اغلق القائمة

السبت 2024-04-27

القاهره 09:36 ص

صورة أرشيفية

حسين رمضان عويس يكتب: أنا وصديقى وخبرة السنين

الإثنين، 10 أغسطس 2015 10:12 ص

قابلته بعد فترة طويلة وجدته على نفس الحال من الحاجة والفقر، رغم إنه كان أكثر جيلنا ذكاءً، لكنه أقلنا نجاحًا فى الحياة العملية وكلما أقام مشروعًا خرج منه خاسرًا، لم يحقق نجاحًا يذكر، صافحته وجلسنا سويًا لساعات نجتر أحلى ذكريات الماضى والدراسة وجدته على حاله مقبلًا على الحياة راضيًا بحاله رغم محاولاته للنجاح. سألت مستنكرًا: كيف لم تنجح حتى الآن؟ بادرنى قائلًا: ليس فشلى تقصيرًا منى ولكن عدم توفيق وفى كل محاولة فاشلة أكتسب خبرة أكثر تفيدنى فى تجربتى اللاحقة وحرصى دائمًا ألا أقع فى نفس الخطأ مرتين فكما يقال من المخجل التعثر مرتين بالحجر نفسه. فالخبرة هى مكسبى الأول من تجاربى السابقة.

تذكرت هذه القصة وأنا أرى صديقى حاز النجاح فى عمله وأصبح يمتلك شركة ناجحة، العمل فيها كخلية نحل، أيقنت ساعتها قيمة ما قاله صديقى عن الخبرة.

والخبرة هى لفظ يطلق على ما يكتسبه المرء من التجارب السابقة والمخزون الداخلى.
ودائمًا ما يرتبط لفظ الخبرة بلفظة أخرى وهى التجربة، فالخبرة المتولدة عن تجربة هى أقوى أنواع الخبرة.

والخبرة نوعان: النوع الأول: هو الخبرة المباشرة وهى التى تاتى عن طريق التجربة التى يمر بها الفرد فى الواقع الذى يعيشه. فعلى سبيل المثال عندما يمسك الطفل بلهب شمعة فتلسعه النار يكتسب عندها خبرة مفادها النار تلسع الإنسان وهذه الخبرة تظل عالقة فى وجدان الطفل. وفى المقابل لو أخبرناه عشرات المرات بهذه الخبرة دون التعرض لهذه التجربة فقلنا له "النار تلسع" يكون مردودها أقل فى نفسه. فالخبرة التى يكتسبها المرء من خلال تجاربه السابقة الناجحة والفاشلة على حدٍ سواء تكون فى نفسه أعلى درجات الخبرة وتساعد على الاعتماد على النفس فى التواصل إلى الأحكام والنتائج النهائية وهو ما يطلق عليه الخبرة الذاتية.

أما النوع الثانى من الخبرة فهو الخبرة غير المباشرة. وهى الخبرة المكتسبة عن طريق الآخرين كنصح الوالدين للابن أو الاستفادة من ذوى الخبرة والاستفادة من الدراسة والقراءة أو الاطلاع على خبرات الآخرين.

ورغم قوة الخبرة المباشرة عن الخبرة الغير مباشرة إلا أننا نلجأ للخبرة غير المباشرة للاستحالة أن يمر الإنسان بكل التجارب الحياتية حتى يكتسب الخبرة فاستحالة أن يقفز الإنسان أمام سيارة حتى يكتسب خبرة بأن من تصدمه سيارة يتعرض لأذى وربما يموت وهناك الكثير من الخبرات التى يستحيل اكتسابها إلا عن طريق الخبرات الغير مباشرة.

وخبرات الإنسان تتزاوج بين المباشر وغير المباشر منها. ويمكن تقسيم مصادر الخبرة عمومًا إلى عشرة مصادر وهى:

1 ـ التجربة الذاتية وهى ما يمر به المرء من تجارب.
2 ـ تجارب الآخرين والتعلم منها.
3 ـ الدراسة : فعلى الإنسان الاستفادة بكل ما تعلمه فى دراسته.
4 ـ القراءة المكثفة والمتأنية فى شتى مجالات الحياة. وتركيز القراءة فى التخصص الذى يمارسه المرء والإطلاع على الجديد فى هذا المجال.
5 ـ الإطلاع على قصص أهل الخبرة وكفاحهم للوصول إلى النجاح.
6 ـ حضور الدورات والمؤتمرات المتخصصة فالطبيب يحرص على الدورات المهنية التى ترفع من قدراته وخبرته.
7 ـ السفر والترحال فصاحب مصنع النسيج يتابع المصانع الأوروبية ويسافر إليها ليتابع أحدث ما توصل إليه التقدم فى هذا المجال.

هل يختلف الناس فى اكتساب الخبرة؟


هل الناس سواء فى اكتساب الخبرة ؟ تختلف درجة الاستعداد عند الناس بتقبل الخبرة فالبعض يقع فى الخطأ بمجرد أن يرى غيره يقع فيه. فإذا انسكب بعض الماء على المنضدة وأردت أن تجففه فإن استعملت اسنفجة امتصت كل الماء. وإذا استعملت ورقة امتصت القليل من الماء، وهناك المعدن الذى لا يمتص الماء مهما حاولت.

والناس على نفس الشاكلة يختلف استعدادهم لامتصاص الخبرة. فهناك أشخاص كالإسنفج يمتص جل الخبرات التى يمر بها أو يجدها من حوله. وهناك أشخاص كالورق يمتص القليل، وهناك أشخاص لا تنفذ إليها التجارب مطلقًا فهم كالمعدن لا يخترقه الماء مطلقًا.

والخلاصة : اكتساب الخبرة ضرورة للمرء ولكى يكتسبها عليه بالبحث عن مصادرها كما ذكرناها، ومن قبل عليه تهيئة نفسه لامتصاص هذه الخبرة.