اغلق القائمة

السبت 2024-04-27

القاهره 09:17 م

مظاهرات 25 يناير - صورة أرشيفية

أحمد أبو يوسف يكتب: يناير بين قدسية الثورة البيضاء ودموية المؤامرة الخارجية

الأربعاء، 29 أكتوبر 2014 02:19 ص

هل 25 يناير ثورة؟ هل 25 يناير مؤامرة؟

هل يستحق من يقول إن يناير ثورة سلمية أن يُضرب على قفاه كما تفضل أحد الإعلاميين بالقول مؤخرا؟!

الحقيقة استغرب جدا أن تحصر خياراتنا فى هذين الخيارين ثورة أو مؤامرة.. أبيض أو أسود.. لأن الواقع غالبا سيكون فى الوسط فى المنطقة الرمادية.. ثورة.. ولكن !

ما حدث فى يوم 25 يناير كان حراكا شعبيا ثوريا بلا نقاش قاد هذا الحراك مجموعة من الشباب الذين خرجوا طالبين استرجاع مستقبلهم الذى شعروا أنه سرق منهم وتعاطفت معهم فئات عديدة من الشعب المصرى الذى فاض به الكيل من نظام فاسد عجوز استبد بكرسى الحكم لثلاثة عقود حتى ظنه المصريون البسطاء خالدا فى الحكم.

لكن هذا التوصيف لم يستمر كثيرا للأسف فتحديدا مع صلاة الجمعة يوم الثامن والعشرين من يناير تغيرت الصورة تماما... السلمية تحولت لعنف مع ظهور مجموعات جديدة لم تكن موجودة فى 25 مجموعات منظمة كانت تتحرك بصورة مدروسة فهوجمت أقسام الشرطة بصورة متزامنة واقتحمت السجون وظهر القناصة الأشباح الذين قتلوا عشوائيا الشباب وفى أوقات وأماكن معينة لزيادة الغضب الشعبى خصوصا بين الشباب هذا ما حدث.. ولكن هل هذا يعنى أنها من الألف للياء كانت مؤامرة؟

التوصيف الصحيح

ما حدث ببساطة أننا ثرنا فعلا يوم 25 يناير وكانت ثورتنا بيضاء بلا عنف ولا دم ولكن كانت هناك أطراف خارجية تتوقع وتنتظر فورانا شعبيا مصريا، وفى ظل غياب رموز سياسية معارضة لها شعبية حقيقية توقعت هذه الأطراف أن تكون ثورة مصر ثورة بلا رَأْسِ.. بلا قيادة.. بلا رمز.. وهذا
فعلا ما كان فكانت فرصة لركوب الثورة واختطافها لكى تكون وسيلة وصول جماعة خائنة وطنها فكرة ومصر لديهم مجرد جائزة كبرى قابلة للتقسيم والتفتيت بل وقابلة للتنازل والتبادل، ونجح المخطط تماما.. الوصول للفوضى الكاملة.. تعطيل مؤسسات الدولة.. ثم الانفراد بالحكم.. وضع خارطة طريق كارثية..

هل نجحت ثورة يناير؟

هذا أيضا سوال أصعب مما يبدو! المؤمنون بثورة يناير هذا السؤال محسوم بل يوصم من يسأله بأنه "فلول" أما معارضو يناير فإجابتهم أيضا محسومة ولكن محسومة فى الاتجاه المعاكس! فمن يسأله هو إما متأمر أو إخوانى، بل وصل الأمر لأن أصبح من يدافع عن سلمية ثورة يناير جديرا بأن يضرب على قفاه.

بعيدا عن التخوين وضرب القفا فالحكم على أى ثورة عادة يحتاج لأعوام ولكن نظرا لأننا كمصريين لدينا قواعدنا الخاصة التى جعلتنا نثور مرتين فى أقل من عامين ونصف، فيمكننا أن نكسر هذه القاعدة أيضا ونحلل نتائج يناير اليوم.

