اغلق القائمة

الثلاثاء 2024-04-30

القاهره 02:03 م

الحوثيون فى اليمن

سحر رجب تكتب: الحوثى.. من صنعاء إلى باب المندب

السبت، 18 أكتوبر 2014 12:01 م

تكمن أهمية أى مجرى مائى فى العالم فى كونه محلا تتنافس من أجله القوى الكبرى وتتصارع من أجل المساس بمصالح الخصوم، أو تتعاون لتحقيق مصالحها الاقتصادية، مما يجعل هذه المنطقة منطقة جذب استراتيجى، هذا الحديث ينطبق على مضيق باب المندب ذلك الممر المائى الاستراتيجى، والبوابة الجنوبية للبحر الأحمر، وما يمثله من أمن قومى عربى وإقليمى.

ولقد شهدت هذه المنطقة حدثا ثوريا عام 1896، حيث عاد البحر الأحمر إلى غمار المنافسة مع الخليج العربى ورأس الرجاء الصالح، بافتتاح قناة السويس التى أعادت إلى البحر الأحمر أهميته التقليدية على الصعيد الدولى بوصفه طريقا بحريا مهما، وإعادته إلى الصدارة من جديد عندما اتصلت قناة السويس بالبحر الأبيض المتوسط.

تلك القناة التى جعلت البحر الأحمر أكبر عامل مساعد فى جغرافيا النقل، كما أعادت توحيد القارات بل وشكلت تغييرا جيوبوليتكيا (علم سياسة الجغرافيا).

وتوقعت القوى الاستعمارية وجود منافسة كبيرة على تلك المنطقة للأهمية الإستراتيجية الكبرى التى اكتسبتها بعد افتتاح قناة السويس فأخذت كل دولة تسعى إلى تثبيت أقدامها فيها، وكان الاهتمام بموانئ البحر الأحمر هو نقطة التحول فى عملية استعمار منطقة البحر الأحمر، ولأن القوى الاستعمارية كانت تحددها مصالح متباينة فكان لابد وأن تصطدم تلك المصالح وأن تتصارع فيما بينها للفوز بنصيب أكبر من هذه المنطقة.. ولعل من البديهى أن نقول اليوم إن باب المندب صار مطمعا جديدا لقوى تحاول فرض سيطرتها على المنطقة عبر أدواتها وأذرعها من داخل اليمن نفسه، الأمر الذى ينطبق على إيران التى بدأت تكشر عن نواياها فى المنطقة عبر الحوثيين الذين صاروا قاب قوسين أو أدنى من مضيق باب المندب.

وهو ما يعتبر تهديدا جديدا للأمن القومى المصرى والخليجى والعربى، يتزامن ذلك مع سعى إيران للسيطرة على الممرات الملاحية، بهدف عرقلة عبور السفن فى قناة السويس من العمق الجنوبى عبر مضيق باب المندب المدخل الرئيسى للبحر الأحمر، حيث كشفت مصادر يمنية عن وجود تحركات عسكرية لعناصر حوثيَّة نحو مضيق باب المندب بين البحر الأحمر وبحر العرب، وأن مسلحين حوثيين يسعون للسيطرة على المضيق الدولى، وأن هناك أشخاصا جرى استقطابهم من محافظة تعز خلال الأعوام القليلة الماضية لصالح الحوثيين، بعيدا عن الاعتقاد الفكرى أو المذهبى، بعد أن دعم الحوثيون شخصيات سياسية وقبلية مؤثرة فى المحافظة من أجل إيجاد موطئ قدم لهم فى هذه المنطقة المهمة تجاريا واقتصاديا والتى يتبعها مضيق باب المندب وميناء المخا الذى يعد إحدى محطات تهريب الأسلحة، إضافة إلى منطقة ذباب وغيرها من المناطق النائية على البحر الأحمر.

وهناك معلومات مؤكدة أن جزيرة ميون الذى يوجد به حوالى 300 شخص جنوبى أثناء سيطرة الحوثى على صنعاء قام الحوثيون بنقل وتسكين 23 أسرة شمالية حوثيَّة فى الجزيرة، ولذا تقارب عدد الأسر الجنوبية بالشمالية مما يدل على نية الحوثى التوسعية التى تمهد بالسيطرة على موانئ البحر الأحمر ومضيق باب المندب، ومسعى إيران يهدف إلى إغلاق مضيق باب المندب جنوباً عبر احتلال جزيرة ميون المتحكمة فى المضيق بشكل شبه كلى، وتحويلها إلى قاعدة عسكرية إيرانية لمواجهة القاعدة العسكرية الأمريكية فى الهند.

