اغلق القائمة

السبت 2024-05-04

القاهره 07:10 ص

مصطفى النجار

التنمية حتى لا تغرق السفينة

الثلاثاء، 02 سبتمبر 2014 09:15 م

صدق من قال إن الفقر هو أحد أسلحة الدمار الشامل التى تهدد أى مجتمع، إذا بحثنا عن أسباب تحول البشر لاعتناق الأفكار المتطرفة ثم التحول لممارسة العنف ضد الآخرين، فسنجد أن الفقر والجهل والبطالة هى أحد أهم الأسباب الرئيسية التى تدفع الفرد للسقوط فى فخ التطرف ثم الإرهاب. يمثل الفقر فى مصر قنبلة موقوتة بجوار حالة الإحباط العام التى تضرب بالمصريين بسبب تردى الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية المستمر منذ عدة سنوات.
هذا الإحباط يسهل حالة غسيل المخ التى يقوم بها بعضهم اعتمادا على تفسير الدين بشكل مغلوط واستغلال مخزون الغضب والإحباط لتحويله إلى طاقة كراهية ضد المجتمع، لذلك تشكل التنمية خط الدفاع الأول ضد التطرف والإرهاب لأنها تتعامل مع المشكلة من الجذور ولا تتعامل مع أعراض المرض فقط بل تمنع حدوثه من الأساس، بعيدا عن مماحكات السياسة واختلاف الأنظمة الحاكمة يجب التعامل مع التنمية كوسيلة أساسية لحماية الأمن القومى، فكل تفريط فى التنمية والتراجع عنها يمثل اختراقا للأمن القومى وتهديدا مباشرا له.
ربما لا تكون الجريمة الأكبر لنظام مبارك هى الاستبداد أو قتل المتظاهرين وتزوير الانتخابات بل الجريمة الأكبر هى غياب فكر التنمية القائم على أساس علمى وتخطيط منهجى مما أدخل مصر فى هذا النفق المظلم الذى لا يبدو أن نهايته قريبة، لذلك سواء كنا معارضين أو مؤيدين للسلطة الحالية يجب أن نقر جميعا أن تركة مبارك الذى جرف مصر هى تركة ثقيلة على كل من يحملها وليس من الإنصاف أن نحمل كل من أعقبوا مبارك مسؤولية فشل ثلاثين عاما.
ملف التنمية فى مصر يجب أن يخرج عن إطار المزايدات السياسية وتسجيل المواقف، ويجب أن يخضع لمعيار المنهج العلمى ووسائل القياس والتقييم الموضوعية، يجب أن نتراص جميعا خلف كل مشروع تنموى حقيقى ونعتبر أنفسنا جنودا فيه كل بقدر استطاعته، إذا كنا دائما نسمع عبارة «مصر فى حرب» فنعم هذه الحرب التى يجب أن نعلنها على الفقر والعشوائية والجهل وغياب التخطيط السليم حتى ننقذ ما تبقى من آمال وأحلام المصريين فى غد أفضل.
السفينة إذا غرقت فلن تغرق بمن فى السلطة فقط بل ستغرق بالجميع، ومصر لا تحتمل مزيدا من الفشل، لذلك فالمسؤولية الوطنية تقتضى الآن الفصل بين الاختلافات السياسية والثأرات الشخصية التى أفرزتها ممارسة السياسة فى مصر على مدار ثلاث سنوات مضت وبين التحديات الوطنية التى تفرضها المرحلة.