اغلق القائمة

الجمعة 2024-05-10

القاهره 05:22 ص

مرسى وسوريا.. رقصة الوداع!

الأحد، 16 يونيو 2013 10:57 م

عفوًا.. إذا كنت تظن أن قرار الرئيس مرسى أمس السبت بقطع العلاقات مع سوريا يدخل فى باب دعم الشعب السورى فى مواجهة طاغية، فظنونك ليست فى محلها، ذلك أن الدكتور مرسى يدرك تمامًا أن وضعه الرئاسى بالغ الحرج، وأن كرسى العرش الذى يستمتع بالجلوس عليه منذ عام قد تخلخلت قوائمه بفعل إداراته الفاشلة للبلاد، لذا هرول الرجل نحو حضن الأمريكان طالبًا حمايتهم، لأنهم هم الذين دعموا جماعة الإخوان بتواطؤ مريب مع المجلس العسكرى، ليستولوا على حكم مصر.

الكل يعرف أن الأمريكان قد شددوا الخناق على نظام بشار الأسد هذا الأسبوع، وقرروا تزويد المعارضة بالسلاح، وأن قوى الغرب أبدت مساندتها القوية للجماعات المناوئة للأسد بشكل متسارع هذه الأيام، وقد قرأ الدكتور مرسى الرسالة جيدًا، وقرر أن يكون ملكيًا أكثر من الملك، فأقدم أمس السبت 15 يونيو 2013 فى مؤتمر الأمة المصرية لنصرة الثورية على قطع العلاقات مع سوريا وسحب السفير المصرى من دمشق، ليثبت للأمريكان أنه ممثل مطيع لما يريدونه، وليؤكد مرة أخرى أن الرعب قذف فى قلبه من يوم 30 يونيو المقبل.

كل الدلائل التاريخية تشير إلى أن من يتغطى بالأمريكان (عريان)، وأن من يهجر شعبه ويظلمه ويفقره لا مستقبل آمناً له.

وقد فعلها السادات، ومصيره معروف، ولم يتعظ مبارك، فاستبد وقهر الناس وألقى بنظامه فى حضن الأمريكان، فثار عليه الشعب وتجرع الرئيس المسجون من كأس الإذلال ما لا يطيقه بشر.

والآن يركض الدكتور مرسى فى الطريق البائسة نفسها، يقطع العلاقة مع سوريا إرضاء للأمريكان، وإلهاء للشعب الذى قرر إسقاطه سلميًا بعد أسبوعين.

اللافت للعجب أن الرئيس مرسى حاول أن يبدو أمس وسط أنصاره، وكأن لا ثورة قادمة ضده ولا يحزنون، لكن إذا دققت النظر جيدًا فى ملامحه المتوترة وحركة جسده المضطربة، وإذا استمعت بتركيز إلى الكلمات العصبية التى قيلت لتيقن لك أن النظام كله، وليس الرئيس فقط يعيش فى حالة ذعر مما هو قادم فى 30 يونيو، ذلك أن جماعة الإخوان ومن لف لفها من تيارات التأسلم السياسى تدرك جيدًا أنها أخفقت تمامًا فى حكم مصر وإدارة البلاد، وأن الغضب الشعبى من سلسلة الفشل المستمر قد وصل إلى مستويات كاشفة، وأن ذكاء شباب مصر الواعى والنبيل بلا حدود، ففى أقل من ثلاثة أشهر ابتكر الشباب حركة تمرد، لينضوى تحت لوائها أكثر من 15 مليون مصرى مهروا توقيعاتهم على استمارة سحب الثقة من السيد الرئيس.

المثير للدهشة بحق، والذى يؤكد ضحالة الفكر السياسى والإدارى عند حكامنا، أنهم ينظمون المؤتمرات لدعم شعب عربى ثائر ضد نظامه الدموى، فى حين أنهم غير قادرين على حل مشكلة وزير ثقافة مرفوض من غالبية المثقفين.

فهل يا ترى سينجح النظام فى دعم شعب هناك، بينما يفشل فى تحقيق مصالحة وطنية هنا؟

إن المؤتمر الذى أقيم أمس لم يكن لنصرة سوريا كما ادعى منظموه، بل كان بمثابة رقصة الوداع الأخيرة لنظام معتم فتت ومزق المصريين كما لم يمزقهم أى مستعمر غاز من قبل، وها هى الثورة السلمية الثانية آتية لا ريب فيها بعد أيام. فشاركوا فى الثورة وانتظروا.. إنى معكم من المنتظرين.