وفى نفس السياق، أكدت مصادر يمنية عن وجود آلاف المسلحين فى محافظة الحديدة بغرب البلاد المطلة على البحر الأحمر يتبعون الحوثى، وأن هناك تحركات شعبية لمنع تحويل الحديدة ساحة جديدة للصراع، والتصدى لأى مسلح من خارج المنطقة بكل الطرق السلمية.

ومن المؤكد أن سقوط العاصمة صنعاء بيد "أنصار الله" فتحت شهيتهم للتوغل إلى البوابة الجنوبية للبحر الأحمر وزعزعة الأمن القومى العربى الذى يمثل فى سياسة إيران هدفا استراتيجيا للتوسع الفارسى، بعد أن نجحت أطماع الجماعة فى تشكيل تحالفات جديدة مع قيادات عسكرية وسياسية قريبة من الرئيس السابق على عبد الله صالح فى البحر الأحمر حيث مضيق باب المندب، وهو الممر الذى يتحكم بالتجارة العالمية بين 3 قارات هى آسيا وأفريقيا وأوربا.

ويحذر الكثير من المحللين من سيطرة أى جماعات مسلحة على باب المندب ويعتبرونها كارثة ينبغى عدم السكوت عنها، وما تمثله من تهديد للأمن الإقليمى بشكل عام.

ويؤكدون أن إيران تسعى منذ سنوات إلى تحقيق هدفها الاستراتيجى فى التحكم بالممرات المائية الاستراتيجية المحيطة بالوطن العربى، فهى تسيطر على مضيق هرمز الذى يمر من خلاله أكثر من 5 ملايين برميل نفط يوميا، وتحاول الآن السيطرة على باب المندب الذى يمر من خلاله 3 ملايين برميل نفط يوميا، إضافة إلى أنه ممر للتجارة الدولية لجميع الدول المطلة على البحر الأحمر، وحلقة الوصل بين الشرق والغرب فى التجارة الدولية.

ولعل من الأهمية القول إن الحوثى لا يملك حليفاً جنوبياً حتى اللحظة، فحتى الأطراف الجنوبية المتهمة بتلقى الدعم من إيران، لا تملك أى توافق على تواجد الحوثى على الأراضى الجنوبية، أو القبول بصفقة لتقاسم السلطة عبر فيدرالية ثنائية من إقليمين تكون للحوثى اليد الطولى فيها، لهذا سيسعى الحوثيون لخلق بديل جنوبى ضعيف والسيطرة الفعلية على جزيرة ميون للتحكم بالمضيق، وسيكون الخاسر هنا هو الجنوب والسعودية ومصر إقليمياً، وأميركا والقوى الكبرى دولياً.

قيام دولة حوثية فى جنوب المملكة العربية السعودية يعنى أن ايران وصلت الى حدود المملكة وأن هذا يعتبر خطرا لا يمكن تجاهله، وخاصة أن الحوثيين يجاهرون بعدائهم الشديد للرياض.

لا يمكن إيقاف الحوثى، فقد تم تقويته من إيران ونظام صنعاء السابق، وأصبح القوة الأكبر فى اليمن، ويمكن محاصرته وإبقائه ضمن نفوذه الشيعى فى اليمن، بخطوة استباقية تقوم على التنسيق بين السعودية ومصر تجاه اليمن لحماية مصالحها وأمنها القومى.

والسؤال الذى يطرح نفسه هل من المقبول السماح للحوثى بالتمدد أكثر والتهام كامل اليمن، وما يمثله من خطر على الجميع بدون استثناء، من الضرورى أن يعى الجميع أن سقوط صنعاء لا يجب أن يكون سقوطا لليمن ككل، وبالتالى فلابد إيجاد خطط بديلة، تضمن وقف هذا الزحف، وتحجيم النفوذ الإيرانى.

كما نتساءل ما الذى أعده الخليجيون، فى حالة توسع الحوثى إلى باب المندب؟ هل هناك غرفة عمليات خاصة بهذا الشأن؟ وما هى خططها وآليات عملها؟ وإذا لم يكن هناك غرفة عمليات خليجية، فهذا يعنى كارثة بالمعنى الحقيقى، ولماذا لا يوجد تنسيق جاد من دول الخليج وتحديدا السعودية مع القيادات الجنوبية التى تنادى بالانفصال عن الشمال بعد ما ذاق الجنوبيون الذل والهوان ومارست عليهم كافة أنواع الانتهاكات والإقصاء من الطرف الشمالى باسم الوحدة 1994، وأظن أن الفرصة سانحة للجنوبيين بعد أن فتح شهيتهم الحوثى بسيطرته على صنعاء بأقل الخسائر، فهناك حاجة ماسة إلى دعوة مصر وكل حكومات دول الخليج لدعم استقلال الجنوب لمواجهة خطر التمدد الإيرانى.