اغلق القائمة

الأحد 2024-04-28

القاهره 06:19 ص

مرسى والفشل فى إدارة الأزمة!

الأحد، 03 فبراير 2013 04:00 م

غريب وصادم أن تتحول الذكرى الثانية لثورتنا السلمية الملهمة لأزمة يفشل الرئيس وحكومته وكل الأحزاب والقوى السياسية فى إدارتها، فالجميع استسلموا لمناخ الأزمة وتعاملوا معها بأسلوب رد الفعل والإدارة السلبية، فلا أحد منهم توقع ما سيجرى أو تعامل معه بجدية وسرعة لاحتواء آثار وتداعيات الأزمة، ويبدو أن أيا منهم لن يتعلم من الأزمة ويطور أداءه، ذلك فالأزمة حسب الطريقة المصرية المعتادة تحولت إلى كارثة، حيث سقط أكثر من سبعين قتيلا ومئات الجرحى، رغم أنه كان بالإمكان تفادى وقوع الأزمة أصلا، أو التعامل معها بفاعلية لاحتواء آثارها السلبية.. كان من الممكن تحديد موعد جلسة الحكم فى قضية استاد بورسعيد بعد 25 يناير بأسبوعين، بحيث يكون هناك فاصل زمنى ونفسى بين ذكرى الثورة، والآثار المتوقعة للحكم التى كان من البديهى أنها لن ترضى إما ألتراس الأهلى أو ألتراس المصرى، ما يعنى وببساطة أن هناك سيناريوهين لا ثالث لهما، وبالتالى كان يمكن للحكومة والأجهزة الأمنية التفكير فى كل سيناريو ووضع خطط كفيلة لاحتواء أى أزمات محتملة، كان من الممكن لأى إنسان عاقل أن يقرأ بسهولة علامات الإنذار المبكر للأزمة، فقد توافرت أسباب الغضب وخيبة الأمل والشعور بالإحباط، فالأحوال المعيشية لم تتحسن، إنما ازدادت سوءا، والاقتصاد يتدهور، ومعدلات البطالة ترتفع، والدولة غائبة أو ضعيفة، والرئيس وجماعته لا يحترمون القضاء ودولة القانون، ويسعون للاستحواذ على السلطة وأخونة المجتمع، فى هذا السياق تعمق الانقسام السياسى وانتشرت الدعوات للتظاهر لاستكمال تحقيق أهداف الثورة، بل إسقاط الرئيس. القصد.. توافرت إشارات الإنذار المبكر بالأزمة القادمة، ومع ذلك تجاهلها الرئيس وجماعته، وتعاملوا بمنطق أن المعارضين «أقلية متآمرة» تكره الإسلام، وأن الأحكام فى قضية الألتراس لن تشكل أزمة وستمر فى سلام، أما مظاهرات الذكرى الثانية للثورة فإنها لن تكون كبيرة أو مؤثرة.

إنكار الرئيس وحكومته وجماعته الحقائق على الأرض يعنى أنهم يعيشون فى عزلة، ويتعاملون مع الوقائع على الأرض بطريقة انتقائية وأيديولوجية - أى أيديولوجيا تقوم على أوهام وإدراك زائف للواقع - يقبلون ما يتفق وأحلام التمكين، وقيام الدولة الإخوانية، ويرفضون ما يخالف ذلك، لذلك لم يسلموا بحقيقة أن الوطن فى أزمة بسبب سياساتهم الخاطئة، وأنهم مثل أى فصيل سياسى لا يمكنه تحمل مسؤولية حكم مصر فى هذه المرحلة بمفرده، ربما لاعتقادهم أنهم الامتداد الطبيعى للسلف الصالح الذى بنى دولة الإسلام. هذه التحيزات الأيديولوجية والأوهام «المرضية» كانت وراء إنكار وجود أزمة واستبعاد تفجرها، وبالتالى عدم الاستعداد لها، والأخطر عدم التحرك السريع لاحتواء الأزمة عند وقوعها، فالرئيس فضّل الصمت رغم عشقه للكلام والظهور الإعلامى، واعتمد فى مواجهة انفجار الأزمة على الحل الأمنى «الشرطة والجيش» بدلا من الحل السياسى، ثم دعا بعد خراب مالطا للحوار كمدخل للتوصل لحل سياسى، لكن دعوته جاءت عامة ومن دون جدول أعمال، كما تجاهلت مطالب جبهة الإنقاذ والثوار فى ميادين مصر، ما يعنى أنها محاولة جديدة لكسب الوقت، خاصة أن الحل الأمنى وعنف الشرطة ما يزال مستمرا، والأخطر أن مظاهر الفوضى وقطع الطرق ما تزال مستمرة فى ظل غياب مريب للشرطة وأجهزة الدولة. فى المقابل فشلت جبهة الإنقاذ فى السيطرة على المظاهرات والحفاظ على سلميتها، ولم تدرك مخاطر العنف والفوضى رغم ما صدر عنها من بيانات إدانة وشجب، ولا شك أن البيانات لا تكفى، وكان على الجبهة أن تدخل فى الحوار مع الرئيس بدون شروط لأن الأزمة تهدد كيان الدولة والأمن القومى. من هنا يمكن القول بأن كل الأطراف فشلت فى مواجهة الأزمة، والأدهى أن سلوكها يؤكد أنها لم تتعلم من الأزمة، ولم تستخلص من دروسها ما يجنب الوطن أزمات أخرى قادمة، لأن عوامل ومسببات الأزمة ما تزال قائمة وتبحث عن حل، وأعتقد أن وثيقة نبذ العنف التى صدرت برعاية الأزهر لن تنهى العنف لأن أسبابه كثيرة ومعقدة وتحتاج لحلول سياسية وتنمية اقتصادية وعدالة اجتماعية، وهى أمور لن تتحقق إلا من خلال مصالحة وطنية وحوار مجتمعى جاد وحكومة إنقاذ.