اغلق القائمة

الثلاثاء 2024-04-30

القاهره 04:41 ص

د.جامع شاهداً على نوال السعداوى وسالم نجم وحسين كامل بهاء الدين

الخميس، 24 أبريل 2014 06:19 م

حياة د. محمود جامع أغرب من الخيال وقد تصلح كفيلم سينمائى روائى صادق قد يحمل تأريخا صحيحاً وصادقاً لفترات هامة فى تاريخ مصر.. ويحمل معه كذلك تأريخاً صادقاً أمنيا لبعض الشخصيات التى عاصرها الرجل وعاش معها فى الرخاء والشدة والعسر واليسر.. وما أكثر تلك الشخصيات.
ومن أغرب ما فى حياة د/ محمود جامع أنه كان فى نفس دفعة د/ نوال السعداوى وكان هو مسؤولاً عن جماعة الإخوان فى الدفعة مع د/ سالم نجم الذى أصبح بعد ذلك عضواً بمكتب الإرشاد.، أما د/ نوال السعداوى فكانت عضوة أيضاً فى جماعة الإخوان وقتها. وعندما قلت له حدثنى عن د/ نوال السعداوى التى كانت طالبة فى قصر العينى معكم قال: لقد جلست فى أول يوم دراسة لى فى الكلية إلى جوار نوال السعداوى ومن وقتها وهى تعرفنى جيداً وأعرفها جيداً.. وأنا كنت مسؤول الطلبة الإخوان فى الدفعة.. وهى أيضاً كانت مسؤولة قسم الأخوات فى الكلية وهذا القسم يتبع جماعة الإخوان.
نظرت إليه مندهشاً فاغرا فمى: د/ نوال السعداوى صاحبة الأفكار المتصادمة مع الدين والمضادة لبعض ثوابته وبعض ما هو فطرى كانت من الداعيات الإخوان فى طب القصر العينى؟.
رد بكل ثقة: نعم.. بل كانت المسؤولة عن الدعوة فى الكلية كلها.. وكان لها نشاط دعوى كبير جداً داخل الكلية. وهى قالت لى: أريد أن أقوم بنشاط دعوى فى الكلية.. فوافقتها على ذلك. وهى أول من خصصت مصلى للفتيات فى الكلية.. فلم يكن لهن مكان مخصص للصلاة.. ولكنها قامت بتجهيز جزءًا من المسجد وصنعت له ستائر.. وكان نشاطها الدعوى جيداً وقوياً.. وعلى فكرة والدها رجل دين وشريعة.. فهو من خريجى دار العلوم.. وهؤلاء كانوا وقتها هم كبار العلماء فى مصر.. وكان خريج دار العلوم وقتها أقوى بكثير من الحاصل على الدكتوراة الآن.
تعجبت كثيراً من قوله ولكننى لم أشك فيه لحظة وسألته عن سر تغيرها وتحولها الشديد من التدين إلى مقاومة التدين ومن النقيض إلى النقيض!!
فقال: د/ نوال السعداوى كان لديها عقدة حب الظهور والرغبة القاتلة فى الشهرة بأى ثمن وبأى طريقة.. وهى تريد دوماً أن يتحدث عنها الجميع وتتكلم عنها الصحف والقنوات.. ولما فشلت فى ذلك مع توجهها الإسلامى.. ووجدت رفضاً قوياً لها بيننا توجهت إلى الاتجاه العكس حتى أنها اليوم تصطنع الحديث فى قضايا غريبة وعجيبة ومصادمة للفطرة السوية لجذب الانتباه. فهى الوحيدة مثلاً التى تدعو إلى منع ختان الرجال مع أن كل الأبحاث العلمية فى أمريكا وأوروبا تقول أن ختان الرجل يحميه من سرطان العضو التناسلى.. ولكنها تريد أن تعمل فرقعه.. وهذا داء عضال عندها لا تستطيع التداوى منه وهو حب الشهرة والظهور.. حتى لو كان ذلك على حساب الدين والأخلاق والأعراف.
