اغلق القائمة

الثلاثاء 2024-04-30

القاهره 09:21 م

د. إبراهيم نجم

مؤتمر الإفتاء يتحدى الإرهاب بالتعلم والتدريب

بقلم - د. إبراهيم نجم الإثنين، 10 أكتوبر 2016 08:00 م

نسبة كبيرة من بين أعداد المنضمين للتنظيمات المتطرفة داعش وأخواتها –تبلغ نحو 50%- هى نسبة الوافدين إلى هذه التنظيمات الإرهابية من الأقليات المسلمة فى العالم.
 
جرس إنذار قوى يلفت النظر إلى طريقة التكوين النفسى والعقلى للمسلمين الجدد ولأبناء المسلمين فى العالم، ويطرح مجموعة من الأسئلة المشروعة: ماذا يتعلمون؟ أين يتعلمون؟ من يتولى إرشادهم ويجيب على فتاويهم؟ إلى من يلجئون لحل مشكلاتهم وقضاياهم؟ لماذا يحاول الأدعياء استغلالهم سياسيا ومذهبيا؟
 
وكيف نحول بين دعاة الشر وبين الباحثين عن الارتواء بالإسلام؟ ومتى نتواصل مع المسلمين من أهل هذه البلاد الذين طال انتظارهم لنا ولسان حالهم يقول: لا تدعونا فريسة لأصوات الظلام الشيطانية التى تسخرنا من أجل الاستغلال السياسى لمصالحها وأهدافها؟
 
لم تعد الإجابة عن هذه الأسئلة رفاهة، ولم يعد السعى فى إيجاد آليات تضمن لهؤلاء المقبلين على تعلم الدين تعلما رشيدا صحيحا فى بلاد تجمع بين فوضى المصادر التى تدعى التحدث باسم الإسلام وقلة المؤهلين الجامعين بين الوعى الحقيقى والسعى الرشيد والتأهل الصحيح.
 
وكلمة السر الأولى فى هذا كله هى التعليم والتدريب بالأخص فى مجال الإفتاء، فالإفتاء هو الصلة بين الشرع الشريف والواقع المعيش، ومن يقوم به يقوم بتبصير الناس بمراد الله منهم فى وقائع حياتهم، وهنا يتجدد السؤال حيال عملية تعليم المفتين فى هذه البلاد: عن الأساتذة والمدرسين، عن المناهج والمقررات، عن الجو المصاحب لعملية التعليم والتدريب، عن القيم التى تبينى عليها العملية التعليمية التدريبية، عن طريقة التطبيق.
 
لا أشك أن وراء كل فتوى مدمرة وكل فكرة إرهابية جهلا بالأصول والفروع، وما أكثر من يتعمد حجب الحقائق عن المسلمين الجدد، وما أشد احتياج الجميع للاعتناء بالتعليم والتدريب، وما أشد جرم من يتجرأ على الإفتاء من غير علم.
 
رَوَى أَبُو دَاوُدَ فِى سُنَنِهِ مِنْ حَدِيثِ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رضى الله عنه قَالَ: «خَرَجْنَا فِى سَفَرٍ فَأَصَابَ رَجُلًا مِنَّا حَجَرٌ، فَشَجَّهُ فِى رَأْسِهِ،(أى جرحه)
 
 ثُمَّ احْتَلَمَ، فَسَأَلَ أَصْحَابَهُ فَقَالَ: هَلْ تَجِدُونَ لِى رُخْصَةً فِى التَّيَمُّمِ؟
 
قَالُوا: مَا نَجِدُ لَكَ رُخْصَةً، وَأَنْتَ تَقْدِرُ عَلَى الْمَاءِ.
 
فَاغْتَسَلَ، فَمَاتَ.
 
فَلَمَّا قَدِمْنَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ أُخْبِرَ بِذَلِكَ، فَقَالَ: قَتَلُوهُ قَتَلَهُمُ اللَّهُ أَلَا سَأَلُوا إِذَا لَمْ يَعْلَمُوا؟ فَإِنَّمَا شِفَاءُ الْعِى السُّؤَالُ إِنَّمَا كَانَ يَكْفِيهِ أَنْ يَتَيَمَّمَ وَيَعْصِرَ- أو يَعْصِبَ- عَلَى جُرْحِهِ خِرْقَةً ثُمَّ يَمْسَحُ عَلَيْهَا، وَيَغْسِلُ سَائِرَ جَسَدِهِ ».والعى هو الجهل، وَشِفَاءَهُ السُّؤَالُ
 
لا شك أن الأمل يحدونا أن يؤتى مؤتمرنا هذا ثمرته.
 
يحدونا أمل فسيح فى أن ينتج عن المؤتمر برامج تعليمية وتدريبية للمفتين من الأقليات المسلمة تهيئ لهم العيش مواطنين صالحين فى بلادهم مع الاحتفاظ بقيمهم وشعائرهم ودينهم.
 
ويحدونا أمل فسيح أن ينتج عن المؤتمر برامج تدريبية لعدد من قيادات المؤسسات والهيئات المعنية بالفتوى تسهم فى نقل تجربتنا الرائدة مع مراعاة ظروف المكان والزمان والأحوال، كما يحدونا الأمل أن يكون مؤتمرنا تجفيفا لمنابع الشر الإرهابية، وبذرا للمحبة والسلام والتعايش فى رسالة تخرج من أرض الكنانة أرض الأزهر الشريف تصل إلى العالم كله وما ذلك على الله بعزيز.
 
حقًا إنها المواجهة العقلية والفكرية يقودها الأزهر الشريف ودار الإفتاء المصرية، والكيان الوليد العملاق "الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء فى العالم" وهذا قدرنا نستند إلى رصيد تاريخى هائل وخبرة بالواقع المعيش وتجربة متنامية يومًا بعد يوم فى مواجهة الإرهاب والتطرف، ومن أجل ذلك تأتى أهمية المؤتمر الذى نعقده فى القاهرة خلال الأيام المقبلة.
 
(أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِى السَّمَاءِ* تُؤْتِى أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ) إبراهيم24: 25.
 
·      مستشار مفتى الجمهورية .