اغلق القائمة

الإثنين 2024-04-29

القاهره 11:05 ص

صورة أرشيفية

غاضبون على سبيل الاحتياط

الجمعة، 06 يونيو 2014 06:47 ص

هناك ولع بالمصطلحات الكبيرة، التى من كثرة استعمالها فقدت معناها، وانتهكت (ثورة - ناشط - شهداء - أهداف)، ومنها «نخبة» هذه الكلمة التى يستخدمها البعض قاصدا بها المدح أحيانا، والذم غالبا، والسخرية بعض الأحيان. لكنها لا تعنى شيئا غير كل هؤلاء الذين يشغلون الرأى العام بالكلام، أو الكتابة، أو يظهرون تحت مسمى خبراء أو محللين. والنخبة ليست كياناً مصمتاً بل هى تضم المشهور ونصف المعروف والمجهول، وتضم صارخين ومنافقين، و«ناس كويسين»، وأنصاف وأرباع مثقفين، وصناع إعلام وإعلاميين، ومتحدثين، وخبراء، ومغامرين ومدعين. وبالتالى فصوابعك مش زى بعضها، وكذلك النخبة ليست حاجة واحدة.

المفارقة أن من يشتمون النخبة يعتبرون أنفسهم منها، ومن هذه المجموعات يأتى النشطاء أو من يصدرون أنفسهم على أنهم الثوار، أو أعضاء الائتلافات الثورية، وليس لهم كيان واحد، بل هم أفراد يصنفون أنفسهم ضمن «جيل» أو أجيال، لمعوا بعد يناير وتصدروا المشهد بوصفهم مدونين أو «متويترين أو مفيسين» - نسبة إلى تويتر فيس بوك - هم فى النهاية مجرد كتاب رأى وبعضهم متظاهرون، وحولهم مشجعون يعيدون نشر ما يكتبونه، ويتبنون مواقفهم ويدافعون عنها. كانوا ضد مبارك ثم ضد المجلس العسكرى، ومع الإخوان ثم ضدهم، ومع 30 يونيو ثم مع أنفسهم، ودائما يلومون زملاءهم الذين يختارون غير اختياراتهم.

وجزء من هذا القطاع أنه يطالب بأكثر من حقوق أصحاب الرأى، يطالب بالاستماع إليه وتنفيذ مطالبه التى كثيرا ما تكون غامضة وغير واضحة. وبعض ممن يندمجون تحت مسمى «شباب الثورة» تصدروا المشهد فترة ما بعد يناير لم يغادروا الكلام العام. والتنظير. والنتيجة أن أصاب الناس الملل منهم ومن غيرهم من المتكلمين اللتاتين العجانين، فأصابتهم الدهشة.

ومن النشطاء من لا يكن احتراما للجمهور، ويسخر من الشعب أو اختياراته، ولا يحب الجموع، مع أنهم نجحوا ولمعوا ضمن تصور أنهم قادرون على تنظيم مظاهرات. ويمكن مراجعة شتائمهم للشعب فى أى انتخابات، يصابون بحالة من الهيجان المرتبك مع كل انتخابات، لا يقدمون رأيا واضحا، ويلومون الآخرين على اختياراتهم، لعل آخرها انتخابات الرئاسة، وقبلها الدستور السابق والأسبق، لديهم رفض لما هو قائم، من دون تصور يمكن تفهمه. غاضبون على سبيل الاحتياط. آراؤهم متشابهة، ينتقدون الجميع من دون أن ينتقدوا أنفسهم. غارقون حتى آذانهم فى حالة من نشر اليأس، بدلا من التبشير بالأمل. يعتصمون بكلام غامض لا يجيب عن أى أسئلة فى السياسة.