وهل كنتم تشعرون بمقدمات هذه المعانى وأنتم طلبة صغار فى الطب قليلى الخبرة والحنكة؟
سبحان الله.. لقد شعرنا جميعا أن نزعة د/ نوال الدينية ودعوتها ليست خالصة لله.. ولا تدرى يا أخى كيف أجمعنا على هذا الشعور القلبى العجيب ونحن صغار السن.. ولكن يبدو أن الله قذفه فى قلوبنا لما يعلمه من تبدل أحولها.. وعدم صدقها فى هذا التوجه والشاب أكثر إحساساً بصدق الآخرين أو كذبهم لأنه شفاف لا يعرف «اللوع»
وهل ذكرت هذه الأمور من قبل فى أى صحيفة أو قناة؟
نعم ذكرت بعضها فى إحدى القنوات الفضائية فكان رد فعلها هو سبى وشتمى وقالت كذبا: لا أعرف د/ محمود جامع.. رغم أننى أعرفها وزوجها جيداً.. وقد أنكرت انضمامها للإخوان فى أوائل الخمسينيات.
ومشكلة د/ نوال هى عدم صدقها مع نفسها أو مع الله.. فأية مؤهلات شرعية دينية تلك التى تؤهل هذه السيدة لتدريس كورسات فى الإسلام والشريعة فى أوروبا.. وتنال جوائز عالمية أوروبية وغربية.. مع أنها الوحيدة فى العالم التى تنادى بتحريم ختان الذكور فى الوقت الذى توصى الجمعية الأوروبية والأمريكية للمسالك البولية بختان الذكور لأنه يقى من سرطان العضو الذكرى التناسلى. ولك أن تتصور أن دفعتى فى القصر العينى كانت تقيم حفلاً سنوياً لخريجيها فى موعد تخرجهم.. والجميع يقول للآخرين: اعزموا وادعوا أى أحد مهما كان توجهه الفكرى أو السياسى ماعدا نوال السعداوى.
قلت له: يبدو أن دفعتكم هذه كانت شهيرة فى عالم الطيب والسياسة أيضاً.
قال د/ جامع: نعم.. فقد كان معنا د/ حسين كامل بهاء الدين أستاذ طب الأطفال ووزير التعليم الأسبق.. وهو صديقى جداً وكان فى بدايته لا يحب السياسة ويخاف الاقتراب منها وكلما قابلنى فى الكلية كان يقول لى: يا محمود.. أبعد عن السياسة.. دى هاتوديك فى داهية.
والغريب أننى ابتعدت عن السياسة ودخل هو فيها بكل قوة.. رغم أن فكره كان يختلف عن فكرى.. فقد كان يميل إلى منظمة الشباب الاشتراكى والفكر الناصرى. ورغم اختلافنا فكرياً إلا أنه كان يتمتع طوال حياته بأخلاق الصعايدة فى الرجولة والشهامة.. ولم أقصده يوماً فى طلب إلا وأجابنى إليه ولم يتنكر يوماً لأحد من زملائه وأصدقائه.
وسألته عن صديق عمره المرحوم د/ سالم نجم الذى رافقه فى الدفعة بالقصر العينى وفى دعوة الإخوان..
د/ سالم نجم كان من أخص أصدقائى وزملائى فى الكلية.. وقد كنا سوياً أعضاء فى الإخوان.. وهربنا سوياً من شقتى.. ولكن قبض على ّ.. دون أن يقبض عليه وهرب إلى الكويت وعاش فيها فترة وعمل فيها طبيباً للأمراض الباطنة.. ثم سافر إلى لندن وحصل منها على الدكتوراة فى الأمراض الباطنة «غدد».
