اغلق القائمة

الثلاثاء 2024-04-30

القاهره 04:28 ص

نهر النيل

إيهاب عزت يكتب: كنانة الله ونيل الكنانة

نهر النيل الإثنين، 20 أكتوبر 2014 12:02 م

البيئة بموقعها ومكوناتها تصبغ ما فيها ومن فيها بالسلوكيات المختلفة والطباع المتنوعة، الإيجابى منها والسلبى، المقبول منها والمرفوض، ما تطرف منها وما توسط.

فحالة المناخ حارا كان أو باردا أو معتدلا تؤثر على مزاج الإنسان وبالتالى تؤثر على طباعه وسلوكه.

ونوع التربة والمناخ معا يحددان ما تنتجه الأرض من نباتات ومحاصيل تحدد غذاء الإنسان وكساءه ودواءه.

وما تنتجه الأرض من نباتات، وما تحتويه التربة والصخور من معادن، وما تخبئه الأرض من نفط ومياه جوفية، وهو ما يمكن التعبير عنه بالموارد الطبيعية، كلها أشياء تحدد النشاط التجارى، والصناعات والمنتجات وفرص العمل والتطور.

أما الموقع الجغرافى المتمثل فى القارة التى ينتمى لها البلد وحدوده إلى جانب النقاط التى سلف ذكرها تحدد أهمية البلد وفرص التنمية فيه ومقدار التنافس والمطامع الذى يمكن أن يتعرض لها.

العجيب فى الأمر أنه عند دراسة المكونات البيئية، والموارد والموقع الجغرافى لأى بلد فسنجد الله سبحانه وتعالى قد وهبه أشياءً ومنع عنه أخرى إلا مصر.

نعم مصر التى وهبها الله وحباها كل شىء

فمناخها حار بمتوسط درجة حرارة 20ْ- 25ْ (وهى درجة حرارة معتدلة لا هى شديدة الحرارة ولا هى بالباردة ) جاف (نسبة الرطوبة قليلة وبالتالى تقل فيه الأمراض) قارى (يسمح بانتشار البرارى) لذلك تجد المصرى معتدل المزاج، سمحا طيبا.
أما عن التربة ففيها التربة الطينية التى كونها النيل تزرع فيها المحاصيل، والتربة الرملية للنباتات الطبية والنخيل، والتربة الجيرية التى تستخدم مع النوعين الآخرين فى شتى الصناعات (الغذاء، والدواء، والكساء وغيرها) ولو أسهبنا فى هذا فلن تنتهى التفاصيل.

أرضها خير، وسماؤها طير، وماؤها نبع، وعين، وبئر، وبحر، ونهر.

فى الموقع جعلها الله سرة الأرض تتوسط قارات العالم القديم الثلاث آسيا وأوروبا وأفريقيا، نقطة اتصال، وهمزة وصل تقع على بحرين هما الأحمر والمتوسط، ومن عجب أنها لا تتلون بلون من حولها، ولكنها تلون من يمر عليها بلونها.

لم يتأثر أهلها بملوحة البحرين ورائحتهما وقسوة أمواجهما لأن ثمة شريان من الجنة يجرى فى وسطها لمسافة 1500 كيلومتر هو نهر النيل - أطول أنهار العالم - عذوبته تعادل ملوحتهما وهدوؤه يعادل قسوتهما.

صخورها وفيرة المعادن، وجوفها يزخر بالماء والنفط والغاز.

هواؤها مخملى، وترابها فيروزى، وماؤها نيلى، تجلى لها الرب العلى، وكلم فيها موسى النبى، فكانت بهية تقية نقية.

أفاض الله عليها من جميع نعمه، لم يمنع عنها شيئا من السماء أو الأرض، رضى الله عنها فأرضاها، فكان المصرى رائعا كبلده، عذبا كنيلها، خصبا كطميها، سهلا كواديها، شامخا كجبالها، فيه خشونة رمالها، وملوحة، وأسرار بحارها وبريق معادنها، أصيل لا يطال، ومهيب لا ينال، لا يصعب عليه محال، ولا يبعد عنه منال.

هل هذا كله فى مصر، وهل يتحقق هذا فى المصريين؟! نعم والله، ولكنه ركام تراكم، ضباب تكاثف، وران ما ران، فبعدت الآمال وهى قريبة، وتاهت الحقيقة وهى بين أيدينا.

إنها مصر التى لا تحتاج بما فيها ومن فيها إلى عون من أحد ولا إلى مساعدة من بلد، فمصر هى البلد والولد، والعدة والعدد، ولكنها تحتاج إلى عزم أكيد، وقلب شديد.

استنهضوا هممكم يا شباب مصر، استلهموا الجد والمجد من أجدادكم، واستحثوا العزيمة فى قلوبكم، واستنفروا التاريخ فى أرواحكم، لا يهزمنكم الوهن، لا تفتن فى عضدكم المحن، خير مصر فى أيديكم لا ينضب ولا ينفد فلا يخرجن من بينها، فهلموا إليه بالسعى والعمل تخرج خيراتها بلا حدود، إنها كنانة الله وفيها نيل الكنانة.