اغلق القائمة

الإثنين 2024-05-06

القاهره 03:56 م

الطفلة جنة

بعد وفاة الطفلة "جنة" نتيجة الإهمال.. الرعاية المركزة فى مصر فى حاجة إلى "إنعاش".. تدخل بجلطة تموت بالتهاب رئوى واضطراب أعصاب فوق البيعة.. استخدام الأدوات أكثر من مرة أهم المشكلات

كتبت - مروة محمود إلياس - فاطمة ياسر السبت، 05 سبتمبر 2015 09:43 ص

نقلا عن العدد اليومى...


كارثة إهمال طبى جديدة هزت مصر، بعد وفاة الطفلة «جنة» لاعبة الجمباز التى لم تتخط السنوات العشر من عمرها، بعد أن تعرضت لحادث سير انتقلت بعده إلى العناية المركزة بأحد أشهر المستشفيات الخاصة، وقضت فيها أيامها الأخيرة تعانى من الإهمال الطبى لدرجة أن والدتها وجدت بفمها الصغير 3 يرقات «ديدان»، فيما انتشرت بحجرة الرعاية الصراصير والحشرات.

إنها ليست الواقعة الوحيدة التى تكشف مدى الإهمال الطبى فى المستشفيات، لأنه دائمًا ما تصادفك قصص المرضى الذين يذوق أهاليهم الأمرين للبحث عن سرير فى غرف الرعاية المركزة بالمستشفيات فلا يجدونه، وإن وجدوه بعد عناء طويل صار هذا السرير فى هذه الغرفة مصدرًا آخر للعدوى والمرض.

ويموت المريض أحيانًا ليس بسبب حالته التى دخل بها، ولكن بسبب مرض انتقل إليه من غرفة الرعاية التى تحتاج لرعاية، وهو ما لا يفرق بين مستشفى حكومى أو خاص، باختلاف درجات الإهمال ونوعه، فبين نقص شديد يلحظه ويرصده الجميع منذ سنوات فى أسرة الرعاية المركزة بكل مستشفيات مصر دون استثناء، وبين درجة جودة هذه الرعايات، وبين النقص الحاد فى الكفاءات الطبية والتمريض المتخصصين فى التعامل مع مرضى الرعاية المركزة، نوضح مواطن الضعف وسبب المشكلة فى المنظومة الطبية «القاتلة».



وعن أحوال الرعاية المركزة فى مصر، والتى تحتاج لرعاية، جاء تصريح الدكتور محمد عبدالفتاح، أخصائى الرعاية بمستشفى أبوالريش الجامعى، لـ«اليوم السابع»، مؤكدًا أن زيادة نسب الحالات التى تحتاج للعلاج بالرعاية المركزة، مع ضعف ونقص عدد الرعايات فى كل مستشفيات الدولة، سواء الخاصة أو العامة، أحدثت خللًا رهيبًا تتزايد خطورته يوميًا، كما أن التكلفة العالية التى يتطلبها تجهيز سرير واحد من أسرة الرعاية المركزة بكل ملحقاته ومشتملاته، ومن بينها أجهزة تنفس صناعى، ومحاليل، ومضخات محاليل، وأدوية مضادات حيوية سريعة، وعمليات تغيير الدم، وقسطرة القلب، والكانيولات، وغيرها، جعل من الصعب توفير عدد مناسب وكاف من هذه الأسرة، كما قلل من جودتها، فمستشفى الدمرداش بكامل قوته يحتوى فقط على 3 أسرة رعاية، أما أبوالريش فيحتوى على 35 سريرًا فقط، على سبيل المثال لا الحصر.

واللافت والمحزن فى الوقت ذاته أن أصبحت الرعاية المركزة مصدرًا للأمراض والعدوى، حيث تم رصد حالات عدوى كثيرة داخل غرف العناية، منها الالتهاب الرئوى والاضطراب المناعى، وعن هذا الأمر يؤكد الدكتور عبدالفتاح أن قلة الإمكانيات تؤدى - للأسف - إلى إعادة الممرض والطبيب لاستخدام الأدوات لنفس المريض أكثر من مرة، مما ينشط الميكروبات والفطريات غير الظاهرة بالغرفة، إضافة لعدم اتباع الإجراءات الصحية والوقائية اللازمة والسليمة فى تنظيف وتعقيم أرضيات وأسرة الرعاية فى الكثير من المستشفيات، مما جعلها مصدرًا للأمراض والعدوى، إما لميكروب داخل الرعاية ذاتها نقله لها مريض يحمله، وهو ما يستلزم إجراء تحاليل ومزارع دم وبصاق لكل مريض قبل دخول الرعاية للحد من انتشار الميكروبات بها، وحماية باقى المرضى من العدوى.



ومن أهم هذه الأمراض التى قد تنقلها غرف الرعاية للكبار، قرح الفراش نتيجة قلة خبرة الممرضات، وعدم تحريك المريض، وتهويته بالشكل السليم، كذا الإصابة بالالتهاب الرئوى، وهو يمثل نسبة كبيرة من الحالات التى تزور الرعاية، والتهاب الجلد، واضطراب المناعة، واضطراب الجهاز العصبى للاعتياد على صوت المونيتور، واضطرابات نفسية كالتوتر والعزلة، أما فى الأطفال فيصبحون عرضة للإصابة بنقص الأكسجين، والالتهاب الرئوى الشديد، مما قد يؤثر على قدرتهم فى النطق والكلام والحركة لنقص أكسجين المخ.

وذكر الدكتور محمد عبدالفتاح بعض الحالات التى تتطلب دخول الرعاية المركزة فى الأطفال، منها حالات الغيبوبة، والسكر، والالتهاب الرئوى، والشلل الرخوى، والتشنجات، أما فى الكبار فالذبحة الصدرية، والجلطة، والشلل الدماغى، ونزيف المخ، وارتفاع الضغط الشديد، والفشل الكلوى، وغيبوبات السكر، وتسمم الدم.

