اغلق القائمة

السبت 2024-05-11

القاهره 08:22 ص

صورة ارشيفية

شركة أجنبية لإدارة مصر!

السبت، 08 مارس 2014 06:28 م

حتى لا يتهمنا أحد بأننا قليلو الوطنية أو محرومون منها، فإن من طالب بأن تتولى إدارة مصر شركة أجنبية هو رجل كان يتناول الكشرى فى أحد المطاعم بالقاهرة، وحينما ذهب ليغسل يديه فوجئ بأن الحمام قذر ولا يوجد به صابون أو مناديل لتجفيف يديه، فأرغى وأزبد وسبّ ولعن، وصرخ وقال: «لا حل مع مصر والمصريين سوى أن تكلف شركة أجنبية بمهام إدارة البلد وتنظيمها حتى نخرج من نفق الفوضى»، وحين حاول بعض العاملين فى المطعم تهدئته لملم أعصابه المنتثرة، وقال لهم مؤكدًا كلامه: «هل تذكرون الشركة الفرنسية التى أنشأت وأدارت مترو الأنفاق فى البداية؟ وكيف كانت إدارتها لهذا المرفق ناجحة للغاية.. انظروا الآن إلى المترو، وكل شىء فى مصر.. الخراب يعم والفوضى ضاربة والقذارة عنوان.. بصراحة نحن شعب غير قادر على إدارة شؤونه بشكل صحيح وجيد».

تأملت الرجل، فرأيته قد تجاوز الستين بقليل، سمرته عميقة وملابسه أنيقة.. تنطبع فى وجهه آيات التعليم، ويوحى بالاطمئنان لمن يتعامل معه.. تابعته حتى خرج من المطعم وهو يغمغم بعبارات لم تفلح أذنى فى اصطيادها، لكن السخط المرتسم فى صفحة وجهه تشى بما كان يغمغم!

فى الطريق إلى منزلى تذكرت الرجل وعباراته وغضبه، وتساءلت: هل حقًا نحن شعب لا نعرف كيف ندير شؤون وطننا؟ وهل كان بعض كبار السن على حق عندما يذكرون بكل خير كيف كانت الحياة فى مصر منظمة والبلد نظيف أيام الاحتلال الإنجليزى، ويطلبون منا مشاهدة أفلام الثلاثينيات والأربعينيات لنتأمل كيف حال الناس والشوارع وطبيعة المعاملات بين البشر؟ ثم يؤكدون أن الإنجليز حين كانوا يحكمون مصر استطاعوا أن ينهضوا بها برغم نهبهم الكثير من خيراتها! لكن تجربة عبد الناصر تؤكد أننا تمكنا من الصعود بقوة فى ظرف أعوام قليلة، ورفرفت راية العدل فوق جبين مصر بعد مئات القرون من الظلم والضيم.. هل ما اقترفه السادات من سياسات فاسدة- سار على نهجها مبارك- هى التى جعلتنا نخفق فى إدارة أى شىء حتى لو كان بحجم محل كشرى؟

قبل وصولى ابتعت من الصيدلية «فوّارًا» لأطفئ نيران الكشرى التى اشتعلت فى صدرى، لكنى لم أعرف كيف أتجاوز السخط المتقد فى جوانحى من بؤس أحوالنا!