اغلق القائمة

الإثنين 2024-04-29

القاهره 05:36 م

سيارة بدون سائق. أرشيفية

وفقى فكرى يكتب: الروتين مشكلة مصر الحقيقية

الخميس، 18 سبتمبر 2014 12:06 م

فى عام 2011 اطلعت على خبر يقول إن مجموعة من الشباب المصرى اخترع أول سيارة بدون سائق، وتستطيع التحكم بها من خلال الكمبيوتر، ولكننا بعد ذلك لم نسمع شيئا جديدا عن هذا الموضوع وكأنه نكتة عابرة مرت علينا لم تضحكنا أو افتكاسة رداً على صناع فيلم عسل إسود للفنان أحمد حلمى، الذى تم عرضه فى العام السابق له وكان به مشهد لأمريكى من أصل مصرى استأجر سيارة بخاصية الـGPS لتحديد الاتجاهات لأنه كان ينوى زيارة بعض المعالم الأثرية فى مصر، وأراد الاستعانة بها فى الذهاب بسهولة إلى تلك الأماكن، ولكن كالعادة المصرية خرائط تحديد الأماكن تاهت فى مصر، وذهبت بأحمد حلمى إلى القلعة على أنها أهرامات الجيزة، وعدم وجود خرائط لمصر واضحة بطرق محددة بها نستطيع أن نضع نقطة البداية، ونقطة النهاية، مشكلة واقعية يعلمها القاصى والدانى.

ومن أجل إيجاد حلول عملية تتيح استخدام التكنولوجيا الحديثة وتطويعها مع الواقع المصرى ظهر تطبيق اسمه وصلنى ومن خلاله أو عبر موقعه الإلكترونى تستطيع أن ترسل له وجهتك ليدلك على أفضل وسيلة مواصلات تستقلها لتصل بأسهل الطرق أو تدلك على أفضل الشوارع، ولكن العشوائية فى الشارع المصرى وعدم تعود المواطن على استخدام الإنترنت فى مثل تلك الحالات جعلت التجربة تبدو متواضعة رغم تبنى إحدى شركات المحمول للفكرة وسبحت فى بحر من رفض الواقع المصرى لها.

من أيام سمعنا عن أول ظهور فعلى للسيارة، التى تسير بلا قائد والتى أنتجتها شركة جوجل العالمية، وأنها ستسير بالفعل بشوارع لندن مطلع عام 2015 أى بعد شهور قليلة جداً وستنتشر بأمريكا وأوروبا كلها خلال فترات وجيزة، والسؤال الآن، ألم تكن هذه هى نفس فكرة الشباب المصريين وخرجت للنور منذ عام 2011، ولماذا لم تنفذ، أم أنها لمجرد أنها تقنية بتصنيع أمريكى سترى النور، وإن أراد الجانب الأمريكى أو الأوروبى الترويج لها وبيعها بمصر ستفعل مثلما تفعل الصين حين تبحث كيف توائم منتجها طبقاً لمتطلبات السوق المحلى والتغلب على المعوقات، ولماذا لم نستطع نحن أن نطوع اختراعنا رغم أنه، كما يقولون: "أهل مكة أدرى بشعابها".

الجواب متمثل فى الروتين، الروتين العقلى من جهة والروتين الوظيفى من جهة أخرى، روتين جعل منظومة عقولنا لا تستجيب لإشارات التطوير والتحسين ومواكبة العصر، فهو العدو الأسوء الذى يواجه قاطرة التنمية الآن، وعلينا أن نواجه التأخر الفكرى للكثير من القيادات وأصحاب القرار الذين تعودوا أن يحافظوا على نمط السير داخل الحيط والسير على درب من سبقوهم خوفاً على كراسيهم ومناصبهم وخشية المخاطرة والشجاعة التى تتطبلها الرؤى الجديدة فى الفكر والتحديث.

اليابان أو أى دولة متقدمة أخرى ليست أفضل منا فى شىء، فنحن لدينا العلماء والمخترعون والعباقرة والمتفوقون ونملك أدوات النجاح ولكننا نخشى التغيير الذى يؤدى للنجاح والسبب مجموعة ممن يطلقون عليهم رجال الصفوف الأولى عاشوا وسيموتون على نسق التفكير الرجعى وللأسف هؤلاء يطلقون عليهم الصفوة ولكنهم فى الحقيقة ليسوا إلا أجساد تلتصق بكراسيها وتحميها من زلازل التكنولوجيا والتقدم العلمى حتى فصلونا عن العالم بواقع مترد مخيف.

علينا أن نواجه الروتين المصرى حتى ننتصر عليه وننتصر لأنفسنا وعلى الدولة، التى تبدأ الآن مرحلة جديدة بأن تتبنى العلماء والمخترعين والباحثين وأن تقدم أهل العلم والثقافة وأصحاب الخبرة فى التطوير والشباب وعليها أن تطيح بالفكر القديم العقيم، الذى لا ينجب إلا تخلفاً ورجعية فمصر فى تلك المرحلة تحتاج إلى تطبيق فكر مختلف جرىء وغير تقليدى حتى نستطيع أن نحقق ما نحلم به فى أقرب وقت ونتفوق على الآخرين.