اغلق القائمة

الأحد 2024-04-28

القاهره 12:11 م

تفكيك قنبلة - أرشيفية

أحمد صلاح يكتب: شعب مالوش كتالوج

الأحد، 11 يناير 2015 08:04 ص

أصبح من الأمور الاعتيادية أن تجد شرطيا يقف يسد عليك الطريق ويقول لك، لا تمر من هنا حتى نفكك القنبلة، تبتسم فى وجهه بمنتهى البساطة وتقول لا مشكلة، وتمر من جانب القنبلة بل وتقف لتتفرج عليها وتصورها وأنت تلتقط معها صورة "سيلفى" وكأننا نطبق المثل القائل بحذافيره "كتر الحزن يعلم البكاء".

أصبح مشهد التفجيرات والقنابل المفككة طبيعيا فى دول الربيع العربى وخاصة مصر، ولكن ذلك لم يمنع الشعب البسيط أن يعود إلى طبيعته مرة أخرى فى أخذ الأمور بمأخذ النكتة، وتغلبهم عن مشاهد القنابل بالجو البارد واستعانتهم عليه بالضحك والنكتة وكأننا الشعب الوحيد الذى يريد أن يجد مشكلة عنده لكى يحاول أن يتخذها مثارا للسخرية.

فعلا وكما يقول الشباب على فيس بوك "شعب مالوش كتالوج" فى أوج الأزمات تجده يتعامل بشكل عادى وأن الأمور لا تمسه من قريب أو بعيد، فى أشد لحظات الظلمة والمظاهرات دخان القنابل المسيلة للدموع، ستجد محلات الآيس كريم تبيع للمتظاهرين على الجانبين ومحلات السندوتشات كذلك، بل تجد الحبيبة وسط هذا الدخان الأبيض يستعينون به على لحظات خاطفة من مسك الأيدى، يمتلئ ميدان التحرير وينفض ولكنك بمجرد أن تتجه لكوبرى قصر النيل تجد أحد المراكبية يهتف "رحلة فى النيل بـ3 جنيه" وكأن كل ما يحدث حوله مجرد تصوير فيلم سينمائى.

ويعلن حظر التجوال وتقف فى اللجان الشعبية، وفجأة تجد نساء وفتيات يخرجن ليشربن عصير قصب "راحة فين يا ست أنتى وهى"، "بنبل ريقنا يا خويا حظر إيه اللى أنت جاى تقول عليه".

والغريب أن الناس تنتظر داعش، حتى يتم إذابتهم فى مصر كما أذبنا من قبل اليونان والفرس والأتراك والفرنسيين والإنجليز، كل هؤلاء مروا من هنا، على مصر، ولكن مصر كانت البوتقة التى أذابت فى شاريينها كل هؤلاء فتمصروا وفتنوا بها ولم يستطع أى منهم فرض لغته أو عاداته على هذا البلد فخرج الشعب كما هو، مصريا أصيلا بدون رتوش، نعم ننتظر أن تحاول فقط أن تدخل داعش، لتجد نفسها محشورة على الدائرى أو المحور، لتجد امرأة طيبة عجوز تقول لهم "اتفضل يا إرهابى أنت وهو اشربوا شاى"، لتجد أم تقول لابنها "لو عملت كدة تانى هقطع رقبتك" وهم أساتذة قطع الرقاب وعندما سيستمعون لتلك الجملة التى لا تقال إلا من الأمهات المصريات فقط فأظن أنهم سيفرون، سيجدون الرجال يخرجون من صلاة العشاء ليجلسون على المقاهى، يتفرجون على الأفلام الأجنبى ويدخنون الشيشية ويثرثرون، وإذا حيوهم بتحية ردوا عليها بأحسن منها مصحوبة بكلمة "اتفضل"، ولكن إذا حاولوا أن يمسوا تراب الوطن بسوء سيجدون هؤلاء الطيبين البسطاء يلقون الشيشة جانبا، وتخرج أنيابهم فجأة لتقطع رقابهم دون رحمة أو هوادة.

هذا الشعب العجيب الذى امتلأت كنيسته الكبرى بنساء ورجال مسلمات يهنئون أخوانهم المسيحيين بأعيادهم، يوزعون عليهم الورود خارجها، ويقف شباب المسلمين خارج الكنائس يحمونها.

أغرب المشاهد عندما كان الإخوان يشتبكون يوم الجمعة مع الشباب وبمجرد أن يحين موعد عرض برنامج البرنامج لباسم يوسف تجد الجميع جالسا على المقاهى يرتاح من عناء التظاهر ويضحك مع باسم يوسف.

هذا الشعب الذى غير بسببه الإمام الشافعى 30 مسألة فقهية حتى يتناسب الفقه الشافعى مع طبيعة بر مصر، هذا الشعب الذى تفرد بفنه وفنونه على كل الشعوب فكان الرقص والغناء والرواية والشعر والسينما والمسرح مصريا خالصا، حتى التاريخ يصنع فى مصر ويتأثر به بقية العالم، نعم بقية العالم فنابليون يقول مصر أهم دولة فى العالم، لذلك نحن شعب مالوش كتالوج.