اغلق القائمة

الأربعاء 2024-05-08

القاهره 12:39 ص

تنظيم «قالوا له».. المخابرات فى زمن النميمة

الخميس، 28 مارس 2013 07:48 ص

يبدو أن السياسة لن تترك طوبة على غيرها فى الدولة، والسياسيون فى رحلة البحث عن السلطة لا يفصلون بين ما يخص الدولة وما يخص السياسة. نقول هذا بمناسبة التصريحات الغريبة التى أعلنها رئيس حزب الوسط المهندس أبوالعلا ماضى فى تصريحات تليفزيونية قال فيها إن الرئيس محمد مرسى، أخبره بأن جهاز المخابرات العامة أنشأ تنظيما من 300 ألف بلطجى، وتسليمه للمباحث ثم أمن الدولة. التصريحات جاءت فى وقت ملتبس، وتعامل معها البعض على أنها مقصودة خاصة أنها تشابهت مع تصريحات لقيادات إخوانية أخرى تحدثت عن تنظيم البلطجية المزعوم ونسبته لأمن الدولة السابق، كما تكررت على لسان الدكتور محمد البلتاجى أثناء خلافاته مع نخنوخ بعد القبض عليه.
والمشترك فى كل هذه التصريحات أنها تدخل فى سياق «قالوا له»، لكن الخطورة فى كلام رئيس حزب الوسط أنه نسبة للرئيس مرسى، فى سابقة سياسية غريبة أن يخرج سياسى أو مسؤول أيا كان ليتحدث بشكل عادى حول أحد أجهزة الدولة التى تختص بالمعلومات ويوجه اتهامات خطيرة بناء على «قالوا لى»، لكن من قال له هذه المرة هو الرئيس نفسه، والذى يفترض أن جهاز المخابرات يتبعه مباشرة، ويحق له أن يتخذ ماشاء من إجراءات وتحقيقات.
المثير أن الرئاسة تعاملت مع تصريحات ماضى بشكل عادى وكأنها مجرد « توك شو»، ولم تفكر فى التعامل مع الأمر بمسؤولية رئاسية، خاصة أن الأمر يتعلق بأحد أهم أجهزة الدولة، فضلا عن أنها تخلو من المنطق والترابط.
ومع أن المهندس أبو العلا ماضى حاول ومعه حزب الوسط إزالة آثار التصريحات، لكنه لم ينف أن الرئيس قال له ذلك، والخلاف فى التوقيت.
اللافت هنا أن رئيس الجمهورية يدردش بشكل عادى جدا عن أجهزة الدولة مع جلسائه، بشكل يجعل مثل هذه القضايا معروضة علنا ليس فقط للرأى العام فى مصر، لكن لدول العالم المختلفة ومنها أجهزة منافسة أو متصارعة، فى عالم يدور فيه الصراع الرئيسى على المعلومات، فإذا بنا نفشى من يفترض أنها أسرار، ناهيك عن أنه مجرد كلام نميمة لتمضية الوقت، هذا إذا افترضنا حسن النية، أما فى غير هذا فنحن أمام جزء من تسريبات ضمن حملة لمتابعة هدم جهاز المخابرات، لتحويله من جهاز للدولة إلى جهاز للسياسة يخوض معاركها، ويضرب بعصاها، وهو ما قد يقود الجهاز لمأساة مثلما جرى قبل حرب يونيو وانتهى بحملة تطهير أبعدت جهاز المخابرات عن السياسة الداخلية.
ويشغل جهاز المخابرات فى مصر مكانة فرضها الواقع فى المنطقة والعالم، وخلال سنوات حكم مبارك كان جهاز المخابرات يعمل فى مناخ دولى وشرق أوسطى ملىء بالتجسس والحروب المعلوماتية، رأينا حروب مخابرات فى العراق وأفغانستان، ولبنان ولا ننس إسرائيل، وسجل نقاط نجاح واضحة وكان دوره مهما فى صيانة كيان الدولة قبل وأثناء وبعد ثورة يناير، وعندما يأتى الهجوم عليه بنميمة وكلام غير مسؤول، تخرج علامات استفهام، عما إذا كان الرئيس يدرك قيمة الدولة ومصالحها الأكبر بعيدا عن معارك صغيرة قائمة على «قالوا له».