اغلق القائمة

الأربعاء 2024-05-01

القاهره 02:20 م

ناصر عراق

مراكش.. المدينة الحمراء!

بقلم ناصر عراق الخميس، 23 أكتوبر 2014 03:17 م

محظوظ لا ريب من تتاح له نعمة التجوال فى ولاية مراكش المغربية، شريطة أن يلم بقبس من تاريخها ليدرك حيويتها النابضة واستثناءها بين المدن، وقد كانت المقادير سخية معى عندما هبطت أرض هذه المدينة التاريخية قبل يومين لحضور احتفالية مؤسسة جائزة عبدالعزيز البابطين بيوبيلها الفضى التى تقام على هامش الدورة 14/ دورة أبى تمام الطائى.
فى الصباح اصطحبنا الإعلامى والشاعر المغربى الموهوب، ياسين عدنان، فى سيارته لنتعرف على أهم معالم المدينة، وياسين من أبناء مراكش القديمة ومفتنون بها مثل أى ابن بار ببلده، لذا فقد قرأ وتأمل حتى أدرك جوهر مدينته المدهشة، وهكذا أخبرنا - الكاتب الصحفى مصطفى عبدالله وأنا - أن المدينة التى شيدها المرابطون فى القرن الحادى عشر الميلادى تتسم بأنها مغمورة فى نور الشمس الساطعة، لدرجة يصعب معها احتمال انعكاساتها على المبانى البيضاء، وهذا السر الأول فى أن كل مبانيها غارقة فى اللون الأحمر وظلاله المتعددة، حتى تمتص الضوء القوى المنهمر عليها من السماء!
إن المنظومة المعمارية للمدينة تتشابه بشكل مدهش، فقد استلهم مصممو البنايات الجديدة تراثهم المعمارى الذى شيدته كل من دولتى المرابطين والموحدين قبل عشرة قرون تقريبًا، وعجنوه برؤاهم وخيالهم بما يوائم العصر الحالى مستثمرين إمكانات التكنولوجيا المتطورة، وهكذا تجد أى مبنى مؤسس على زخرفة واجهته بالطوب المحروق - أبرز ملامح المعمار قدبمًا - المتضافر مع اللون الأحمر وتدرجاته. شاهدنا ذلك فى المسرح الملكى وواجهته البديعة، كذلك لاحظناه فى المسرح المكشوف المشيد على حيلة معمارية بالغة الذكاء تجمع بين الحداثة والمعاصرة، وتأملناه أيضا فى محطة قطار مراكش التى تعد تحفة معمارية راسخة صممها فنان من أهل المدينة الحمراء، كما يصفها الناس، أما النظام المرورى وهو أكثر الأمور التى تدلك على مدى تطور البلد، فهو نظام منضبط يلتزم فيه الجميع بقوانينه العصرية.
لا يمكن إذا كنت من أبناء القاهرة مثلى ألا تسقط فى مطب المقارنة بين المدينين، فيعتريك الحزن على القبح المعمارى الذى غرقنا فيه، وعلى الفوضى المرورية البائسة.
غدًا نكمل مع المدينة الحمراء.