وعندما جاء السادات إلى سدة الرئاسة طلبت منه السماح بعودة صديقى د/ سالم نجم إلى وطنه.. فعاد إلى مصر عام 1971 فى بداية فى عهد السادات.. ثم تم تعيينه أستاذاً فى طب الأزهر.
وسألته: هل توسطت أيضاً للدكتور سالم نجم عند السادات ليعيد الجنسية المصرية إليه؟
قال: نعم.. فقد سحبت منه الجنسية المصرية فى عهد الرئيس / عبد الناصر.. فتوسطت عند الرئيس السادات لإعادتها له فوافق مشكوراً.. وكذلك توسطت لتعيينه أستاذاً للأمراض الباطنة والغدد فى طب الأزهر فوافق أيضاً مشكوراً. وقد مكث أ.د/ سالم نجم فترة طويلة فى مصر.. وكان عضواً بمكتب الإرشاد قبل ذلك وعاش فى السعودية وعمل بها حتى مات.
وما أطرف موقف جمعك بصديقك د/ سالم نجم؟
كان د/ سالم نجم هارباً من الأمن عام 1954 لأنه من الإخوان وأنا لم أهرب لأنى فصلت من الإخوان والنظام الخاص.. فلم يجد مكاناً يبيت فيه فقلت له: تعالى عندى فى غرفتى وربنا يسترها علينا.
فلما جاءت الساعة الثانية بعد منتصف الليل طرق الأمن الباب.. فقفزت أنا وسالم من الشباك وتعلقنا بمواسير الصرف الصحى.. فدخلوا وفتشوا ولم يجدوا أحداً فانصرفوا. وقد كان هذا الموقف أصعب موقف مر بنا فى حياتنا.. فقد طال بحثهم فى الغرفة «وأنا يدى نملت « ولم تقو على التحمل.. وأنا أدعو وأدعو.. لأن البديل هو السقوط والموت.. ولكن الله سلم.. ونجونا بأعجوبة بعد انصرافهم.
قلت له: وماذا فعلتما بعد ذلك؟
قال: المشكلة تعقدت وعلمت أنه مطلوب القبض علينا.. وليس أمامنا سوى الهروب.. فذهبنا للعمل كعمال بناء وتراحيل للإنفاق على أنفسنا ولنجد مكاناً نبيت فيه. وكنت أخذ كل يوم ريالا كأجر وكذلك د/ سالم.. وكنا نشيل القصعة «أو القروانة».. ونأكل كل يوم الفول والكشرى.
سألته: وكيف إذا تم القبض عليك؟
لقد تم القبض علىّ بأعجوبة قد لا تتكرر أيضاً.. ففى إحدى الليالى ونحن نيام فى موقع العمل مرت فرقة مكافحة النشل للتدقيق فى بطاقات العمال.. وكنت أحمل بطاقة مسيحى اسمه «حنا غبريال جرجس».. وأنا أتذكر اسمه إلى اليوم.. ومن الغريب أننى فجأة وجدت نفسى مباشرة أمام ضابط كان معى فى الثانوية.. فنظر فى بطاقتى مستغربا وقائلاً: ألست أنت محمود جامع.. اللى من الإخوان؟.. أنت كنت معى فى الثانوية فلم أجد مفراً من هذه الورطة سوى أن أقول: نعم.
فقال: فلماذا هذه البطاقة الغريبة؟
فقلت له: الظروف حكمت بذلك.
فقال لى: خلاص.. خليك مفيش مشكلة.
ولكن رئيسه الأعلى قال: لا.. هذا من الإخوان وإحنا عايزينه كذلك.
فقبض علىّ.. ونجا د/ سالم بأعجوبة.. وهكذا أنقذ من السجن طوال عمره وكتبت له العافية رغم أنه من الإخوان.. وأنا قبض على ّ رغم فصلى من الإخوان. وماذا عن صداقتك للشيخ الشعراوى.. وأنك كنت سبباً فى تعريف السادات به وارتباطهما سويا.
قال: هذه قصة طويلة نؤجلها لمرة قادمة إن شاء الله.
قلت: بإذن الله