اغلق القائمة

الجمعة 2024-05-03

القاهره 12:53 م

الأنبا إرميا

"الحكيم"

الجمعة، 10 أكتوبر 2014 11:06 م

يمتلئ طريق الحياة بالأحجار التى يتعثر بها السائرون. إلا أن مسؤوليتنا تجاه الحياة، التى سمح لنا الله أن نحياها، تنطوى على رغبتنا الداخلية الحقيقية فى النهوض والاستمرار فى المسير، ويقرر الإنسان أن ما فقده ما هو إلا خُطوة أولى ليستعيد ويحصل على كثير.

إن قوة الحياة وسعادتها تكمنان فى استعداد الإنسان الداخلى لتحقيق الإنجازات التى تأتى بعد عديد من مرات التعثر الشديد فى طريق الحياة مر به وقام منه. فإيمان الإنسان بالحياة وإمكاناته الموهوبة له من الله هى سر صبره واحتماله وقدرته على شق طريق إلى القمم. يقولون: "الهروب هو سبب الفشل الوحيد؛ فإنك لم تفشل ما دمتَ لم تتوقف عن المحاولة."؛ لذا لا تهرَب من مسؤولية الحياة.

قرأتُ قصة عن أحد الحكماء الذى كان يعيش فى منزل مع تلاميذه. وبينما هو فى رحلة بعيدة عن بلدتهم، اندلعت النيران فى المنزل واحترق كثير منه. إلا أن تلاميذه شعروا بمسؤوليتهم تجاه الحفاظ على المنزل الذى تركه معلمهم بين أيديهم أمانة وقد أهملوه . فقرروا البَدء فورًا بإصلاح ما بقى من المنزل. عاد المعلم من رحلته قبل الموعد المحدد لذٰلك، فوجدهم يعملون بجد فى إعادة بناء المنزل .

فقال لهم: أرى أن أمورنا تتحسن، فسوف يصبح لدينا منزل جديد! شعر التلاميذ بالإحراج من معلمهم، حتى إن أحدهم تقدم مقِرًّا له بحقيقة الأمر، وقال: لقد أهملنا المنزل فالتهمته النيران وأتلفت معظمه.

ولٰكن المعلم الحكيم أجابه: "لا أدرى، ما معنى كلماتك، لٰكننى أرى رجالًا لديهم إيمان بالحياة وبعزيمة صادقة يبدأون حياة جديدة. فحين فقدوا ما يملكونه، قرروا ألا يتحطموا على صخور اليأس، وعملوا ليكسِبوا كل شىء.

إن حياتنا مثل هٰذا المنزل الذى قد يتعرض للتلف أو الحريق، وحين نفقد فيها شيئًا، علينا أن نُسرع بعبور حواجز الألم واليأس لنعوض ما خسِرناه، بل كما قال الحكيم: إن يكون هٰذا هو الطريق لكسب كل شىء. تحكى القصة عن هدية قدِّمت إلى أحد الملوك، وكانت صقرين رائعين. فسلم الصقرين لكبير مدربى الصقور لتدريبهما.

لٰكن المدرب جاءه بعد شهور وأخبره بقدرة أحد الصقرين على التحليق فى عَنان السماء، فى حين رفض الصقر الآخر ترك فرع الشجرة الذى يقف عليه! جمع الملك الأطباء للعناية بالصقر، إلا أن أحدًا منهم لم يستطع حثه على الطيران.

أخيرًا قرر الملك إحضار أحد الفلاحين الخبراء، وفى الصباح كان الصقر يحلق فوق حدائق القصر!! سأل الملك الفلاح: كيف جعلتَ الصقر يطير؟ أجاب الفلاح: كان الأمر بسيطًا؛ لقد كسَرتُ الفرع الذى يقف عليه الصقر فحلَّق فى السماء.

ربما يسمح الله بكسر أحد الأفرع لتصبح لك قوة التحليق فى السماء؛ ومثل هٰذه القوة الجديدة لن تجدها خارجك بل هى كائنة فى أعماقك. قيل : "إن ما يسعى له الإنسان السامى يكمُن فى ذاته".

• الأسقف العام رئيس المركز الثقافى القبطى الأُرثوذكسى