ويضيف عبدالفتاح أنه لإجراءات وقائية سليمة داخل الرعاية المركزة، فلابد من صنع الأسرة والبلاط من مواد مضادة للبكتيريا، وهى معروفة ومستخدمة فى كل دول العالم، وتكون الأرضيات قطعة واحدة دون فراعات بين البلاطات، حتى لا تتراكم البكتيريا والفطريات بين الشقوق، وتعقم الغرفة حسب التعليمات الصحية والوقائية العالمية. أما عن زوار المرضى بالرعاية المركزة، فلابد- حسبما يوضح محمد عبدالفتاح- من خلع الأحذية قبل الدخول لزيارة المريض، وارتداء الجاون «بالطو طبى معقم» للاستعمال مرة واحدة، وارتداء قفاز، ويحظر على الأطفال والحوامل والمرضى بمرض معدٍ، والمرضى بميكروبات الدم، والالتهاب السحائى، والأنفلونزا الزيارة لأنهم مصدر عدوى.

وعن التمريض الخاص بالرعاية المركزة، فأكد عبدالفتاح أن تمريض الرعاية المثالى حسب البروتوكول العالمى يتضمن ممرضة واحدة لرعاية مريضين أو ثلاثة فقط فى الرعاية المركزة، وهو ما لا يتم اتباعه فى مصر، بحيث تتولى الممرضة أو الممرض الواحد أكثر من 3 مرضى، مما يقلل من قدرتهم على التركيز والملاحظة والمتابعة للحالات، وأدى لظهور حالات إهمال طبى حادة كحالة الطفلة «جنة»، مشيرًا إلى أن ممرض الرعاية المتخصص حسب البروتوكول العالمى لابد أن تتوافر فيه مميزات، منها أنه سريع الملاحظة والانتباه والتصرف، وقادر على اتخاذ قرارات وعلى درجة خبرة عالية، وماهر فى تركيب الكانيولات، وسحب العينات، وواع لكل إشارة ومتابع لتغييرات العلامات الحيوية، وقادر على تبليغ المختص بشكل سريع وسليم عن كل التغيرات التى تحدث للمريض.



وأكد الدكتور حسام عبدالغفار، المتحدث الرسمى لوزارة الصحة، أن وزارة الصحة تسعى لتحقيق الرعاية الطبية الكاملة للمواطنين، ولذلك تم تطبيق الميزانية الجديدة للوزارة، والتى اهتمت بتحديد بند خاص للنظافة والأمن فى المستشفيات، والذى تم تطبيقه بالفعل تحت إشراف من وزارة الصحة.

وأشار الدكتور محمد فوزى، استشارى طب الأطفال، مدير مستشفى أحمد ماهر، أن أعداد الأسرة فى المستشفيات الحكومية غير كافٍ لاستقبال المرضى، ولكن لابد أن تحتوى الرعاية المركزة فى جميع المستشفيات على 10 % على الأقل من عدد الأسرة، ولهذا فهناك خطة معروضة على وزارة الصحة للتطوير واستكمال الأسرة الكافية فى الرعاية المركزة فى جميع المستشفيات الحكومية.

وأكد مدير مستشفى أحمد ماهر أن هناك مشكلة كبيرة تواجه المستشفيات ومنظومة الصحة فى مصر، وهى نقص الكوادر المدربة على التعامل مع مرضى الرعاية الخاصة، وهذا النقص نجده فى التمريض والأطباء فى الجراحات والإسعافات الأولية، كما أن هناك العديد من المستلزمات الطبية التى تحتاجها الرعاية المركزة، وقد لا يتوفر بعضها بسبب ارتفاع تكلفة الإقامة اليومية لمريض الرعاية والعلاج، كما تعانى المستشفيات من عدم انتظام آليات نقل المرضى المحتاجين للعناية المركزة، حيث ينتظر المريض فى الاستقبال دون إعطائه الرعاية الكافية حتى يتم توفير سرير فى الرعاية المركزة، وهذا يمثل حملًا على المستشفى والأطباء والتمريض.

وأوضح فوزى أن هناك خطة معروضة على وزارة الصحة لزيادة أعداد الرعاية المركزة، عن طريق إنشاء مستشفى خاص بطب الحالات الحرجة وجراحات الطوارئ، وأن هناك تعاقدًا مع شركة مختصة لتنظيف المستشفى بأكمله، تحت إشراف قسم مكافحة العدوى فى المستشفى.

وأكد الدكتور عبدالرحمن مهدى، مدير مستشفى أم المصريين، أنه فى حال توفر أسرة فى أى مستشفى حكومى تبلغ وزارة الصحة بذلك، وتقوم بتحويل أى مريض يحتاج للعناية المركزة لهذه المستشفى، ولذلك وضعت وزارة الصحة رقمًا خاصًا للطوارئ لمساعدة المواطنين، وهو رقم 137.



وأكد مدير مستشفى أم المصريين أنه تم التعاقد مع شركات النظافة والأمن لتوفير الرعاية والنظافة فى المستشفيات الحكومية، وهذا يعد إنجازًا كبيرًا لمنظومة الصحة فى مصر، وخلال شهر سيطبق ذلك.

وأشار الدكتور هانى راشد، استشارى طب الأطفال، مدير مستشفى الهرم، إلى أن مستشفى الهرم مجهز بـ13 سريرًا للكبار، وكل سرير مجهز بجميع الأجهزة التى ربما يحتاجها المريض كجهاز التنفس الصناعى، وهناك غرفة للعناية المركز فى مستشفى الهرم للأطفال تحتوى على 4 أسرة.