أى ثورة فى التاريخ تقيم نتائجها على أكثر من صعيد أو فى أكثر من مستوى فهناك النتائج الاجتماعية للثورة وهى ببساطة تأثير الثورة على المجتمع إيجابيا أو سلبيا وتأثيرها على العقل الجمعى للشعب وثورة يناير كانت نتائجها فى هذا المجال كبيرة بل ضخمة منها ما هو سلبى للغاية ولكن منها أيضا ما هو إيجابى جدا.. والحقيقة أن تأثيرات يناير على الإنسان المصرى ونظرته لمن يحكمه ونظرته لنفسه قد تغيرت جدا.. المصرى أدرك بعد ثورة يناير أن عصر حكم الفرعون الإله قد انتهى بغير عودة.. استعاد المصريون ثقتهم فى قدرتهم على التغيير.. استعدنا قدرتنا على التحكم فى مصيرنا، هذه التغييرات كانت أساس ثورة 30 يونيو.. نعم.. لولا ما غيرته ثورة يناير.

لما قامت ثورة يونيو أو على الأقل لما قامت بهذه السرعة لهذا فلا شك إن ثورة يناير قد غيرت فى نظرة المصريين للسياسة وأعادت لهم مقعد القيادة فمن يحكم مصر اليوم لابد أن ينال رضا المصريين
ولكن إذا كانت ثورة يناير قد نجحت على الصعيد الاجتماعى فنتائجها السياسية كانت النقيض تماما.

أى ثورة تطيح بنظام حكم يكون تقييمها على المستوى السياسى هو البديل الذى تفرزه.. هذا البديل يشمل كل مكونات منظومة الحكم وما نتج عن ثورة يناير هو كارثة متكاملة الأركان! دستور إرهابى مشوه يؤسس لدولة دينية فاشية.. مجلس شعب فاشل بكل ما تحمل الكلمة من معنى.. فاشل لدرجة أنهم كانوا يخالفون دستورهم الذى أبدعوه.. ثم مجلس شورى مضحك كان يناقش إلغاء فن الباليه بوصفه فنا عاريا بينما إثيوبيا تستعد لتعطيشنا! وطبعا درة التاج كانت شخصية كارتونية احتلت مقعد الرئاسة.. رئيس لا يتحكم فى يديه فتارة تغوص فى أنفه وتارة تزحف لأماكن ممنوعة وكل هذا فى حضور زعماء العالم المحترمين! رئيس لم يلق خطابا فى تاريخه القصير دون أن يرتكب جرائم لغوية وعلمية!
رئيس كان يتلقى الأوامر من مكتب إرشاده لينفذ بلا نقاش وبلا فهم.. منظومة حكم لا تمت لا للإدارة ولا للوطنية بأى صلة.. ففتحت سيناء أبوابها للإرهابيين من كل كهوف الأرض.. وحضر قتلة
السادات احتفالات نصر أكتوبر الذى هو أيضا ذكرى الاغتيال الخسيس
تحول رئيس إسرائيل لصديق وفى.. وأصبحت حماس دولة مستقلة
ثم شاهد العالم اجتماعا سريا ظنه الكثيرون النسخة المصرية من مستر بين !
الحقيقة أن نظام الحكم الإخوانى الذى نتج من اختطاف ثورة يناير كان أسوأ من نظام مبارك وبمراحل.

الخلاصة

يناير كانت ثورة حقيقية ثورة اختطفت بعد 72 ساعة ولم تعد ثورتنا ولم تعد سلمية، ورغم ما أفرزته من نظام حكم جهول فاشل لكنها كانت مرحلة لابد منها لمصر والمصريين وما كسبناه منها كان الأساس الذى قامت عليه ثورة 30 يونيو التى أكملت ما كانت ثورة يناير تهدف له فى ساعاتها الأولى.

وأرجو أن لا يجعلنى تحليلى هذا مرشحا للضرب على ال........ !!