اغلق القائمة

الثلاثاء 2024-04-30

القاهره 08:51 ص

إبراهيم عبد المجيد

زين العابدين فؤاد.. الشاعر بحجم الضوء!

بقلم : إبراهيم عبد المجيد الجمعة، 02 أكتوبر 2015 10:01 ص

رأيته أول مرة فى عام 1972، فى أمسية شعرية بالقاهرة، ولم أره بعد ذلك لسنوات طويلة، فى الثمانينيات، ثم غاب سنوات طويلة أيضا حتى نهاية التسعينيات لكنه عبر كل هذه السنين لم يغب عن بالى، ولم تغب صورته، كانت السنوات داخل مصر لزين سنوات نضال وخارجها سنوات نضال من نوع آخر دار فيها على بلاد الثورات والحركات السياسية، بيروت واليمن وتونس وفنزويلا وكولومبيا وجنوب أفريقيا وباريس. فى كل هذه البلاد كان صوته الشعرى ومساهماته الفكرية، وكتب شعرا للأطفال فى اليمن لم يكتبه فى مصر وكذلك فى سوريا.

ظل الكثيرون يخطئون وينسبون قصيدته «اتجمعوا العشاق فى سجن القلعة» التى غناها الشيخ إمام إلى أحمد فؤاد نجم، ودائما كنت أصحح لهم المعلومة، وأنها لزين الغائب الحاضر، حتى بعد أن امتلأ بها ميدان التحرير بأصوات الشباب، كان كثيرا منهم لا يعرف أنها لزين العابدين فؤاد، كل ذلك لأن أكثر أغانى الشيخ إمام هى لأحمد فؤاد نجم ما عدا أغنيات قليلة لزين ونجيب سرور ونجيب شهاب الدين.

اختار زين أن يكون صوت الحق الثورى، حتى غيابه فى بلاد بعيدة كانت رحلات وسط ثورات ووسط مثقفين غاضبين غير متوافقين مع أنظمتهم السياسية، فاكتسب خبرة الثورة ليست من مصر فقط، بل من العالم الذى اختار زين أن يطوف فى أصعب مناطقه.

منذ سنوات لا يفارقنا زين فى القاهرة. هرمنا لكن زين لم يعد مسلحا بالشعر والرأى فقط. عاد إلينا بعد كل هذه السنين مسلحا بالكاميرا، زين البعيد عن الصحافة والسينما والتليفزيون هو أعظم مؤرخ بالصورة لأحداث ثورة يناير وما بعدها حتى فى جلسات الراحة بالمقاهى ترتفع يدا زين مبتسما ويلتقط صورة لا تنسى. ابتسامة زين ابتسامة طفل وغضب زين ظل غضب الطفل الذى لا عودة له عن غضبه، فى صوت زين لدغة اندهشت منها أول مرة استمعت إليه شاعرا عام 1972 ثم لم أعد أنتبه إليها رغم أنها موجودة، وبما صارت أمامى فى روحى هى اللغة الحقيقية للناس جميعا.

زين العابدين فؤاد روح حلوة أليفة لكل من يراه أو يجلس معه لا تفكر معها أن هذا شاعر كبير عظيم، فكيف يكون هكذا فى الطرقات، لكنها طرقات الثورة والثورات وتجمعات الأحباء من أجل أوطان أفضل، من أين أتى هذا التفاؤل العظيم، من القوة الروحية لزين ومن شعر زين الذى يكاد ينطلق من الكتب وتسمعه حولك كلما أمسكت بديوان له، تشعر مع كل قراءة له أو كل استماع بالأمل لا ينتهى ومع صوره التى لا يتوقف عنها تشعر بالحياة أشجارا وارفة حولك، ومن ديوانه الأول «وش مصر» اسمع واسأل لماذا حقا لا نجدها. مصر. ولماذا كلما اقتربنا منها ابتعدت.

ياما نفسى ألقاكى.. وتلقينى.. /أصرُخ.. تُضمِّينى
أضحك، تِفرْ الدمعة من عينك.. على عينى
ياما نفسى أشوف وشك.. وأشوف عينكْ
لفِّيت ما خلِّيتك../لفيت.. ولا لقيتك
فى الأهرامات، فى البرج ما لقيتك
فى أبوابك الستة../ باب الوزير.. أخضر.. وله قُبةَّ
باب الفتوح مقفول.. وباعوا القفل فى العَتَبَة
ووصلت باب النصر.. لَفوا الحبل ع الرقبة
لفيت ما خلِّيتك/.. وسألت عميّان البلد عَنِّك/
عن طريق بيتك/.. لفيت.. ولا لقيتك