الحوار المستمر مع الشباب حتى لا نفقد الحالة والروح التى خلقها مؤتمر شرم الشيخ الذى أفرز بداخل الشباب هرمونات التحدى والإصرار على بناء مصر دون الالتفات للهدامين الساعين للسخرية من أى تحرك إيجابى نحو البناء والتعمير.
 
شهادتى لما حدث فى المؤتمر الوطنى الأول للشباب فى شرم الشيخ أن التاريخ لن يرحم الرئيس عبد الفتاح السيسى حال تقاعس عن تأهيل شبابنا لقيادة سفينة الوطن فى المستقبل، سيحاسبه الله لو انتهج نفس السياسة التى سعى الرئيس الأسبق حسنى مبارك لترسيخها فى وجدان الشباب وهى سياسة التهميش والتجاهل وكسر أى طموح شبابى يرنو لبناء دولة ديمقراطية قادرة على قيادة وريادة الأمة العربية التى تعانى من الوهن والضعف.
 
تألم الشباب المصرى كثيرا خلال العقدين الأخيرين ويحتاج لطاقة أمل ونبراس ينير له طريقه الصعب نحو المستقبل، السؤال الآن هل شبابنا مستعد للحوار الشامل؟ هل شبابنا قادر على مواجهة المسئولين بالنقد البناء للمشاركة فى بناء وطن تمزقت أوصاله؟..نعم بداخلنا ألم وجرح كبير بسبب تهميشنا خلال العقدين الأخيرين ولكن اللحظة الحالية تفرض علينا تحويل الألم إلى أمل لمستقبل مشرق.