اغلق القائمة

الخميس 2024-05-09

القاهره 08:14 م

دولة أم كلثوم ودولة سما المصرى

الثلاثاء، 18 مارس 2014 10:30 ص

«جينا نغنى للناس.. فغنينا عليهم».. هل قال العظيم صلاح جاهين هذه الكلمات حقا بعد نكسة يونيو، أم أنها من خيالات محبى الحديث عن ذكرياتهم معه؟ السجن الانفرادى الذى أغلقه جاهين على نفسه عقب الهزيمة المرة فى 67 يؤكد أن هذه الكلمات جاءت على لسان أبو المبدعين، ربما لأن بها بعضا من القسوة الساخرة التى تتميز بها كلماته، أو ربما لأنها الحقيقة التى يمكنك أن تكتشفها بكل بساطة حينما تتأمل جاهين والعندليب يتغنون بكلمات: يا أهلا بالمعارك، بينما الصهاينة يسلخون جلود أبنائنا على رملة سيناء، مثلما هو الحال الأن نغنى تسلم الأيادى، بينما أيادى الإرهاب تصطاد ضباطنا وجنودنا فى كل مكان، صحراء إن كان أو عاصمة مزدحمة بالكمائن الأمنية.

من هنا تحولت دفة الغناء للوطن باتجاه الرئيس، أصبحت الأغانى التى تمجد اسم عبدالناصر والسادات من بعده، ومبارك من بعد بعده، أكثر بعشرات المرات من الكلمات التى تغنى لمصر، ثم جاء محمد مرسى وتحولت معه الأغانى إلى أناشيد مصحوبة بمعان دينية تمنح مرسى قداسة صلاح الدين فى استعادة الأقصى وعبقرية عمر بن الخطاب فى جلب أستاذية العالم أسفل أقدام مصر، ثم وصلنا إلى مرحلة حكيم ومصطفى كامل وسما المصرى وقصائد نساؤنا حبلى بنجمك وابتذال غرام وحنين توأم الكباريهات وهم يغنون للسيسى و30 يوينو.
انزوى الوطن لمصلحة الزعيم أو ما يفترضون فيه أن يكون زعيما، من المسؤول عن تلك الخدعة التى استبدلت الرئيس بالوطن؟ المطربون الذين انحدرت عقولهم من فوق جبال سيد درويش وأم كلثوم إلى قاع مصطفى كامل وسما المصرى، أم السلطة التى أفسد الفساد ذوقها وانتقلت من الجلوس فى حضرة عبدالوهاب وصلاح جاهين إلى السقوط فى حجر غرام وحنين.

بالتأكيد الأغانى الرئاسية اختلفت فى عصر ناصر عن عصر السادات عن عصر مبارك عن عصر مرسى عن بشاير زمن السيسى، وبالتأكيد جاء أغلبها معجونا بالنفاق والكذب، ولكن كان لأغانى عبدالناصر طعم ولون، ربما لأن وقتها وجد الناس حلما يهرولون خلفه، بغض النظر عن تحوله لسراب فيما بعد، وفى عصر السادات أيضا وجد صناع الأغنية نصر أكتوبر ليصنعوا برفقته ملحمة غنائية تناسب الحدث الجلل، ولم يجد مبارك لحنا يعزف عليه سوى الضربة الجوية حتى بدا اللحن مملا ومكررا بينما لم يجد مرسى سوى لحن الدولة الإسلامية الكبرى الذى جاء ساذجا وغير لائق على رجل فاشل وجماعة كاذبة، ثم حل علينا عصر الغناء لحنان السيد الرئيس القادم وبحة صوت الرئيس القادم على إيقاعات موسيقى مسلوقة وباردة ربما لأنه عصر الأحلام والإنجازات خالية الدسم أو لأن بتوع الفن زمان غير بتوع الفن دلوقت.