اغلق القائمة

السبت 2024-04-27

القاهره 07:43 م

محمد هاشم

محمد هاشم يكتب: رحمة من ربك ألا يكونوا مؤمنين

الإثنين، 02 فبراير 2015 05:53 ص

فى البداية أريد أن أوضح بعض النقاط التى كانت موجودة فى مقالى السابق الذى نشر يوم الثلاثاء الماضى تحت عنوان (الملحد فى الجنة) وكانت هناك اعتراضات كثيرة على الموضوع. وهى كيف بملحد أن يدخل الجنة؟.

أريد أن أقول انى اخترت نموذج الملحد للتوضيح وليس للحصر بما أن الملحد هو أبعد ما يكون عن الإيمان وهذا لان أى دين اخر على الاقل يؤمن بوجود خالق مسيطر قادر ولكن يكون الاختلاف فى صفات وأسماء هذا الخالق ولكن الملحد ينكر وجود الخالق من الأساس وقلت أن حتى هذا الملحد ممكن أن يدخل فى رحمة الله إنشاء الله وهذا لان الفيصل فى الدخول فى رحمة الله هو الضمير وليس الدين – وهذا لأن العذاب لمن تقام عليه الحجة ثم ينكر لأن مصلحته فى الإنكار فإن أبو جهل رفض الإيمان بالحق لأن الرسول صلى الله عليه وسلم يهدد تجارته التى كانت تبنى على 360 صنما فكيف يأتى شخص ويقول إن هناك إله واحد واعبدوه يقول الله عز وجل (قد نعلم أنه ليحزنك الذى يقولون فإنهم لا يكذبونك ولكن الظالمين بآيات الله يجحدون) فأبو جهل نموذج ممن رأى الحق ولكن انكر فجزاءه جهنم. ولكن من لم تصله الرسالة ولم تقام عليه أى حجة أو دليل فإنه فى رحمة الله مصداقا لقوله (وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا) فهناك مئات الأسباب التى تمنع وصول الحق المبين لأى إنسان وكل إنسان لديه من الظروف التى تمنع إيضاح الحق له وقلت فى مقالى السابق بأنه من الممكن أن يكون جارك المسيحى لم يصل إليه الحق والسبب يمكن أن يكون أنه ولد فى ظروف متواضعة اجتماعيا وثقافيا وفرض عليه الدين المسيحى دون أى اختيار ومع مرور الوقت لم يكن لديه الوقت للبحث فى ما يملك من عقيدة هل هى حق أم باطل وذلك للظروف الاقتصادية الصعبة التى يعيش فيها ومع مرور الوقت انتهت حياته فى سبيل لقمة العيش والستر – بل أقول كم مسلم اليوم يستطيع أن يعطى أسبابه للإيمان بأن القرآن كلام الله؟، قليل القليل من يستطيع الجواب على هذا السؤال فى ظل الظروف الاقتصادية الصعبة والأحوال السياسية وعدم وجودة حرية رأى أو اختيار على المستوى الأسرى أو الدولة – هناك أسباب كثيرة تمنع كثير من الناس عن الوصول للحق وأنا أدافع أيضا عن الإنسان الغربى الذى بذل قصارى جهده ولم يصل إلى الحق ولكن كل ما استطاع الوصول إليه هو أن الإسلام دين الإرهاب أو أن الإسلام انتشر بحد السيف والأكثر من ذلك ما أعظم شيوخنا اليوم فى حديثهم الذى لا يثمن ولا يغنى من جوع دائما الحديث عن الاغتسال وما شابه وتاركين الأهم وهى العقيدة والفكر والإنتاج والتقدم.
مقالى السابق كانت الرسالة منه أن حتى الدين الذى يعتبر أكثر عنصر مهيمن على ثقافتنا وما له من تأثير فى تكويننا الفكرى والثقافى والنفسى حتى هذا الدين يقول بأن الاختلاف ليس معناه التحدى والعصبية والتشاجر ولكن الاختلاف سنة الله فى الحياة والاختلاف إرادة ربنا بين البشر)، ولو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة ولا يزالون مختلفين ( 118 )، إلا من رحم ربك، ولذلك خلقهم وتمت كلمة ربك لأملأن جهنم من الجنة والناس أجمعين، (فما بال الاختلاف فى فروع الحياة التى تكون اقل أهمية من الدين. وليس وراء كل اختلاف سوء نية وتجاوز ضمير.
بل أقول بأن أحيانا رحمة من الله بان لا تقام الحجة على الإنسان ليؤمن ذلك مصداقا لقوله تعالى (لا يكلف الله نفسا إلا وسعها) وتلك رحمة من ربهم ألا يكونوا مؤمنين وهذا لأن الحجة تفرض على الإنسان القيام بواجبات وتكاليف فكيف بإنسان لا يستطيع القيام بتكاليف أن تقام عليه الحجة - ونحن نقول بأن الحجة أحيانا لا تكون رحمة ولكن تكون نقمة، ألم يقل الله لأتباع المسيح الذين طلبوا نزول مائدة من السماء محذرا (إنى منزلها عليكم فمن كفر بعد منكم فإنى أعذبه عذابا لا أعذبه أحدا من العالمين)، ذلك لأن مع نزول المعجزات والحجة دائما تشديد العذاب. فعدم وصول الحجة لإنسان حالته الاقتصادية معدومة رحمة من أن تنزل عليه الحجة والدليل ولا يستطيع تلبية تكاليف تلك الحجة فيتراجع ويضل ويدخل النار. لماذا نحن لم نكن موجودين فى عصر النبى ونفوز بحديث النبى قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "خَيْرُ النَّاسِ قَرْنِى، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ، ثُمَّ يَأْتِى قَوْمٌ تَسْبِقُ أَيْمَانُهُمْ شَهَادَتَهُمْ وَشَهَادَتُهُمْ أَيْمَانَهُمْ". صَحِيحٌ أَخْرَجَهُ الشَّيْخَانِ مِنْ طُرُقٍ أُخَرَ.
هذا ما يدريك بأنك ستكون على الإيمان – الإيمان بشخص وتصديقه والجميع ضده ليس بالسهل – الهجرة وترك أموالك ومنزلك وتجارتك ومنهم من ترك عائلته ليست بالأمر السهل أيضا – أن الله يعلم باستطاعة كل إنسان ولا تكون التكاليف إلا بقدر الاستطاعة ومن عدل الله سبحانه وتعالى أن تكون الحجة التى تكلف كل إنسان فى استطاعته.
شريعة الله قادرة على استيعاب جميع البشر من جميع الأفكار والفلسفات والعقائد وبالرغم من الاختلاف إلا أنه أمرنا بالتعايش مع بعضنا البعض جميع البشر.
«يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا ۚ أن أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ۚ أن اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ»