اغلق القائمة

الثلاثاء 2024-04-30

القاهره 03:47 م

أكرم القصاص

مسمار جحا الدستورى!

الإثنين، 02 مارس 2015 07:11 ص

لن تنتهى لعبة الدستورية والخلاف بين الفقهاء، ولم تعرف مصر دورة برلمانية مكتملة طوال 30 عاما باستثناءات بسيطة، وعليه لم يكن حكم بطلان مادة من قانون تقسيم الدوائر مفاجئا، كان متوقعا بسبب مادة تصنع تقسيما غير منطقى للدوائر، وإنما مجرد اختراع من ثم الأخذ به والدفاع عنه بالرغم من اعتراضات، والمادة 202 التى قضت المحكمة بعدم دستوريتها، توقع كثيرون سقوطها، وبالرغم من ذلك دافع عنها صناعها فى لجنة الإصلاح التشريعى، وبدت نوعا من الألغام.

توصل عباقرة القانون إلى تقسيم بعض الدوائر حسب عدد الناخبين، وهى خدعة تبدو مقبولة فى الشكل، لكنها تمثل ظلما تاريخيا وسياسيا لقطاعات من السكان، ثم إن تحديد الأهمية بعدد الناخبين يخلو من المنطق، ويتنافى مع عرف تاريخى وسياسى.

الاستناد على عدد السكان وحده فى محافظة تجاهل أهمية وخطورة الإقليم، محافظة مثل شمال وجنوب سيناء أو الوادى الجديد أقل سكانا من محافظات أخرى، لكنها ذات أهمية وخطورة، وقضاياها ومشكلاتها وأهميتها، نفس الأمر مع محافظة الوادى الجديد التى تشغل مساحة معتبرة، ولا يمكن النظر لها فقط من حيث عدد الناخبين، فضلا عن دائرة مثل بسيون فى الغربية التى ظلت منذ اختراع البرلمان ممثلة بنائبين، ثم جاء من انتزع منها نائبا، استنادا لاختراع غير منطقى، العدد، أو لتسديد خانات، وصناعة بناء شكلى لا علاقة له بالموضوع.

كانت قضية تقسيم الدوائر «مسمار جحا» الذى يستعمله الحزب الوطنى للاحتفاظ بالأغلبية الآلية، وبقيت المشكلة مع الإخوان الذين كانوا صورة مشوهة من الحزب الوطنى، وسعوا هم أيضا لتفصيل قانون يسهل لهم الأغلبية، اليوم لا يوجد حزب أو تنظيم يسعى لتشكيل مجلس تفصيل.

يتجه البعض دائما إلى نظرية المخططات الجاهزة، يعنى القول إنها مقصودة لتعطيل الانتخابات وتأخيرها، وأن هناك داخل السلطة من لا يريد انتخابات الآن ومع تأخيرها، أو أن هناك اتجاهات لتغيير الخريطة، وكلها أقوال لا دليل عليها وإنما مجرد كلام، ولا يوجد عاقل يتصور أن يبقى الحال من دون مجلس نواب، وهناك تشريعات فى حاجة لتعديل، وأخرى تتعلق بمصالح الناس.

قد تبدو القضية ذات تأثير معطل فى المراحل الانتقالية، مع العلم بأن الخلافات الدستورية ووجهات النظر المتعددة، فى القانون والسياسة، مستمرة فى كل الدول، ولهذا وجدت المحاكم الدستورية، لأن الانتخابات تحمل وجهات نظر نسبية، ربما تحل الرقابة السابقة على القوانين من المحكمة الدستورية ومجلس الدولة بعض المشكلات، لكن كل هذا لا يغنى عن وجود رقابة لاحقة، مع تغير المواقع والمصالح.