اغلق القائمة

السبت 2024-05-11

القاهره 08:04 ص

السيسى والعوز المصرى!

الخميس، 08 مايو 2014 06:01 م

لعلك لاحظت فى الجزء الثانى من حوار المرشح الرئاسى المشير عبدالفتاح السيسى مع إبراهيم عيسى ولميس الحديدى إصراره على استخدام كلمة «عوز» أكثر من مرة، وحين قال كلمة «الفقر» سرعان ما صححها وكرر «العوز»! فما حكاية هذا العوز اجتماعيًا ولغويًا؟
وفقا للقاموس، فإن العوز تعنى شدة الاحتياج، ويقولون «عوز الرجل بعد غنى» أى افتقر واختلت حاله. أما «عوز الشىء» فمعناها: عز ولم يوجد مع الحاجة إليه. أى أن المشير يعلم جيدًا شدة احتياج المصريين للحياة الكريمة بعد طول حرمان «وعوز»، وإلا ما استعمل هذه المفردة الدالة والتى لا يستخدمها إلا شعبنا الطيب!
اللافت للانتباه أن اللغة العربية تحوى مفردات كثيرة تشير إلى معنى الحاجة، فأشقاؤنا فى الشام يقولون «بدّى»، وأهلنا فى الخليج يرددون «أبغى»، وهناك شعوب تستخدم مفردة «أريد» أو «أحتاج»، فلماذا انتقى المصريون من مفردات اللغة العربية كلمة «العوز» تحديدًا؟ فنحن نقول حتى باللهجة العامية «أنا عاوز أو عايز»، ولا نقول أبغى أو أحتاج أو «بدّى».
لا تفسير لهذا الاستعمال اللغوى سوى أن الشعب المصرى ظل طوال قرون عديدة يكابد «العوز»، وقد وفرت له اللغة العربية هذه المفردة حين دخل العرب مصر، فوجد فيها ضالته ولم يتنازل عنها أبدًا، الأمر الذى يؤكد أن كل الحكام الأغراب الذين حكموا مصر لم يوفروا لشعبها الحدود الدنيا من الحياة الكريمة التى تنعكس على طريقة استعمالهم للغة، فلو كان الشعب شهدًا قدرًا من السعة أو الرخاء فى عهود الأمويين والعباسيين والفاطميين والأيوبيين والمماليك والعثمانيين وأسرة محمد على، لكان هجر هذه المفردة الفاضحة واستخدم كلمة أخرى أقل حدة.
المحزن أن الحكام المصريين رسخوا هذه الكلمة فى اللغة الدارجة بإهمالهم تلبية احتياجات الشعب، وقد حاول عبدالناصر ضبط الأوضاع نسبيًا، لكن من جاءوا بعده أطاحوا بالمحاولة، وباتت الملايين فى «عوز» شديد تفاقم مع عهد حسنى مبارك وزبانيته ثم مع مرسى وإخوانه، وها هو المشير السيسى يحلم بأن ينتشل المصريين من مستنقع «العوز» الذى سقطوا فيه قرونا طويلة.. فهل سيفلح؟
أترك الإجابة لحصافتك!