اغلق القائمة

الإثنين 2024-05-06

القاهره 07:43 ص

توريط مصر فى العراق

كتب : كريم عبد السلام الثلاثاء، 17 يونيو 2014 10:02 ص

دعوات مشؤومة بدأت تتردد فى وسائل الإعلام عن إمكانية تدخل مصر وجيشها فى العراق الشقيق لمواجهة الإرهاب هناك، وهى دعوات فى مجملها مغرضة ومشبوهة وظاهرها تمجيد الجيش المصرى والإدارة المصرية التى نجحت فى سحق معظم بؤر الإرهاب وضرب عنف الإخوان، وباطنها توريط مصر والمصريين فى نفس الفخ الذى نصب قبلا لمحمد على فى «تافارين» ولعبدالناصر فى اليمن.

كلما كانت مصر على أعتاب نهضة حقيقية ومستقبل واعد، وكلما رزقها الله بإدارة واعية ووطنية تدرك طريقها الصحيح إلى التقدم، ظهر عفاريت الدرب الذين يضعون العراقيل فى طريقها لوقف تقدمها أو سحبها إلى فخ يقصم ظهرها لسنوات لا تقوم منها إلا لتبحث عن احتياجاتها الأساسية وأزمات سكانها المتزايدين دون تخطيط.

لذلك، لا أتعجب الآن من بروز هذه الدعوات المشبوهة لجر مصر إلى المستنقع العراقى الملغوم، فالنغمة الآن أن مصر لن تتدخل إلا إذا طلبت بغداد، فمن فى بغداد سيطلب تدخل مصر لوقف الحرب الأهلية هناك؟ نورى المالكى رئيس الحكومة التابع لإيران وصانع هذه الفوضى والمذابح حتى يبقى له الأمر سنوات على جثث أبناء شعبه؟ أم قيادات داعش المجهولة التى تقاتل جنبا إلى جنب مع العشائر السنية، ميليشيات عصائب الحق الشيعية والحرس الثورى الإيرانى والبشمركية الكردية، أم أن من سيطلب تدخل مصر هو الجيش العراقى المختلط والمرتبك والمخترق والمأمور أمريكيا مباشرة؟ أم أن الحرس الثورى الإيرانى المتوغل فى العراق والداعم لتفتيت وحدة العراق والعامل على ألا ينهض هذا البلد العربى العظيم هو من سيستدعى مصر للتدخل وإنقاذ بلاد الرافدين عدو طهران اللدود؟!

العراق الآن يمر بمرحلة مخاض هى الأخطر فى تاريخه الحديث، فهو يواجه مخاطر التقسيم إلى عدة دويلات، كما يواجه الحرب الأهلية على أساس طائفى مذهبى، وهى حرب مصممة لتستمر عقودا وتكون نتائجها قطع الروابط بين العراقيين للأبد، ويواجه أيضا المطامع الفارسية القديمة فى أراضيه والمطامع الأمريكية الدائمة فى ثرواته النفطية، وهو مطالب بالانتصار فى جميع هذه المعارك واختيار العراق الواحد المتوحد صاحب التاريخ فهل يستطيعون فعل ذلك؟

العراقيون بتاريخهم العريق يستطيعون بالفعل، حتى وإن تراجع الشعور الوطنى أمام النزعات العرقية والطائفية، حتى وإن عمت العيون أمام التمويلات الخارجية والعمولات، حتى وإن تراجعت الضمائر أمام خيانة العملاء المأجورين المحسوبين على طهران أو واشنطن أو النقاط البعيدة فى التاريخ الكردى الذهبى الصعب إحياؤه على غرار الدولة اليهودية المزعومة!

العراقيون يستطيعون بالفعل الانتصار فى معركتهم الطويلة، لأن تاريخ العراق هو الذى سيحكم فى النهاية على الأعداء بالموت وعلى الدخلاء بالهروب والتراجع ليعود سرجون العظيم مرة أخرى إلى المقدمة ليحكم.

أما جميع أفراد الطابور الخامس والمتحدثون باسم الإدارة الأمريكية فى مصر، فعليهم أن يخرسوا، لأنهم مكشوفون تماما ومعروف إلى أى مرمى يصل خطابهم وأى سيد يخدمون، وأود لو يرتد كيدهم إلى نحورهم بأن مصر إدارة وشعبا وحكومة عاكفة على لم جراحها والتعافى من الأوبئة المزروعة فى جسدها والتطلع إلى نهضة اقتصادية حقيقية بسواعد مواطنيها ودعم أشقائها وأصدقائها المخلصين، وليس هذا تخليا عن إخواننا وأشقائنا فى العراق، بقدر ما هو دعم لهم، فقد اكتفوا حتى الثمالة من أشكال التدخل الخارجى، وحان الوقت لأن يطهر العراقيون أرضهم وساحتهم من الدخلاء والعملاء، وأن يصنعوا مصيرهم على أعينهم، وساعتها سيجدون كل المصريين إلى جانبهم.