اغلق القائمة

السبت 2024-05-04

القاهره 10:48 ص

الخبيرة النفسية راندة حسين

الخبيرة النفسية راندة حسين تكتب: "عقوق الوالدين"

الجمعة، 19 سبتمبر 2014 12:06 م

ما أعجب هذا الزمن الذى أصبحنا نرى فيه من يضرب أمه، يطردها من البيت، يلقيها فى الشارع بلا مأوى إرضاءً لزوجته، نسمع عن آخر يحجر على والده ويمنعه من التصرف فى أمواله ويقيد حريته فى الخروج من منزله، وآخر يودع أحد والديه دار المسنين حتى لا يثقل كاهله بتحمل مسئوليتهم فى كبرهم، فماذا حدث للأبناء؟ ما أسباب قسوتهم وجحودهم تجاه أبائهم؟

صور عديدة يرفضها الدين والمجتمع فى التعامل مع الوالدين الذين أوصانا الله بهما خيراً وأمرنا ببرهما والأحسان إليهما عند الكبر، نتساءل ما السبب الذى يدفع الأبناء إلى عقوق الوالدين؟ هل قسوة الأبناء نتاج للتربية والتنشئة الاجتماعية الخاطئة؟ وهل المعاملة القاسية من أحد الوالدين أو كليهما هى ما تولد الجفاء والشعور بالقهر والمعاناة لدى الأبناء فتحولهم إلى أبناء عاقين لأبائهم؟

إن الطفل الذى ينشأ فى بيئة تتسم بالقسوة والعنف سيتحول بمرور الوقت إلى شخص عدوانى، قاسى القلب، متمرد على والديه، ستصبح القسوة سلوكاً وسمة من سمات شخصيته، يظهرفى المستقبل فى صورة عدوان على الذات أو ما يسمى "المازوكية"، أو تتجه تلك الطاقة العدوانية إلى الخارج ويصبح شخصًا "ساديًا" يجد متعته فى إيذاء الآخرين، لا يسلم من شره قريبًا ولا بعيدًا، بل وقد تمتد إلى أقرب الناس إليه كالآباء والزوجة والأبناء، فقدان الحب والأمان والاهتمام يجعله عاجزًا عن أن يقدمهم لغيره.

إذا كانت القسوة مطلوبة فى بعض الأحيان، لابد أن تكون مغلفة بالرحمة والحنان، بعيدة عن الأذى النفسى والبدنى، فالتعامل بعنف مع الطفل، عدم إشباع احتياجاته العاطفية والنفسية، عدم تربيته على أسس دينية وتربوية سليمة، ستجعله يواجه صعوبات ومشاكل فى حياته، وسيحمل والديه مسئولية الأهمال والتقصير فى حقه، يفتقد للسواء النفسى ويترجم مشاعره فى شكل كراهية تجاه والديه والإساءة إليهما، التربية السليمة هى التى تتم داخل إطار من الحب والحنان والرعاية والأمان والاهتمام، وليس بالعنف والقهر، سواء معنوى أو جسدى.

الجزاء من جنس العمل، وفاقد الشىء لا يعطيه، فهناك من يزرع حب وحنان ورعاية وأمان، وهناك من يزرع قهر وقسوة وعنف وعدوان فى نفوس أطفاله، كلاهما سيجنى نتاج ما زرعه عندما تنمو البراعم اليانعة وتتحول لثمار ناضجة.

تربية الأبناء على تعاليم الدين، غرس القيم والسلوكيات الطيبة فى نفوسهم، تلبية احتياجتهم العاطفية والنفسية بشكل متوازن، توجيههم منذ طفولتهم إلى ضرورة احترام الكبير وتقديره، غرس مفاهيم كالثواب والعقاب، الأخذ والعطاء، الحوار والتفاهم، معرفة أن لهم حقوق وعليهم واجبات، كل ذلك سينعكس على تصرفاتهم وسلوكيتهم فى المستقبل.