اغلق القائمة

الإثنين 2024-05-06

القاهره 07:42 ص

سياسيو الحياد اللزج.. لا يريدون ولا يعرفون ما يريدون

الثلاثاء، 17 سبتمبر 2013 07:17 ص

أغلب الذين يملأون الدنيا ضجيجاً يعرفون مالا يريدون، ولا يعرفون ما يريدون، حيارى لا يعترفون بحيرتهم، ويصرون على لعب دور الفاهم العارف، ولو راجع كل منهم مواقفه و«تويتاته وبوستاته»، سوف يكتشف تناقضاته وأنه عجز مثل غيره من الناس عن الوصول إلى رأى حاسم. وأنه قد يكون تعرض للتضليل أو أضل غيره.

ربما كان من الأجدى أن يراجع هؤلاء مواقفهم السابقة. ربما كذب أو خانه التوقع والفهم، وليس أقل من أن يعترف هؤلاء بأخطائهم مثلما يطالبون السياسيين بالاعتراف. وعلى هؤلاء الزعماء الافتراضيين أن يعترفوا أنهم ضللوا غيرهم ممن وثقوا فيهم، وفقدوا هذه الثقة، وأصبح الناس العاديون يفضلون الاختيار بأنفسهم بعيدا عمن كانوا الأكثر فهما وعمقاً.
بعض الزعماء الافتراضيين، لا يميلون للآراء الواضحة، ويفضلون الاختباء خلف التعبيرات العاطفية حمالة الأوجه، يبالغون فى استخدام كلمات وتعبيرات، تتضمن الكثير من الدم والشهداء، والكثير من الإدانة للكل بلا تفرقة. وينقسمون هنا بين زعماء أساسيين وأغلبية تابعة تنقل شفاهة وتتبنى وجهات نظر الزعماء بلا تفكير.

عرفنا دعاة مدنيين ينقلون اجتهادات وتجارب وافتراضات على أنها نتائج نهائية، ويقيسون على تجارب من دون حسابات الاختلاف، ومن دون أن يعترفوا بأنها اجتهادات، وهم هنا لا يختلفون عن بعض الدعاة الدينيين الذين يفتون بآراء شخصية يزعمون أنها قاطعة.
وخلال عامين ونصف ظهر زحام من محدثى السياسة من مثقفين وإعلاميين أعجبتهم صورهم وهم يقدمون على أنهم يفهمون «الكفت» وخبراء ثورات بكل الألوان وكان الواحد منهم ينجعص منتفشا ليشرح عن الثورات هنا وهناك ويؤكد رفضه لما يجرى وما هو قائم وما هو قادم، من دون أن يقدم بدائل، ورأينا نشطاء تحولوا لإعلاميين، وإعلاميين تحولوا إلى سياسيين، من دون تمييز بين الأدوار، والنتيجة دور مختلط ومزدوج ومتأفف بلا حل ولا نتيجة.

ومايزال الحائرون محيرون، من الصعب معرفة ما يريدون فى السياسة. ومع عودة طرح الانتخابات، يرفضون كل ما هو قائم، فهذا عسكرى وهذا قريب من العسكر، وذاك نصف فلول، أو ناشط وليس سياسياً. ولا يدركون أنهم يضاعفون الحيرة، ويدفعون نحو الأسوأ من الاختيارات، وبعضهم احترف الاختفاء فى الأوقات الصعبة حتى لا يحسب له موقف ما، ويفسر كل طرف اختفاءه بطريقته، ويخرج هو نفسه ليسرب تفسيرات حمالة أوجه. وبعضهم يقف على خط يحفظ له مكاسبه، من إرضاء المشاهدين والقراء.
لم يكن لأغلبهم موقف قبل يناير، وظهروا بعدها من دون أن يعترفوا بالصدمة، أو يقولوا شيئاً، ولم يدركوا أن الناس العاديين لم يعودوا بسذاجة طلاب فى درس.

هؤلاء الحائرون والمحتارون المحيرون يعبدون صورهم أمام الكاميرات يقفون على حياد لزج. كلما طرح عليهم اسم مرشح، «يطلعون فيه القطط الفاطسة»، يؤكدون أنه ضد الفرد وحكم الفرد، وإذا سألتهم عن مواصفات من يريدون سيقدمون مواصفات لفرد وتراهم يدعمون الفردية، أو يسفهون فى الرفض من دون تقديم بديل وهو ما جعل الناس تذهب بعيداً عنهم. لأنهم لا يعرفون ماذا يريدون، ويعرفون فقط ما لا يريدون.